من العاصمة الاردنية عمان حملت معي بشرى تماثل الزميل العزيز عباس غالب للشفاء .. كما حملت شكره وعرفانه لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح من تكرم بعلاجه على نفقة الدولة .. ولكل من وقف بجانبه وشاركه آلام محنة المرض.. هذه البشرى هي أهم ما حملته معي من العاصمة الاردنية بعد ان زرت زميلنا عباس الى مستشفى الاردن بعد خروجه من غرفة التطبيب الى غرفة فندقية في انتظار متابعة الاطباء لاستقرار حالته وتقبل جسمه ومناعته لكلية من شاركته الحياة بكل ما تعنيه الكلمة .. أما ماذا اقوله عن العاصمة الجميلة عمان فلا اعتقد اني سآتي بجديد كون عشرات الآلاف من اليمنيين يزورونها او يقصدونها سنوياً وبينهم ولا شك من يعرف عنها اكثر مما اعرف .. الانطباع الذي أتيت به- وليس بالجديد- هو بإيجاز ما احوجنا الى وقفة جادة مسؤولة وعلمية لمعرفة اسباب عدم اطمئنان المواطن اليمني للخدمات الصحية الطبية المتوافرة في بلاده وعدم ثقته في الطبيب اليمني الامر الذي جعل لنا تاريخاً مليئاً بالحكايات والارقام في مجال التداوي على أيادي غير اليمنيين او الاستطباب في الخارج .. وكيف أخذ الامر شكل موجات متدفقة الى اكثر من دولة أو الى تلك الدولة ثم تركها واتجاه الموجات نحو دولة اخرى . من في سننا يعرف كيف اتجه اليمانيون طلباً للعلاج في المانيا الاتحادية - يومها- وبريطانيا - خاصة في سنوات الطفرة النفطية التي عمت خيراتها بلدان الوطن العربي ثم كيف كان الاتجاه نحو مصر ثم الاردن والعراق وكيف توسعت وانشأت مستشفيات في العاصمة الاردنية نتيجة لموجات طلب التدواي الوافد من اليمن وحتى يتم استيعابها والاستفادة من سيولتها النقدية. تلك ظاهرة مر عليها قرابة ثلاثين سنة ونيف ولم تدرس بالصورة المطلوبة بل ثم الحديث عنها في مقالات واحاديث عابرة لا تختلف عما يدور من حديث في جلسات القات رغم مئات ومئات الملايين من الدولارات التي يخسرها المواطن والاقتصاد اليمني ان الامر محير حقاً. نعرف ان ما بلغ اليه مستوى الطب وخدماته في الاردن الشقيق هو احدى ثمار خطة الملك المرحوم الحسين بن طلال لبناء المملكة الاردنية الخالية من الثروات الطبيعية بالانسان الذي صار فعلاً اغلى ما تمتلكه الاردن وهذا ما جعل من الاردن هبة الملك الحسين للاردنيين وجعل من مستشفيات عمان هبة الحسين للعرب الذي يقصدونها للتداوي.. ولكن ما نريد معرفته بشكل دقيق هو لماذا لا تستقبل عمان من المرضى القادمين من السعودية او الامارات او العراق ودول المغرب العربي ما تستقبله من اليمن التي صار بعض الاردنيين يتحدثون بلهجة ابنائها الذين يناديهم الباعة وسائقو التكاسي «يابو يمن» بمجرد معرفته من هيئته . إن فقدان او زعزعة ثقة اليمني في الطب والتطبيب في بلده بحاجة الى دراسة بغرض المعالجة لا بغرض الحديث لذاته او السولفة كما يقول اخواننا في الخليج..لا اعتقد ان الاختلال في القدرات الذهنية او العقول فلدينا من الاطباء من يضاهي نظيره في الاردن او مصر او الهند .. واذا كان الامر كذلك فعلينا ان نعرف هل الاختلال في مستوى التحصيل والاخلاص للمهنة ؟ هل في الضوابط ومعايير ممارسة المهنة ؟هل في الادارة ؟هل في الاجهزة والمعدات ومقدرة التعامل معها ؟هل في عدم الاكتراث بأهمية مهنة على قدر من الخطورة وعدم احتمال الخطأ او الانحراف بها .. كمهنة الطب ..؟ نريد اجابة علمية بغرض المعالجة إن لم يكن من أجل أغلى ما نملكه وهي الصحة والحياة فمن أجل اقتصاد البلاد.