تلقى تنظيم القاعدة وعناصره المتطرفة في محافظة أبين ضربات موجعة من قبل أبطال القوات المسلحة والأمن، الذين اجترحوا شواهد من الفداء والتضحية والإيثار وهم يواجهون خطر الإرهاب الذي يستهدف أمن واستقرار الوطن ومصالحه العليا وسكينته العامة، وقيمه الدينية الراسخة التي تستند إلى قيم الوسطية والاعتدال والتسامح، ونبذ التعصب والغلو والتطرف بكل أشكاله وصوره. ومن خلال ما تقدم يتأكد بالدليل القاطع أن اليمن اليوم تخوض معركة شرسة مع تنظيم الإرهاب، الذي لاشك وأن عناصره باتت تستغل الأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية لتوسيع أنشطتها الإجرامية في بعض الأقطار، لما من شأنه ضرب الاستقرار فيها وإجهاض قدراتها وإضعاف مناعتها ومقاومتها للمشروع الإرهابي التدميري، الذي تعهدت عناصره بتعميمه بالقوة المسلحة. وتدل كل الشواهد القائمة على أن اليمن صارت على رأس قائمة الاستهداف الإرهابي، إلى درجة بدت فيها تضحياتها هي الأعلى على مستوى العالم. ويكفي أن يعلم الجميع أنه وخلال الثلاثة الأيام الماضية فقط قدمت اليمن أكثر من تسعين شهيداً وبطلاً من أبطال القوات المسلحة والأمن الأفذاذ، في المواجهات التي جرت، ولا تزال، في محافظة أبين فضلاً عن الخسائر الاقتصادية والاجتماعية، والمعاناة التي يتكبدها المواطنون جراء تشرد الآلاف من منازلهم ومناطقهم فراراً من جرائم الإرهاب وعناصره. وعليه فإذا كانت اليمن تخوض هذه الحرب انطلاقاً من قناعتها الوطنية بأن الإرهاب شرٌّ مستطير، يهدد أمنها وسلمها ومصالحها، فإنها أيضاً بهذه الحرب تؤكد التزامها بدورها كشريك للمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب. وأنها حينما تنهض بهذه المسؤولية تؤكد للقاصي والداني أن الظروف الصعبة التي تمرُّ بها لن تشغلها عن التصدي لمخططات الإرهاب، وعناصره الإجرامية التي لابد وأن الأحداث التي تشهدها اليمن منذ أربعة أشهر قد أغرت هذه العناصر للتمدد في أنشطتها اعتقاداً منها بأن هذا هو الوقت المناسب للانتقام من اليمن، والتسرب في نسيجه الاجتماعي، عبر أهم مقوم من مقومات الهوية الجمعية للشعب اليمني، وهو الدين الذي يمكن استغلاله بالتعاون مع بعض التيارات الأصولية كحركة الإخوان المسلمين ممثلة في التجمع اليمني للإصلاح، لبلوغ هدفها، ويمكن لأي شخص يمتلك قدراً ولو محدوداً من الإطلاع أن يقف على حقيقة هذا التلازم في الأهداف. فالقاعدة وإن كانت تسعى لتحويل اليمن إلى صومال آخر، من خلال الاستفادة من تضاريسه وجغرافيته لنشر مشروعها الظلامي إلى كافة دول الجزيرة العربية والخليج، فإنّ حركة الإخوان المسلمين والتي عملت بكل الوسائل على استغلال ثورة الاحتجاجات في بعض البلدان العربية لدفع عناصرها إلى الاعتصامات، والقيام بأعمال العنف والتخريب، وصولاً إلى تعميم الفوضى، وهو ما يسعى اليه أيضاً تنظيم القاعدة باعتبار أن الفوضى هي من ستمكن حركة الإخوان المسلمين من القفز إلى السلطة وستمنح عناصر القاعدة فرصة إقامة ما يسمى بالإمارة الإسلامية. ولكن ما لم يكن في حُسبان كل من حاكوا خيوط هذه المؤامرة القذرة، أن اليمن يمتلك مؤسسة عسكرية وأمنية جعلت الوطن في حدقات عيونها، وتعهدت بالمنافحة على أمن واستقرار ووحدة هذا الوطن، مهما قدمت من التضحيات والدماء الزكية من أجل المحافظة على مكتسباته وثوابته وحياضه وسيادته الوطنية. وهاهي هذه المؤسسة الوطنية العملاقة من خلال هذه البطولات التي تجترحها والملاحم التي تسجلها وتسطرها في محافظة أبين ضد عناصر الإرهاب والتطرف من تنظيم القاعدة تؤكد انتصارها لتلك المعاني على أرض الواقع، مبرهنة على أن اليمن ستظل أقوى من كل التحديات، وأنّ مَنْ أرادوا الزج بها في أتون الفوضى والعنف وإيقاعها في حبائل الفتنة والحرب الأهلية في إطار مخططهم البائس والخبيث الذي دبر بليل، لن يحصدوا إلاّ خيبتهم وخزيهم، حتى وإن تحالف معهم كل أشرار الأرض. ويستحيل أن تكون الغلبة لمعاول الهدم والإرهاب والتخريب وتجار الحروب ومثيري الفتن وأصحاب المشاريع الظلامية، لأن الباطل يظل باطلاً سواء تدثر بلبوس الإرهاب أو بقناع التمرد والخروج على النظام والقانون والشرعية الدستورية أو تغطى برداء الشعارات الانفصالية والمناطقية والجهوية والعنصرية والعصبية القبلية فالباطل إلى زوال وصدق الله العظيم القائل: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ).