الأحداث بمستجدات تصعيداتها وتعقيداتها وتحدياتها التي تشهدها الساحة اليمنية تؤكد اليوم أكثرمن أي وقت مضى ضرورة الحوار الوطني الشامل، وأن لا حل ولا مخرج يحقق تطلعات اليمنيين باختلاف فئاتهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم إلاّ بالجلوس على طاولته ومناقشة كافة القضايا بمسؤولية وشفافية ووضع المعالجات الواقعية والموضوعية المنصفة والعادلة لها. ولا بديل للحوار إلا الصراعات والحروب والتشظي والفوضى، وأي قوى تعتقد أنها قادرة على فرض إرادتها الضيقة واهمة، وستدفع ثمناً باهظاًإذا أصرت فرض أجندتها ومشاريعها الحزبيةوالمناطقية والقبلية والطائفية والمذهبيةوالجهويةعلى اليمن وشعبه التواق إلى وطن جديد.. خالٍ من الظلم والطغيان والفسادوالإقصاءوالتهميش.. تحققه الدولة المدنية القوية القادرة على تحقيق النظام والقانون والمواطنة المتساوية لكل أبناء اليمن جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً دون استثناء في الحقوق والواجبات. وهذا يستوجب استيعاب أننا جميعاً ننتمي إلى وطن نلتحف سماءه ونفترش أرضه وننعم بخيراته ويتسع لنا جميعاً، وبالتالي لا خيار لنا إلا أن نتفق ونتوافق على صيغة جديدة وفق عقد اجتماعي جديد يضمن شراكة حقيقية بين كافة أبنائه في السلطة والثروة ومن خلال مؤسسات حكم رشيد يترجم طموحات اليمنيين في التغيير المؤدي إلى نهوض الوطن وبناء الانسان اليمني الجديد الخالي من عقد ونزعات وأمراض الموروث الماضوي المتخلف الذي ما زال يحاول البعض استحضاره واعادة انتاجه.. متصوراً أن بمقدوره العودة الى الهيمنة والنهب والاثراء غير المشروع على حساب معاناة وأوجاع ملايين اليمنيين الذين خرجوا إلى الميادين والساحات من أجل تغيير واقعهم الظالم والقبيح الذي وصل إلى طريق مسدود وكارثة حقيقية بسبب عقلية حكمت عبر افتعال الأزمات والفتن والصراعات والحروب بهدف الاستحواذ على مقدرات الوطن وموارده وهي سياسة مقيته انتجت بيئة لم تنمو فيها إلا الضغائن والأحقاد والعنف والارهاب وثقافة الكراهية بين أبناء شعبنا.. ولعل في هذا المنحى ما جرى في صعدة والمحافظات الجنوبية النموذج الأبرز لتلك السياسة التدميرية التي يدفع شعبنا ثمنها حتى اليوم، والتي مداواة جراحها جعلها في صدارة أولويات مؤتمر الحوار الوطني القادم. وهذا يخلص بنا إلى انه ليس أمامنا إلا التغيير التام أو الموت الزؤام.. التغيير الذي يتجاوز بنا دوامة محن الماضي وتحديات ومخاطر الحاضر, لتشييد مستقبل على أسس واضحة تلبي متطلبات وتطلعات كافة أبناء اليمن في الوحدة والأمن والاستقرار والرقي والازدهار.