الشعب اليمني قيادة وشعباً اتسم بالحكمة منذ فجر التاريخ الى عصرنا هذا فهو دائماً يحكّم عقله في كل الأمور.. فقد ضربت الحكمة اليمانية بجذورها في أعماق التاريخ بداية بالملكة بلقيس التي حكمّت عقلها عندما انتهك سيادة بلدها الهدهد حاملاً معه رسالة من سليمان عليه السلام فشاورت قومها وانتصرت بحكمتها وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين. ومروراً ببزوغ فجر الاسلام، فبحكمة الأصل اليماني قد تجلت في الأوس والخزرج الذين استقبلوا خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم- واحتضنوه وآووه ونصروه، أيضاً قراءاتهم لواقعهم قراءة عقلانية حكيمة وفاحصة فدخلوا الاسلام برسالة وحصلوا على أعلى وسام من أشرف خلق الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم بقوله: «الإيمان يمان والحكمة يمانية». فهم دائماً ينتصرون في كل مواقفهم بالحكمة والعقل ويخرجون الى بر الأمان في أغلب أزماتهم ومشاكلهم.. وما مرت به بلادنا من أزمة طاحنة لخير دليل على ذلك يترجم تلك الحكمة وذلك الوسام العظيم الذي تحلت به قيادتنا السياسية وشعبنا العظيم. فتجلت حكمة شعبنا بصبره وثباته وتضميد جراحه ونسيانه الماضي بكل آلامه ومآسيه التي خلفتها الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد وذلك باتجاهه نحو الحوار الذي يعتبره الحل الأوحد لحل كل مشكلاته، وظهرت حكمة القائد بقلبه الواسع وسعة صدره وتعامله مع الأزمة بعقلانية وتأنٍ وذلك باتخاذه القرارات الجمهورية الحاسمة التي لملمت صفوف القوات المسلحة والأمن بعد أن كانت منشقة ولاؤها شخصي، فأعاد هيكلتها وجعل ولاءها للوطن دون غيره تلبية لمطالب الشعب. وأيضاً أصدر قرارات تعيينات توافقية في المؤسسات المدنية والتي أعادت الطمأنية بين الفرقاء السياسيين وردمت هوة الخلاف والاختلاف وما ترتب عنها من أزمة وذلك بمشاركة كل المتصارعين في مؤتمر حوار وطني أبدى كل منهم تسامحه وأسفه على الأحداث التي جرت وطي صفحة الماضي المظلمة وفتح صفحة جديدة مشعة تتسطرها المحبة والإخاء الذي يؤسس عليه حل كل القضايا الوطنية العالقة من خلال معرفة أسبابها وجذورها وذلك عبر الفرق التي شُكلّت بالتوافق في مؤتمر الحوار الوطني، وما إحراز هذا التقدم في الساحة الوطنية إلا ثمرة من ثمار حنكة وحكمة القيادة السياسية التي استطاعت إنقاذ سفينة الوطن من أمواج عاتية كادت تغرقها و أبحرت بها الى بر الأمان