يزهو بمباهج أفراح احتفالات شعبنا اليمني بيوبيله الذهبي المتوهجة بانتصارات وطنية وحدوية تجسد حقيقة ان اليمانيين الذين خاضوا بطولات معارك النضال التحرري ضد الاستعمار البريطاني وصنائعه من تلك الركائز التي من خلالها وعبرها استطاع إيجاد الفرقةوالتجزئة إلى إمارات وسلطنات ومشيخات قزمية متصارعة.. معتقداً أنه بذلك أخضع وسيطر على أبناء شعبنا الحضاري العريق، غير مدرك- المستعمر الغاصب- أن مكره ودهاءه وجبروته لا يمكنه، من ان يخضع شعباً عظيماً يأبى الإذعان أو الاستسلام والرضوخ لمثل هكذا أوهام لمستعمر غاصب، ولا يمكن لأية قوة على وجه الأرض إذا ما انفجر غضبه وقرر استعادة حقه في أن يعيش حراً مستقلاً موحداً، وبالمثل كذلك لا يمكن لفسيفساء الكيانات الصغيرة أن تحد من إرادته في بناء دولة واحدة على طريق توحيد الوطن اليمني الذي تجلى من اليوم الأول في جدلية النضال والكفاح ضد استبداد وطغيان نظام الإمامة الرجعي المتخلف في شمال الوطن وعسف وقهر المستعمر البغيض في جنوبه.. ومن هنا فإن قيام ثورة 26سبتمبر 1962م والتفاف اليمنيين حول قيادتها ليهبوا من الشمال والجنوب للدفاع عن هذه الثورة التي لم تشكل سنداً فحسب، بل مثلت أرضية انطلاقة لثورة 14أكتوبر 1963م، التي بدأت شرارتها من قمم جبال ردفان الشماء.. حين دشن الذئاب الحمر كفاح شعب أبي لا يقبل أن يعبث بوجوده وكرامته محتل أجنبي، فكانت التضحيات وقوافل الشهداء الذين سطروا بدمائهم الزكية الطاهرة ملاحم بطولية دونت في سفر التاريخ النضالي التحرري المعاصر لشعبنا بأحرف من نور ستظل منارة وفناراً تسترشد به الأجيال وهي تصنع حاضرها ومستقبلها الأجمل.. إننا ونحن نحتفى اليوم بإكتمال خمسة عقود من عمر الثورة الأكتوبرية الخالدة، يتوجب علينا استلهام إيمان وشجاعة وأقدام أولئك المناضلين بعدالة قضيتهم ليتمكنوا في ظل أوضاع وظروف بالغة الصعوبة، وبإمكانيات بسيطة زلزلت الأرض وهزمت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس- نعم- نستلهم ذلك في مواجهة التحديات والأخطار التي تعترض مسارات بناء اليمن الجديد، والتي نتجت في مجملها عن تراكمات أخطاء ذاتية وموضوعية مورست- صراعاً واحتراباً وفساداً- في فترات قريبة وبعيدة طوال أكثر من نصف قرن تصدى لها شعبنا وقاومها عبر حراك وثورة شبابية شعبية سلمية امتدت من الجنوب إلى الشمال ومن الغرب إلى الشرق، انبثقت منها تسوية سياسية عبر مبادرة خليجية رعاها أشقاء وأصدقاء اليمن.. تلاقت عندها إرادة التغيير الوطنية بحرص إقليمي ودولي على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وكانت الحكمة اليمانية حاضرة لاستبدال منطق الصراع بمنطق التلاقي، ولغة البنادق والمدافع بلغة أفكار ورؤى وتصورات العقول.. منتهجة سبيل التحاور على قاعدة أن اليمن يجب أن يكون وطناً لكل أبنائه، وحان الوقت لتحويل استحقاقات الآمال والتطلعات في التغيير وبناء دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية إلى واقع معاش والتي تتجسد فيه المشاركة والشراكة بين اليمنيين جميعاً في السلطة والثروة.. متحاشية في مسارها ونهجها أي نوع من الظلم أو شعور بالضيم والغبن أو أية ممارسات للإقصاء والتهميش ضد أي كان.. من أجل هذا كله انعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي نجاح المشاركين فيه من كل المكونات في إنجاز المهام المنوطة بهم، سيمثل أعلى درجات الوفاء الحقيقي لأولئك الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل انعتاق وحرية شعبهم وتمكينه من بناء وطن موحد مزدهر آمن ومستقر، يعيد للثورة اليمنية اعتبارها ولينم شهداؤها قريري الأعين فتضحياتهم لم تذهب هدرا.