إذا لم نتوافق الآن على إخراج وطننا وشعبنا من كل أزماته المتراكمة وما أنتجته من خلافات وصراعات وحروب وعنف، ونغلق أية إمكانية تعيدنا إلى الماضي القريب أو البعيد أو استجراره بكل مآسيه وويلاته فمتى نتوافق.. بعد أن نكون قد دمرنا بلدنا وحولناها إلى أشلاء متناثرة وأطلال خرائب يسكنها الشر وتحكمها شريعة الغاب.. لم يبق في نفوس أبنائها سوى الضغائن والأحقاد، حينها على ماذا سنتحاور وعلى ماذا سنتوافق وكيف سنتعايش حتى لا يندم الجميع على تفويت الفرصة التاريخية المتاحة لنا بنتيجة التسوية السياسية والتي مكنتنا من تحقيق خطوات كبيرة ومهمة في الكثير من مساراتها وفي صدارتها مؤتمر الحوار الوطني الذي وصل إلى مشارفه النهائية.. وفي موقف كهذا يجب ان لا نتيح للمماحكات والمناكفات والمؤامرات مجالاً لتستأثر باهتمامنا وننشغل بها.. وأن تحول دون تمادٍ ممن دفعتهم أوهامهم ومصالحهم الأنانية الضيقة إلى عدم فهم واستيعاب أن مصلحتهم الحقيقية تكمن في إنخراطهم الصادق والجاد والمسؤول في الجهود المبذولة من كافة أبناء شعبنا اليمني العظيم وعلى رأسهم الأخ المناضل الوحدوي الجسور عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية التي تصب بإتجاه تحقيق آمال وتطلعات وطموحات اليمنيين في التغيير المبني على العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والشراكة في السلطة والثروة التي ترتكز على دولة النظام والقانون المجسدة للحكم الرشيد.. لقد تهيأت الظروف الذاتية والموضوعية الداخلية والخارجية التي تمكننا من إنجاز تسوية سياسية تعطي اليمن واليمنيين القدرة على الانتقال السياسي السلمي الديمقراطي من مرحلة صراعية كارثية إلى مرحلة بناء اليمن الجديد الموحد المتسامح والمتصالح.. المتعاضد المتضامن.. السائر نحو صنع غده المشرق الذي لا مكان فيه لظلم أو ضيم أو فساد أو إرهاب، وهذا ليس بمستحيلٍ إذا ما أرتقى أطراف العملية السياسية بكل مكوناتهم وتوجهاتهم إلى مستوى موجبات هذه الفترة الدقيقة والمعقدة والحساسة التي يمر بها وطنهم وشعبهم من خلال تقديم التنازلات التي تحفظ وحدته وأمنه واستقراره ومستقبل أجياله، وخاصة في تلك القضايا المفصلية، لاسيما القضية الجنوبية وبناء الدولة اللتان بات الحل لهما واضحاً وجلياً، ولا يحتاج إقراره إلى صدق النوايا وتوافر الإرادة السياسية.. فالدولة الشطرية قد فشلت.. والوحدة الإندماجية المتعجلة هي الأخرى وصلت بنا -بفعل الأخطاء التي رافقتها- إلى حافة السقوط في مهاوي التشرذم والتمزق، ومصلحة اليمنيين شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً في الأخذ بالدولة الاتحادية، والتي دستورها يجب أن يحدد ماهيتها على أساس أنها غير قابلة للتجزئة أو التقسيم، ومن هذا النص تكتسب شخصيتها الاعتبارية القانونية الدولية.. إما أن تكون فيدرالية من إقليمين أو عدة أقاليم فهذا متروك لما يقرره مؤتمر الحوار الوطني، والذي بكل تأكيد سينتهي الحل إليه.. في هذا السياق وفي سياقات كل الحلول والمعالجات لقضايا اليمن ومشاكله التي تحظى بثقة وتأييد ودعم الشعب اليمني والمجتمع الدولي، وعلى رأسهم الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي والأصدقاء الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.. واليمن على مشارف انجاز اهم وأعظم استحقاق تاريخي بالاتجاه نحو بناء دولة مدنية حديثة، يبقى التأكيد هنا أنه ليس من مصلحة أحد وضع العصي في دواليب عربة الحوار بعد أن أوشك أن يصل إلى نهايته، أو السعي عبر بعض السلوكيات والممارسات والأعمال التخريبية والارهابية بهدف خلط الأوراق وإرباك المشهد السياسي بغية افشال التسوية، وعلى امثال هؤلاء أن يعوا ويفهموا بأنهم سيكونون الخاسر الأكبر تطاردهم لعنات الله والتاريخ وأجيال اليمن القادمة!! فالخيار الوحيد أمام جميع أبناء هذا الوطن بدون استثناء هو إنجاح الحوار الوطني الذي لا بديل عنه لإنقاذ سفينة اليمن من الغرق وإيصالها إلى بر الآمان!!