لم تمض إلاّ أيام قلائل على نجاح اليمنيين في حوارهم الوطني وحفل اختتام هذا الإنجاز الكبير والعظيم ليستتبعها بدء الانتقال إلى التطبيق العملي لمخرجاته وفقاً لأولويات مضامين وثيقته التوافقية الموقعة من كل مكوناته بصدور قرار الأخ الرئيس المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية تشكيل لجنة الأقاليم، ثم ترؤس اجتماع أعضائها يوم أمس ليمثل ذلك تأكيد مدى الجدية في ترجمة مخرجات الحوار إلى واقع يعيشه شعبنا في ظل دولة اتحادية مدنية ديمقراطية حديثة.. تحديد أقاليمها من مهام هذه اللجنة وفقاً لمعايير وطنية اجتماعية جيوسياسية واقتصادية وثقافية تحفظ وحدة اليمن وهويته الحضارية التاريخية، وتنهي الضيم والظلم والإقصاء والتهميش، وتحرر المكونات المجتمعية من مشاعر الغبن الذي عانى منه السواد الأعظم من أبناء الوطن في الجنوب والشمال والشرق والغرب، وبما ينهي المركزية بما تعنيه من تعقيدات بيروقراطية ناتجة عن هيمنة المركز على المنظومة الاقتصادية والمالية والإدارية للبلاد. وهو ما يخلق بيئة خصبة للفساد، والاخلالات والمعوقات لاي معطيات تنموية وما كان يوفر بيئة خصبة لتمركز قوى النفوذ وتغييب التوزيع العادل للسلطة والثروة..مسهماً كل هذا في الخلافات والصراعات والاحتراب والأزمات التي كادت تراكماتها أن تؤدي إلى كارثة الدمار والخراب وضرب الوحدة الوطنية وتمزيق وتشظي اليمن إلى أجزاء متناثرة متصارعة، وهذا هو ما كنا على وشك الغرق في هاوية فوضاه التي لا قرار لها، وهو ما يريد البعض استمراره مدفوعاً بنزعات المصالح الشخصية الاستحواذية التي آن لها أن تنتهي لأن أولئك البعض ليس لهم مصلحة في الانتقال إلى النظام الفدرالي. وبناء اليمن الجديد ودولته الاتحادية، وما يقومون به من تضليل وإشاعات وتباكٍ كاذب على الوحدة إنما هو عمل تضليلي، يوحون به بأن نظام الأقاليم يعني التمزق ويعني المؤامرة على وحدة الوطن والتشظي.. وهم في حقيقة الامر لم يستوعبوا ان شعبنا شب عن الطوق ولم يعد يصغي إلى ترهاتهم وخزعبلاتهم، وغير مدركين ان وعي شعبنا قد تجاوزهم بمراحل.. ويتوجب عليهم للحاق به مغادرة أوهام إمكانية العودة إلى الخلف والإبقاء على ماضٍ أصبح في ذمة التاريخ بما له وما عليه.. وهنا من المهم أن نقول لمن هم صادقون في مخاوفهم وخشيتهم على اليمن ووحدته أن يقرؤوا ويتأملوا ويعوا الحقائق ليستوعبوا فعلياً وبعمق محتوى الوثيقة التي خرج بها مؤتمر الحوار الوطني الشامل لتتبدد سحابة تفكيرهم الرمادي، وضبابية رؤيتهم وينظرون إلى الأمام بوضوح وعلى نحوٍ يمكنهم من استشراف مستقبل اليمن الموحد الجديد الآمن المستقر المزدهر وينتظمون في مسيرة الاصطفاف الوطني الهادف إلى تحويل وثيقة الحوار إلى حقيقة مجسدة في نظام إتحادي سياسي ديمقراطي تنموي مغاير مفتوحاً على آفاق رحبة وفضاءات لا متناهية من التطور والتقدم والرقي والرفاهية، الذي تحققه دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية الاتحادية.. في هذا السياق كانت كلمة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي في حفل الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني وفي حديثه للجنة تحديد الأقاليم قد حدد مسيرة الاتجاه نحو المستقبل، وهو من خلال ذلك يقول ليس فقط لمن شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني، ولا لأعضاء هذه اللجنة بل هو خطاب موجه لكافة أبناء اليمن على اختلاف فئاتهم ومشاربهم واتجاهاتهم.. معلناً أن وقت الكلام قد ذهب وجاء وقت الفعل والعمل لصنع حاضرنا وغد أجيالنا وفقاً لما تمليه مسؤولياتنا أمام الله وأمام شعبنا اليمني والتاريخ.التالي