اتفاق السلم والشراكة الوطنية الموقع عليه من كل الأطراف السياسية يوم 21سبتمبر 2014م يكتسب أهميته من إدراك ليس فقط الموقعين عليه، بل كل اليمنيين الذين يعون ويدركون انه طوق النجاة الذي سيُخرج وطنهم من الأوضاع المزرية- سياسياً واقتصادياً وأمنياً- ومن تعقيدات صعوبة أخطر الفترات التي مروا بها في تاريخهم المعاصر والتي نواجه تحديات وأخطار غير مسبوقة الخروج منها وتجاوزها مرتبط على نحو لا انفصام لعراه بالتزام كافة القوى السياسية بتنفيذه حرفياً بإرادة صادقة مستوعبة مسؤولياتها تجاه اليمن حاضره ومستقبل أجياله..ولهذا نقول ينبغي أن نكون مهيئين ومستعدين وجاهزين للتعاطي مع مسارٍ يؤسس ليمن جديد يقوم بناء نظامه السياسي والاجتماعي والاقتصادي على الشراكة المجسد في دولة قوية قادرة وعادلة تنهي كل أشكال وصور الفساد وما ارتبط به من مظاهر الضيم والظلم والقهر والاستبداد والإقصاء والتهميش من منظور عصبوي مناطقي, أو قبلي أو مذهبي أو حزبي أو شللي، يتحقق في ظلها المواطنة المتساوية وفقاً لعقد اجتماعي ملزم توافق واتفق عليه كل أبناء الشعب الذين يجب أن يحتكموا للنظام والقانون وليس لأهواء ورغبات مصالح مجموعة من قوى الهيمنة والنفوذ والاستئثار والتي هي أسباب وعوامل مولدة للأزمات والصراعات والحروب والغلو والتطرف والعنف والإرهاب.. نفهم وندرك أن المهمة ليست سهلة لكنها إذا توفرت النية والإرادة وغُلب العقل والحكمة ليست مستحيلة.. وهناك الكثير من التجارب التي مررنا بها في اليمن وفي الوطن العربي والعالم تؤكد هذه الحقيقة، ولو أن الكثير منها لم تأخذ مداها لتبلغ غاية اكتمال مشروعها فكانت وميضاً وبارقة أمل في سماء تاريخنا الوطني والعربي والإسلامي أطفأتها قوى الشر الداخلية والخارجية لأنها تتعارض مع مطامعها ومصالحها الشيطانية.. وهنا يبرز السؤال: هل ننجح هذه المرة؟ الإجابة متروكة للأيام القادمة ومرهونة بقناعة القوى السياسية المعنية بتنفيذ هذا الاتفاق وبقدرتها على مغادرة الماضي بكل مساوئه وفساده وضغائنه وأحقاده الذي دمرنا وأوصلنا إلى حالة بائسة ويائسة.. فإذا لم نستعد وعينا ونحكم عقولنا فإننا- لا سمح الله- لا محالة ذاهبون نحو المجهول الذي لن يسلم أحد من دماره وخرابه، ولن تعيدنا أية قوى من أتون فوضى الاقتتال والتشظي إلى كيانات قزمية متناحرة وهذا ما بات يدركه كل ذي بصر وبصيرة.. لذلك لا خيار أمامنا إلا العمل الجدي المسؤول على تنفيذ هذا الاتفاق الذي يتطلب انجاز استحقاقاته جهوداً جبارة للانتصار على شرور نفوسنا الأمارة بالسوء من أجل اليمن وشعبه العظيم الصابر التواق للخلاص من معاناة الصراعات والحروب والأزمات التي فرضت عليه.. فهل يكون تطبيق السلم والشراكة الوطنية خاتمة مطاف عذاباته؟!.. الأمل كبير في الله ثم في الخيرين من أبنائه.. لا نملك إلا أن نتفاءل.