قدمت فرنسا مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يدعو إلى تمديد عمل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري لستة أشهر تنتهي في 15 يونيو/حزيران 2006. كما يدعو مشروع القرار -الذي وزعت نسخة منه على الصحفيين- إلى توسيع التحقيق الذي تقوم به اللجنة الدولية ليشمل كل "العمليات الإرهابية" التي وقعت في لبنان منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. ويعرب مشروع القرار عن "قلق المجلس العميق" أمام ما أورده التقرير الثاني لرئيس اللجنة الدولية المنتهية مهمته القاضي الألماني ديتليف ميليس من أن "الحكومة السورية لم تتعاون معه بشكل كامل وغير مشروط وحسب ما ينص عليه القرار الدولي رقم 1636". وجاء مشروع القرار استجابة لطلب لبنان على لسان القائم بأعمال مندوبها لدى الأممالمتحدة إبراهيم عساف بتمديد عمل لجنة ميليس ستة أشهر قابلة للتجديد وتوسيع مهامها لتشمل التحقيق في سائر عمليات الاغتيال التي وقعت في لبنان منذ محاولة اغتيال النائب والوزير مروان حمادة وانتهاء بعملية اغتيال النائب والصحفي جبران تويني. كما دعا ممثل لبنان في كلمة أمام مجلس الأمن -خصصت لمناقشة تقرير ميليس الثاني الليلة الماضية- إلى إنشاء محكمة ذات طابع دولي للتحقيق في قضية اغتيال الحريري تعقد في لبنان أو خارجه. ويأتي هذا التطور بعدما دعا ميليس سوريا إلى تسريع تعاونها الكامل وغير المشروط مع لجنته. وجدد ميليس في كلمته أمام مجلس الأمن اتهامه للسلطات السورية بالتلكؤ والتردد، محذرا من أن التحقيق قد يستغرق سنة أو سنتين إذا استمر التعاون السوري على هذه الوتيرة. وأشار القاضي الألماني إلى أن سوريا ترددت كثيرا قبل الموافقة على استجواب خمسة من مسؤوليها في فيينا والذين وثقت لجنته إفاداتهم. لكنه اعتبر ما حدث بأنه قد يشكل نقطة انطلاق لتعاون سوري طال انتظاره. ومقابل هذا الهجوم على سوريا التي أرسلت -وفق ميليس- إشارات متناقضة غير واضحة أشاعت جوا من الإرباك، أشاد المحقق الدولي بتعاون السلطات اللبنانية. وفي مؤتمر صحفي أعقب كلمته أشار ميليس إلى أن مسألة استجواب ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري وصهره رئيس الاستخبارات العسكرية آصف شوكت لم تحسم بعد، مؤكدا أنه سيتم استدعاء أي شخص يجب مقابلته في قضية اغتيال الحريري. كما اعتبر ميليس أن الشاهد السوري هسام طاهر هسام لم يتراجع عن شاهدته من خلال اللجنة، مشيرا إلى أن اللجنة ستناقشه مجددا ويمكنه حينها التخلي عن أقواله السابقة أمامها. كما أكد القاضي الألماني أن لجنته لن تطلق أحكاما على المشتبه فيهم، موضحا أن ذلك سيكون من اختصاص القضاء. وردا على اتهامات ميليس رفض مندوب سوريا لدى الأممالمتحدة فيصل مقداد نتائج تقرير ميليس الثاني. وأكد التزام سوريا بالتعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية على خلاف ما ورد في التقرير. وأشار إلى استعداد دمشق للتعاون مع التحقيق في المراحل القادمة. واستعداد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع للقاء ميليس خلال زيارته لدمشق أو خلال زيارات الوزير السوري الرسمية لأوروبا. وعزا الدبلوماسي السوري التأخر في التحقيقات الدولية إلى عدم اعتراف ميليس بلجنة التحقيق السورية. كما أشار مقداد إلى أن لجنة ميليس لم تحافظ على مبدأ سرية التحقيقات التي أجرتها حيث تسربت إلى وسائل الإعلام ونشرت بطريقة مغرضة ومشوهة. وتحدث مقداد عن ارتكاب لجنة ميليس تجاوزات قانونية أثناء تحقيقاتها مع المسؤولين السورين الخمسة في فيينا، مشيرا بالخصوص إلى عدم تدوين إفادات المستجوبين نصا وعدم حصول المحامين على نسخة رسمية من المحضر وعدم السماح بتوقيع المستجوب على إفادته باللغة العربية في حين تم توقيعه على إفادته بلغة أجنبية لا يتقنها. وأشار مقداد في كلمته إلى أن تقرير ميليس الثاني يؤكد تعزيزه للتقرير السابق والذي بني على شبهات، متطرقا بالأخص إلى شهادة هسام طاهر هسام، نافيا أن يكون الشاهد تعرض للتهديد والتوقيف في سوريا لتغيير شاهدته. وأشار الدبلوماسي السوري إلى وجود خطة ترمي إلى استهداف الاستقرار في المنطقة. واختتم كلمته بدعوة مجلس الأمن للتعامل بنفس الجدية لتنفيذ القرارات ذات الصلة المتعلقة بالشرق الأوسط. وعقب كلمته نفى مقداد في مؤتمر صحفي أن يكون ميليس قد طلب من سوريا اعتقال المسؤولين السوريين الخمسة الذين استجوبوا في فيينا. الجزيرة + وكالات