شيع النائب اللبناني المعارض والصحفي جبران تويني في شوارع العاصمة بيروت صباح الاربعاء، بعد يومين من مقتله في انفجار قوي استهدف موكبه. وكان قد سبق التشييع جلسة استثنائية عقدها مجلس النواب اللبناني وتخللتها كلمات القاها زملاء تويني الذي انتخب نائبا في الصيف الماضي. واقفلت المؤسسات العامة والخاصة والبنوك والمدارس، وظلت مغلقة مع مرور موكب الجنازة عبر وسط المدينة متجها إلى كنيسة مار جورجيوس للروم الأرثوذكس، حيث اقيم قداس الجنازة. واغتيال تويني هو الاخير في سلسلة استهدفت وجوها لبنانية معارضة لسورية كانت قد بدأت في خريف عام 2004 مع محاولة اغتيال خال تويني النائب مروان حمادة المعارض لسورية، ومن ثم اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وبعدها مقتل الصحفي في جريدة النهار سمير قصير ثم الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي. وكان اغتيال الحريري في فبراير/شباط الماضي قد أدى إلى احتجاجات ضخمة ضد سوريا في لبنان، وقاد إلى انسحاب القوات السورية منه. وفي التطورات السياسية التي لحقت اغتيال تويني قدم ديتليف ميليس، رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري تقريره الثاني لمجلس الامن الدولي. وجاء في تقرير ميليس الذي نوقش مساء الثلاثاء في مجلس الامن ان التحقيق في اغتيال الحريري قد يستغرق سنة او سنتين في حال استمر التعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية على الوتيرة الحالية. وفي اعقاب مناقشة التقرير في مجلس الامن، تقدمت فرنسا بمشروع قرار دولي يأخذ في الاعتبار طلب تمديد مهمة لجنة التحقيق الدولية ستة اشهر وانشاء محكمة دولية. وسار موكب تشييع تويني في شوارع العاصمة اللبنانية بيروت وسط حشود كبيرة. ونقلت وكالة الاسوشيتد برس عن مراسلها في بيروت قوله ان مئات المواطنين تجمعوا صباح الاربعاء امام مبنى صحيفة النهار في وسط بيروت، وكذلك غصت الكنيسة حيث تجري الجنازة ومحيطها بالمئات من الاشخاص الذين اتوا لتعزية ارملة جبران تويني ووالده الصحفي غسان تويني. المئات اتوا للعزاء وفي الكنيسة ذاتها، ومنذ ستة اشهر، "حضر جبران تويني مراسم دفن زميله الصحفي سمير قصير الذي كان احد ابرز نجوم صحيفة النهار"، كما تقول مراسلة بي بي سي في بيروت كيم غطاس. وقالت مراسلتنا ان "الخوف واليأس يبدو انهما يسيطران على الكثيرين من اللبنانيين والاطراف السياسية، وبخاصة بعد ان علق وزراء لبنانيين موالون لسورية عضويتهم في الحكومة اللبنانية على خلفية اصرار هذه الاخيرة على طلب انشاء محكمة دولية لمحاكمة المتهمين باغتيال الحريري". والوزراء الذين علقوا مشاركتهم هم خمسة وزراء من التحالف الشيعي (حزب الله وحركة أمل) إضافة إلى وزير مؤيد للرئيس اللبناني أميل لحود. ووصف ووزير الطاقة، محمد فنيش العضو في حزب الله، دعوة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى تشكيل محكمة دولية انها "تخل عن سيادة لبنان." وكان جبران تويني، رئيس مجلس إدارة جريدة النهار، والبالغ من العمر 48 عاما، قد قتل إضافة إلى سائقة وحارسه الشخصي وشخص آخر في وقت مبكر صباح الاثنين حينما نسفت قنبلة سيارته المصفحة. وكان تويني قد عاد من فرنسا قبل مقتله بيوم، حيث كان قد أمضى وقتا هناك منذ أغسطس/آب بعد تلقيه تهديدات بالقتل. يذكر أن تويني كان من أول الشخصيات العامة في لبنان التي جاهرت بانتقاد الوجود العسكري السوري الطويل في البلاد، في خطاب مفتوح في عام 2000 لبشار الأسد نجل الرئيس السوري السابق والذي خلف والده في الحكم. وكتب العنوان الرئيسي للصحيفة الثلاثاء "جبران تويني لم يمت، والنهار باقية"، مرفقا بصورة تظهره وهو يرتدي وشاح ما يعرف ب"ثورة الأرز"، وهي الاحتجاجات التي أعقبت مقتل الحريري، بلونيه الأحمر والأبيض. وفي المقابل، نفت دمشق بشدة أي تورط لها في مقتل الحريري وتويني وقال وزير الإعلام السوري مهدي دخل الله إن توقيت الهجوم الأخير الذي اصاب تويني يهدف إلى "توريط سورية وإلحاق أكبر ضرر ممكن بسمعتها".