بدت بوادر انحدار لبنان إلى اضطراب سياسي مع إعلان الأغلبية النيابية عن رغبتها بعزل رئيس الجمهورية إميل لحود، بالتزامن مع الحداد المعلن على النائب والصحفي جبران تويني والأزمة الناجمة عن دعوة الحكومة تشكيل محكمة دولية للنظر باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وحث بيان أصدرته "قوى 14 آذار" وهو ائتلاف للقوى السياسية المسيحية والمسلمة المناهضة لسوريا, رئيس مجلس النواب نبيه بري على الدعوة إلى اجتماع استثنائي للمجلس لبحث "الوضع الخطير الناجم عن استمرار المسلسل الإرهابي التخريبي واتخاذ القرارات الحاسمة لحماية حياة اللبنانيين". وأوضح البيان الذي تلاه النائب بطرس حرب أمام مقر صحيفة النهار التي يرأس الراحل تويني مجلس إدارتها، أن البحث يجب أن يتناول "المشكلة الناجمة عن وجود النظام الأمني على أعلى مستويات السلطة وتحديدا رئيس الجمهورية الممددة ولايته قسرا وبإرادة سوريا وخلافا لأحكام الدستور". وشن البيان هجوما على سوريا واتهمها باغتيال تويني المناهض لها. من جهته اعتبر وزير الزراعة طلال الساحلي –وهو شيعي ينتمي لحركة أمل- أن الدعوة لعزل رئيس الجمهورية "ليست بالأمر الجديد". وقال بتصريحات للجزيرة "إن هنالك واقعا دستوريا والرئيس لحود مدد له بطريقة دستورية" مشيرا الى أن الأمر يعود إلى لحود نفسه في موضوع "ترك سدة الرئاسة". ومعلوم أن التمديد للحود في سبتمبر/أيلول 2004 لثلاث سنوات فتح الباب أمام أزمة سياسية بلغت ذروتها في اغتيال الحريري، وانسحاب القوات السورية في أبريل/نيسان الماضي بعد وجود دام 29 عاما. في غضون ذلك أغلقت المدارس والجامعات والمتاجر أبوابها حدادا على تويني، فيما قطعت محطات التلفزة والإذاعات برامجها لبث الموسيقى الكلاسيكية. وتدفق المئات وبينهم سياسيون وصحفيون إلى كنيسة الروم الأرثوذكس بالأشرفية ذات الغالبية المسيحية في بيروت، لتقديم واجب العزاء لعائلة تويني وعلى رأسها والده الناشر والوزير السابق غسان تويني. ونعى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى من قطر الراحل تويني حيث يشارك بافتتاح ملتقى للأعمال، وحذر من" أياد شريرة تسعى لزرع الشقاق بين لبنان وسوريا". وأدان البيت الأبيض والحكومة الفرنسية الجريمة، وأصدر مجلس الأمن بيانا منددا بالجريمة وكذلك العواصم العربية والدولية.. في السياق تواصلت ببيروت تفاعلات دعوة الحكومة الأممالمتحدة إلى تشكيل محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري، فيما يستعد المجلس لمناقشة التقرير الثاني للقاضي الألماني ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق باغتيال رفيق الحريري.. ودافع الوزير الساحلي بتصريحات للجزيرة عن قرار تعليق الوزراء الشيعة الخمسة لمشاركتهم باجتماعات الحكومة احتجاجا على تصويتها على قرار تشكيل المحكمة الدولية. في غضون ذلك تترقب دمشق جلسة مجلس الأمن التي سيناقش فيها تقرير ميليس الذي دعا إلى اعتقال خمسة مسؤولين سوريين بعد الاشتباه بتورطهم باغتيال الحريري، إضافة إلى اعتبار أن تعاونها مع لجنة التحقيق كان بطيئا.. وأوضح عضو مجلس الشعب السوري فيصل كلثوم بتصريحات للجزيرة أن بلاده مستعدة لتنفيذ القرارات الدولية، واستدرك قائلا أن دمشق تريد من مجلس الأمن "أن يشير بالقرائن عند إشارته بضرورة اعتقال لأي مواطن سوري".