مطلوب مشروع خليجي أشبه بمشروع مارشال الأوروبي لصالح اليمن. هذا المشروع هو مطلب أخلاقي ومطلب أمن قومي إقليمي، وهو مشروع يجب أن يأتي بمبادرة خليجية وبمشاركة من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، وأن يضع هذا الصندوق أولويات التنمية في اليمن ويضع آليات التنفيذ التي قد تمتد لعشر سنوات قادمة. الدول الخليجية قدمت الكثير لليمن خلال العقود الماضية، لكن المطلوب هو اجتماع لصناديق التنمية الخليجية ووضع برنامج مشترك بدلا من المساعدات والقروض الفردية ووضع كل هذه المساهمات ضمن صندوق محدد الأهداف ومحدد الآليات بين الدول الخليجية والدول المانحة الأخرى. هذا المشروع سيشكل أحد صمامات الأمن القومي الإقليمي، وسيوفر على المنطقة قلاقل ومشكلات قد تتعرض لها اليمن في ظل الضغوطات الاقتصادية الكبيرة، ومشكلات الفقر والأمية والتطرف. هذا المشروع يتطلب تحركا من الحكومة اليمنية باتجاه الإصلاح المالي، ووقف كل عمليات التسيب، وتحديد مصروفات التسلح الباهظة، ويتطلب توفير بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية الخاصة، التي يمكن أن تشكل الرافعة الثانية للتنمية إلى جانب الصندوق المقترح. وهناك شكاوى كثيرة من المستثمر الأجنبي في اليمن وأكثر من نلتقي بهم يكررون أن هناك قوانين استثمار أجنبي جيدة، ولكن هناك صعوبات حقيقية في التنفيذ، وصعوبة التعامل مع الجهاز الحكومي البيروقراطي في صنعاء، ومشكلات الرشوة والتسيب. وهذا يتطلب تشكيل هيئة مستقلة، ولا بأس أن تكون تابعة لأعلى سلطة في الدولة تقوم بمهمة مساعدة المستثمر الأجنبي وتذليل الصعوبات امامه، وحمايته من البيروقراطية الحكومية ومن الروتين وعمليات الابتزاز والرشوة. الحقيقة التي يجب أن تكون واضحة في صنعاء، هي أنه لا أحد يستطيع أن يكون يمنيا أكثر من اليمنيين، وانه من دون إصلاح سياسي واقتصادي، ومن دون بيئة توفرها الدولة للتنمية والاستثمار الأجنبي فانه لا احد يمكنه أن يأتي من الخارج للإصلاح الداخلي. مشروع مارشال خليجي هو أمر يستحق عناء البحث والمناقشة، وهو مدخل مهم للاستقرار الإقليمي ويصب في مصلحة الجميع، والمهم ألا نكتفي بالقلق على اليمن، بل المطلوب أن نساهم في خلق بيئة صالحة وإنسانية لدولة شقيقة ومجاورة. صحيفة الشرق الاوسط