أصدرت محكمة جنح قصر النيل اليوم السبت حكمًا بالحبس سنتين بحق كل من نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وسكرتير عام النقابة جمال عبد الرحيم، ووكيل مجلس النقابة خالد البلشي. وأدان الحكم الثلاثة بتهمتي إيواء مطلوبين أمنيًا ونشر أخبار كاذبة. ولم يحضر قياديو النقابة الثلاثة جلسة النطق بالحكم، والذي تضمن إلزام كل منهم بدفع كفالة قدرها 10 آلاف جنيه لإرجاء تنفيذ حكم الحبس انتظارًا لمرحلة الاستئناف. وتواجد البلشي في مقر نقابة الصحفيين في وسط البلد، والتي شهدت تجمعًا لعشرات من الصحفيين انتظارًا لمعرفة الحكم، نظرًا لأن المحكمة لم تسمح بحضور الصحفيين لأي من جلسات نظر القضية منذ بدء المحاكمة في يونيو الماضي. واستقبل البلشي الحكم بهدوء ظاهر عبر مكالمة هاتفية من أحد محامي الدفاع، وبعدها صرّح للصحفيين الحاضرين بأنه لا يريد الاستطراد في التعليق على الحكم الذي رآه «عاكسًا للمناخ العام حاليًا»، مضيفاً أن الجانب القانوني في القضية مازال مستمرًا وأن النقابة ستستأنف ضد أحكام الحبس. وشدد البلشي على أن الحكم «يجب ألا يلهينا عن قضايا الصحفيين الأساسية في الوقت الحالي، علينا أن نركز على ثلاث قضايا تخص الجماعة الصحفية في عمومها، وهي قضية القانون الموحد للصحافة والإعلام الذي أخشى أن يمرره البرلمان في غفلة منا، وأوضاع الصحفيين المادية التي تأثرت بسبب القرارات الاقتصادية الأخيرة، بالإضافة إلى قضية زملائنا المحبوسين التي ستظل قضيتنا الأساسية التي لا يجب أن ننصرف عنها». وترجع بداية المحاكمة إلى اﻷزمة التي اندلعت بين الصحفيين ووزارة الداخلية بعدما قامت قوة من الشرطة باقتحام مقر نقابة الصحفيين مطلع مايو الماضي في سابقة هي اﻷولى من نوعها، وألقت القبض على الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا، اللذين كانا قد اعتصما بمقر النقابة احتجاجًا على مداهمة منزليهما لتنفيذ قرار الضبط والإحضار الصادر بحقهما على خلفية تهم سياسية. وأخلي سبيل بدر والسقا لاحقًا عقب بضعة أشهر من الحبس الاحتياطي. غير أن سابقة اقتحام الأمن للنقابة أشعلت غضب الصحفيين وأدت إلى اجتماع طارئ للجمعية العمومية للنقابة أصدر قرارات تصعيدية فيما يخص حقوق وأوضاع الصحفيين، لترد السلطات بإحالة قيادات النقابة إلى القضاء بتهمتي إيواء بدر والسقا رغم علمهم بكونهما مطلوبين أمنيا، وإشاعة أخبار كاذبة فيما يخص اقتحام الأمن لمقر النقابة. ورأى الصحفي عمرو بدر، الذي حضر إلى مقر النقابة عقب الإعلان عن الحكم، أن «الحكم يأتي في سياق الحملة التي شهدتها السنوات الأخيرة ضد الصحافة والصحفيين، والتي وصلت الآن إلى ذروتها بالحكم بحبس النقيب واثنين من أعضاء مجلس النقابة». وأضاف بدر: «نأمل أن يتم إلغاء الحكم في الاستئناف، لكن ذلك لن يحدث إلا عن طريق تحرك نقابي في الفترة المقبلة ليس فقط لمواجهة الحكم بل لمواجهة الحملة ضد حرية الصحافة والصحفيين عمومًا». وحذر عضو مجلس النقابة أبو السعود محمد من أن ما وصفه بأنه «حكم سياسي» سيقود إلى «حالة من الاحتقان في أوساط الصحفيين والإعلاميين ولن تتمكن الدولة من معالجتها بين يوم وليلة». وأضاف: «لقد تقدمت النقابة بعشرات البلاغات للنائب العام تخص اعتداءات الداخلية على الصحفيين أثناء مزاولة عملهم، كما تقدمنا ببلاغ ضد اقتحام قوات الشرطة لمبنى النقابة، غير أن النيابة اختارت أن تحرّك فقط بلاغ الداخلية ضد أعضاء مجلس النقابة». وأكّد على أن «الحكم يهدف إلى تقويض العمل الإعلامي والمجتمعي في النهاية. فبعدما نجحت الدولة في تقويض العمل الأهلي والمجتمعي بالكامل لم يعد متبقيًا سوى النقابات المهنية». يتفق محمود كامل، عضو مجلس النقابة ومقرر اللجنة الثقافية، مع ما قاله أبو السعود محمد. فيقول إن «نقيب الصحفيين وعضوي المجلس يدفعون ثمن وقوف النقابة في وجه وزارة الداخلية واعتدائها الصارخ على القانون والدستور، وأن ما يحدث سببه عدم صمت النقابة ومجلسها والصحفيين على الواقعة غير المسبوقة يوم الأحد الأسود»، في إشارة إلى اقتحام الشرطة مبنى نقابة الصحفيين لإلقاء القبض على الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا. وأضاف كامل «النقابة كانت وستظل تدافع عن قوة القانون في مواجهة قانون القوة الذي تستخدمه وزارة الداخلية. وهي الآن تدفع ثمن احتوائها أي صوت مغاير، وثمن سلم نقابة الصحفيين الذي أصبح ملكًا للشعب كله». فيما يعتقد الصحفي مصطفى البسيوني، عضو جبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات، أن «الهدف من الحكم هو إلهاء النقابة لحين تمرير القوانين المتعلقة بالصحافة والإعلام، وعدم إتاحة الفرصة لها لمتابعة صياغة وإقرار هذه القوانين». وأضاف بسيوني أن «الهدف الثاني من الحكم هو وضع النقابة في أزمة مستمرة لحين إجراء الانتخابات المقررة في العام المقبل على مقعد النقيب وأعضاء مجلس النقابة، بغرض إلهاء الصحفيين عن الترتيب لها، وضمان وصول مجلس نقابة مختوم بختم الدولة». ويعقد مجلس النقابة اجتماعًا طارئًا اليوم لبحث تداعيات الحكم.