أعلن صالح ولد حننا الذي استفاد من العفو العام عن السجناء السياسيين الذي أطلقه المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية بعد إطاحته بالرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في 3 أغسطس (آب) الماضي، عن انشاء حزب سياسي جديد يضم قيادات عسكرية ومدنية ساهمت في المحاولة الانقلابية في يونيو (حزيران) 2003 ضد الرئيس المخلوع ولد الطايع. وأطلق ولد حننا وهو رائد سابق في الجيش الموريتاني طرد من صفوفه بسبب رسالة وجهها للرئيس ولد الطايع يطالبه فيها باصلاح أوضاع الجيش، على الحزب الجديد اسم "حماة" (اختصار لاسم الحزب الموريتاني للاتحاد من أجل التغيير) في مهرجان حاشد ووسط حضور مكثف لقادة القوى السياسية ومناصري الحزب الذين اكتظت بهم قاعة دار الشباب وسط العاصمة الموريتانية نواكشوط. ففي حفل كبير تحدث صالح ولد حننا زعيم تنظيم فرسان التغيير الذي شكل عقب فشل الانقلاب عن أولويات الحزب في المرحلة القادمة، مؤكدا على تشبثه بالثوابت الوطنية التي من اجلها ضحى "الفرسان" خلال السنوات الماضية قبل تتويج تضحيتهم بتغيير الثالث من أغسطس 2005، متعهدا في الوقت ذاته بوضع رؤية سياسية واضحة للعمل خلال المرحلة القادمة. واعتبر ولد حننا أن صيانة المكتسبات الديمقراطية وتعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على الهوية الحضارية للبلد تعتبر من أهم أولويات الحزب في المرحلة القادمة، وتعهد بتقديم نموذج حي لتطابق الأقوال والأفعال في ميدان السياسية خدمة للمواطن وإستشعارا للأمانة. وكان تنظيم فرسان التغيير قد التخلي عن فكرة الدخول في إحدى التشكيلات السياسية القائمة وفضل تشكيل حزب سياسي جديد بعد أن أدرك الشعبية الكبيرة التي حصل عليها التنظيم اثر تنفيذه عدة انقلابات ضد ولد الطايع. وكانت مجموعة من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال والشباب قد انضمامها لمشروع الحزب السياسي الذي أعلن عنه تنظيم فرسان التغيير قبل فترة مؤكدين التزامهم بالخط العام للمجموعة وسعيهم إلى ضم أكبر تكتل للحزب الجديد. هذه الانضمامات التي يعلن عنها في مؤتمرات صحفية وبحضور مكثف لأنصار التنظيم شكلت فرصة لشرح الأسباب التي دفعتهم إلى الالتحاق بالحزب بعد دراسة مطولة للساحة السياسية مؤكدين أن "التضحيات التي قدمها الفرسان ونصاعة ماضيهم تدفع المخلصين في البلاد إلى الالتحاق بهم في مشروعهم النبيل". واعتبر هؤلاء المنتسبون أن تنظيم فرسان التغيير أفضل بديل عن بعض الكيانات الهزيلة الموجودة في الساحة السياسية والتي تسببت في تراكمات هائلة من الفساد والظلم ومرحلة طويلة من الإكراهات والاستهتار بالشعب وحقوقه ومقدراته، مؤكدين أن التنظيم قادر على العبور بموريتانيا إلى بر الأمان. بالمقابل شهدت التنظيم انسحب عدد من قادته أهمهم النقيب محمد ولد السالك وثلاثة من رفاقه حيث تحدثت الصحف عن خلافات حادة بين القادة وقالت أن التنظيم بات منقسما على نفسه، واتهمته بالارتهان لقرار الإسلاميين، فيما أكد المنسحبون انهم كانوا يفضلوا انضمام عناصر التنظيم الى حزب سياسي معين حيث وقفوا ضد فكرة إنشاء الحزب مؤكدين أن الطريق الأسلم هو الانضمام إلى الأحزاب القائمة. ولد زعيم فرسان التغيير الرائد السابق صالح ولد حننا في مدينة عيون العتروس شرق البلاد عام 1965 لأسرة تنتمي لقبيلة أولاد الناصر إحدى أشهر القبائل في شرق الموريتاني، وحين انتقل إلى العاصمة نواكشوط سنة 1982 لالتحاق بالجامعة كانت البلاد تعيش على وقع الانقلابات والانقلابات المضادة وكان الانتساب الى الجيش أهم منصب يشغله الرجال فلم يهنأ صالح إلا بعد أن أصبح جنديا وكان ذلك بعيد وصول معاوية ولد سيدي أحمد الطايع إلى سدة الحكم عن طريق انقلاب عسكري في 12/12/1984. ثم ارسل ولد حننا في تكوين عسكري إلى كلية الملك عبد العزيز العسكرية في المملكة العربية السعودية حيث قضي ثلاث سنوات ثم عاد إلى موريتانيا برتبة ملازم وظل يتدرج في الرتب العسكرية وكان أكفأ مدرس في الجيش الموريتاني. وفي سنة 2000 طرد صالح ولد حننا رفقة اثنين من الضباط، بعد اعتقال دام شهرين اثر اتهامهم بالتخطيط لقلب نظام الحكم، ثم ما لبث أن جاهر صالح برفضه للتوجهات الحالية للنظام الحاكم وخاصة موضوع العلاقة مع اسرائيل. ولم يثنه فصله من صفوف الجيش عن السعي لتنظيم خلية عسكرية داخل الجيش الموريتاني للإطاحة بنظام ولد الطايع خاصة بعد تأزم الأوضاع الداخلية وكثرة الاعتقالات وتدهور مستوى المعيشة. وقد بلغت الازمة أشدها في نهاية شهر مايو 2003 اثر موجة الاعتقالات الواسعة داخل صفوف أئمة المساجد ورموز التيار الإسلامي والحرب الإعلامية بين الحكومة والمعارضة وبات الجيش غير بعيد من اللعبة، حينها قاد صالح ولد حننا أعنف انقلاب عرفته البلاد حيث استمرت المعارك ليومين متتاليين وسيطر رفاق صالح على العاصمة نواكشوط ودخلوا القصر الجمهوري بحثا عن ولد الطايع الذي اختبأ مستنجدا بقوات عسكرية على الحدود حسمت المعركة لصالحه بعد معارك أوقعت 15 قتيلا و68 جريحا حسب حصيلة رسمية. واختفى صالح ولد حننا بعد فشل الإنقلاب وأسس مع مجموعة من الضباط "تنظيم فرسان التغيير العسكري المعارض" الذي ظل يهدد ولد الطايع ويتهمه بالفساد والعمالة، حيث قاد هذا التنظيم محاولتين انقلابيتين في أغسطس وأيلول 2004، قبل أن يُلقى القبض على زعيمه ولد حننا في 9 أكتوبر من نفس السنة ويدان بالتخطيط لثلاث محاولات انقلابية وزعزعة أمن البلاد ويُحكم عليه بالسجن مدى الحياة مع الأشغال الشاقة وشاءت الأقدار أن يقضي صالح سبعة أشهر ثم يخرج من سجنه في احتفال لم تنساه البلاد المصدر: ايلاف