- ياسين الزكري .. أسماء الأحياء ومسميات الأشخاص في موريتانيا ذاكرة حية تختزل ليس فقط التاريخ الوطني وإنما العربي والإسلامي، فخلال حقبة المد القومي في الستينيات شاعت بين الموريتانيين أسماء بعض القادة العرب كجمال عبد الناصر وياسر عرفات وغيرهما، وامتد التأثر لحد تسمي موريتانيين بأسماء غيرعربية كغاندي . في السبعينيات، وبعد اندلاع الثورة الإيرانية أطلق كثير من المواطنين اسم الخميني على أجود خامات القماش المستخدم في صنع الدراعة (الثوب التقليدي في موريتانيا)، مثلما أطلق اسم الرئيس الجزائري الراحل، هواري بومدين، على موضات جديدة آنذاك من ملابس النساء؛ لدوره في حرب الصحراء في السبعينيات من القرن الماضي التي دعمت خلالها موريتانيا مع الجزائر جبهة البوليساريو. وفي فترة الثمانينيات شهدت أسماء مثل صدام رواجاً أكثر،كما طغت أسماء المدن العراقية على أحياء نواكشوط كالبصرة والكوفة وبغداد، ومع عقد التسعينيات وبداية هذا القرن، وبسبب الحرب الأمريكية على العراق وأفغانستان والتصفية العرقية في البوسنة والهرسك والحرب الإسرائيلية على لبنان، شاعت أسماء من مثل أسامة ،نسبة لزعيم تنظيم القاعدة، وحسن نسبة لحسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني. أحياء العاصمة الموريتانية حملت كذلك أسماءً من نوع كوسوفو والفلوجة وقندهار، فضلاً عن الحضور القوي لأحداث انتفاضة الأقصى؛ إذ أطلق موريتانيون على أبنائهم أسماء قادة المقاومة الفلسطينية وبعض الشهداء. ومنها اسم الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وعبد العزيز الرنتيسي، القيادي بالحركة اللذين اغتالتهما إسرائيل، والشهيدة الرضيعة إيمان حجو. اهتمام الشارع الموريتاني بالسياسية طال أيضًا الأطعمة والمشروبات. ويُعَدّ شاي "القدس" الأخضر، رمزًا قومياً بالنسبة للموريتانيين، وخاصة إذا تم شراؤه من بقالة "الناصرية" التي ترمز إلى الزعيم القومي عبد الناصر. مركز للحياكة أيضاً في نواكشواط يحمل اسم "المجلس العسكري"، في إشارة إلى المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس معاوية ولد الطايع في الثالث من أغسطس 2005، كما أن هناك قمصان بن لادن. ومع انتهاء المولد واسدال الستارعن أول انتخابات عامة في موريتانيا بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق معاوية ولد الطايع العام الماضي، أصبحت أحزاب المعارضة السابقة، بما فيها الإسلاميون، تشكل الأغلبية في الجمعية الوطنية (البرلمان)، بينما انضمت رموز النظام السابق إلى الأقلية. وأظهرت النتائج النهائية لفرز الأصوات فوز (ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي) الذي يضم أحزاب المعارضة السابقة والتيار الإسلامي ب41 من إجمالي مقاعد البرلمان البالغ عددها 95 وهو ما يمثل نسبة 43% من قوام المجلس. وحول دور الجيش في المرحلة القادمة، أشار حبيب ولد همت، أمين عام رئاسة المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية والذي يحظى بقبول عام لدى الأحزاب السياسية الموريتانية إلى ضرورة بحث دور المؤسسة العسكرية بحيث تسهم في التكامل مع المؤسسات السياسية الأخرى لتدعيم الاستقرار، وضمان توديع عصر الانقلابات. وأكد ولدهمت تعهد المجلس العسكري بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة، وقال: "سنخرج من القصر الرئاسي كما يخرج المرء من سجنه" ويرى المسئول الذي يعتبر الشخص الأهم في المجلس بعد رئيس الجمهورية العقيد علي محمد ولد فال أن المجلس العسكري يؤدي ما عليه من تعهدات، وسيخرج وهو مخلف تركة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية الهامة للحكومات التالية. صالح ولد حننا الجنرال السابق في الجيش الموريتاني وأشهر الانقلابيين في تاريخ البلاد والذي قاد ثلاث محاولات انقلابية (خلال أقل من 18 شهرًا) على الرئيس السابق معاوية ولد الطايع (8/6/2003 - 8/8/2004 - 24/10/2004) قبل اعتقاله في مدينة روصو الحدودية ومحاكمته بتهم وصلت عقوبتها إلى السجن مدى الحياة. اعتبر أيضاً أن عهد الانقلابات بموريتانيا قد ولَّى، وأن الانتخابات العامة والبلدية التي جرت يوم الأحد 19 نوفمبر 2006 ستقود الحياة السياسية في موريتانيا إلى منعطف جديد بعد سنوات من الاضطرابات. ويثق السياسي الموريتاني الذي يُعَدّ أحد المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية في مارس 2007 والذي يرأس حالياً حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم) عضو ائتلاف قوى التغيير الذي حقق تقدمًا في الجولة الأولى يثق في أن العسكريين سيحترمون نتائج الانتخابات وسيسيرون قدمًا بالبلاد نحو الديمقراطية. ارتفاع نسبة المشاركة في عمليات الاقتراع الأخيرة، ومن بينها الاستفتاء على الدستور الجديد في 25 يونيو الماضي والتي تجاوزت فيه نسبة المشاركة 90%، والانتخابات النيابية البلدية الأخيرة، حيث تجاوزت نسبة المشاركة ال70%. كشفت أنه ورغم حاجز الأمية والفقر وتدني المستوى المعيشي فإن الموريتاني الذي يعيش اليوم في بلد يحوي أكثر من 35 حزبًا وتشكيلاً سياسيًّا شاركت معظمها في الانتخابات الأخيرة يبدي اهتماماً خاصاً بالحدث السياسي الوطني.