تسير التدفقات اﻻستثمارية اﻷجنبية في السعودية عكس اﻹصلاحات التي تنفذها الحكومة بقيادة ولي العهد الشاب اﻷمير محمد بن سلمان، حيث سجلت تراجعا للمرة اﻷولى منذ أكثر من عشر سنوات . وكشفت صحيفة “ المونيتور ” اﻷمريكية ان اﻻستثمارات اﻷجنبية في “ السعودية ” سجلت انخفاضاً ملحوظاً بنسبة .%80 واعتبرت الصحيفة اﻷمريكية أن القرارت السعودية من سيء إلى أسوأ منذ صعود سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى العرش عام 2015 تعيين ابنه محمد بن سلمان وزيراً للدفاع ثم ولياً للعهد . وقال الكاتب اﻷمريكي “ بروس ريدل ” في “ المونيتور ” ان اﻻستثمارات اﻷجنبية في “ السعودية ” شهدت انخفاضاً ملحوظاً بنسبة %80 ، ففي حين بلغت نسبة اﻻستثمارات أكثر من 7 مليارات دوﻻر في عام 2016 وصلت إلى 1.4 مليارات دوﻻر في عام 2017 ، بحسب اﻷمم المتحدة، لتسجل هبوط أكثر من 12 مليار دوﻻر وذلك بسبب المخاوف من اﻻحتجاز التعسفي، اﻷمور التي شجعت أيضا هروب رأس المال، يقول الكاتب . وأورد ريدل، “ يعد القرار السعودي بطرد السفير الكندي من الرياض، وتجميد الروابط التجارية، وسحب 15 ألف سعودي من المدارس والمستشفيات الكندية، ردا على وزيرة الخارجية الكندية، التي احتجت على اعتقال الناشطات، دعوة سيئة أخرى من القيادة السعودية . كما تم توقيف الرحﻼت الجوية السعودية إلى كندا في 14 أغسطس / آب وهذه خطوة متهورة تماما؛ حيث سيعاني السعوديون أكثر من الكنديين من تعطل حياتهم ”. الميول الديكتاتورية لبن سلمان أثرت على ثقة المستثمرين وقد أظهرت أرقام أصدرتها إحدى مؤسسات اﻷمم المتحدة تراجع اﻻستثمارات اﻷجنبية المباشرة الجديدة في السعودية إلى أدنى مستوياتها في 14 عاما وذلك رغم إصلاحات اقتصادية طموحة تستهدف زيادة تدفقات رؤوس اﻷموال اﻷجنبية . وتفيد بيانات مؤتمر اﻷمم المتحدة للتجارة والتنمية بانكماش تدفقات اﻻستثمار اﻷجنبي المباشر إلى 1.4 مليار دوﻻر في 2017 من 7.5 مليار دوﻻر في 2016 وهو ما يتماشى مع أرقام نشرها البنك المركزي السعودي في اﻷسابيع اﻷخيرة . ويتناقض التراجع مع اﻻتجاه العام السائد في الدول الخليجية اﻷخرى المصدرة للنفط، بحسب وكالة رويترز للانباء . وتستهدف اﻹصﻼحات السعودية التي أُطلقت قبل عامين زيادة اﻻستثمار اﻷجنبي المباشر إلى 18.7 مليار دوﻻر بحلول 2020 لخلق وظائف - البطالة بين المواطنين السعوديين نحو %13 - والمساهمة في تنويع موارد اﻻقتصاد المعتمد على صادرات النفط . ويلقي اﻻقتصاديون باللوم في ضعف اﻻستثمار اﻷجنبي على انحدار أسعار النفط منذ .2014 وأضر ذلك بجميع اﻻقتصادات الخليجية لكن السعودية، التي تعول عدد سكان أكبر بكثير وبعجز ميزانيتها اﻷكثر ضخامة، اضطرت إلى أخذ إجراءات تقشف أشد من جيرانها . ونال التقشف من النمو في القطاع الخاص السعودي مما ألقى بظﻼله على اﻵثار اﻹيجابية للاصﻼحات الهادفة لجذب اﻻستثمار مثل قوانين الشركات واﻹفلاس الجديدة ومساعي تبسيط اﻹجراءات اﻹدارية المعقدة والتي قلصت الوقت اللازم لتسجيل الشركات الجديدة . وقال جيسون توفي خبير اقتصاد الشرق اﻷوسط لدى كابيتال إيكونوميكس في لندن : « اﻷداء اﻻقتصادي الضعيف أثنى المستثمرين عن ضخ اﻷموال رغم اﻹصلاحات اﻻقتصادية الجارية » . ويستبعد توفي حدوث قفزة كبيرة في اﻻستثمار اﻷجنبي المباشر ﻷن أسعار النفط ستظل في المستقبل المنظور أكبر عامل محدد لمدى سلامة اﻻقتصاد السعودي . وقال : « ما لم نشهد مزيدا من اﻻرتفاع في أسعار النفط فإن اﻻستثمار اﻷجنبي المباشر سيظل منخفضا نسبيا » . من جهته قال كاتب الرأي دومنيك دادلي في مجلة « فوربس » إن اﻻستثمار الخارجي في السعودية قد انهار العام الماضي . واستند الكاتب إلى بيانات مؤتمر اﻷمم المتحدة للتجارة والتنمية، ما يطرح أسئلة خطيرة حول منظور اﻹصلاح الذي يخطط له ولي العهد اﻷمير محمد بن سلمان . ويقول إن التراجع الكبير يعني أن دوﻻ ذات اقتصاديات صغيرة قد تفوقت على السعودية فيما يتعلق بجذب اﻻستثمارات اﻷجنبية العام الماضي، حيث تفوقت دول مثل عُمان ( 1.9 مليار دوﻻر ) واﻷردن ( 1.7 مليار دوﻻر ) عام .2017 ويضيف أن الوضع قاتم أيضا عندما ينظر المرء إلى اﻻستثمارات القادمة للسعودية مقارنة مع تلك التي تجتذبها دول غرب آسيا . فمع أن المملكة حصلت على ربع اﻻستثمارات اﻷجنبية المباشرة في الفترة ما بين -2012 2016 ، إﻻ أنها لم تحصل العام الماضي إﻻ على نسبة 5.6 % من إجمالي اﻻستثمارات . ويقول الكاتب إن اﻻقتصاد السعودي يخسر مقارنة مع اﻻقتصاديات التي تكسب حصصا كبيرة من كعكة اﻻستثمارات . ونسب تقرير مؤتمر اﻷمم المتحدة للتجارة والتنمية انخفاض اﻻستثمارات في السعودية إلى بيع المصالح التجارية والقروض السلبية داخل الشركات من الشركات المتعددة الجنسيات . وكمثال أشارت إلى مجموعة شيل الهولندية / البريطانية التي باعت نسبة %50 من حصتها في شركة للبتروكيماويات إلى شريكتها الشركة السعودية للصناعات اﻷساسية ( سابك ) بمبلغ 820 مليون دوﻻر في أغسطس .2017 لكن التقرير يقول إن اﻻستثمار اﻷجنبي المباشر للسعودية في تراجع منذ اﻷزمة المالية في عام /2008 2009 ومع أن مثل ذلك قد حدث في معظم منطقة غرب آسيا، حيث وصلت ذروتها إلى 85 مليار دوﻻر عام 2008 ، إﻻ أن الوضع في السعودية هو اﻷسوأ من أي اقتصاد في جوارها، وهو اﻷسوأ من ناحية المستوى العالمي لﻼستثمار اﻷجنبي المباشر الذي تراجع إلى %23 العام الماضي، إلى 1.43 تريليون دوﻻر . ويرى الكاتب أن النتائج ستكون مثيرة لقلق صناع القرار في الرياض، حيث أكد ولي العهد اﻷمير محمد بن سلمان أهمية اجتذاب المستثمرين اﻷجانب إلى البلد والمساعدة في تحقيق طموحاته ﻹصلاح اﻻقتصاد، التي تضم برامج لبناء مدن جديدة وفتح السياحة وإقامة أسواق ترفيه والتخفيف من القيود على ملكية الشركات اﻷجنبية المسجلة في السوق المالي .