كغيره من قطاعات الحياة المختلفة التي طالتها جرائم العدوان السعودي الأمريكي المتزامن مع حصار اقتصادي خانق كان له تداعياته الإنسانية التي ظلت تتفاقم يوما بعد يوم من انتشار للفقر والمجاعة وسوء التغذية وتفش للأمراض والأوبئة القاتلة ونقص للأدوية وتعطيل للخدمات وتدمير للبنى التحتية..لم يكن قطاع التعليم في وطننا اليمني بمنأى عن قائمة أهداف العدوان الإجرامي، بل ظلت جميع مكونات وعناصر ومقومات البنية التحتية لهذا القطاع الهام عرضة لاستراتيجية الاستهداف والتدمير الأمريكي السعودي الممنهج على مدى أربعة أعوام من عمر العدوان والحصار المستمر ، الأمر الذي كان له تداعياته وانعكاساته السلبية المؤثرة على حياة الملايين من المعلمين والدارسين الذين تعدد صور ومظاهر معاناتهم التي تحاول الوقوف على أبرزها من خلال هذا التقرير.: أول تداعيات العدوان وانعكاساته السلبية المؤثرة على العملية التعليمية تمثلت في اضطرار وزارتي التربية والتعليم العالي إلى إدارة العملية التعليمية التربوية وفقاً لمستجدات وظروف الواقع التي فرضها العدوان السعودي الأمريكي. وخلال الأشهر الأولى للعدوان التي وصل فيها عدد غاراته الجوية 300 غارة في اليوم الواحد فقط، ولم تكن تفارق أصوات الانفجارات المرعبة أرجاء العديد من عواصم المدن اليمنية بشكل عام وأجواء أمانة العاصمة بشكل خاص، إزاء ذلك لم يكن أمام القيادة التربوية خيار بديل عن اتخاذ قرار تعليق الدارسة في مدارس وجامعات أمانة العاصمة وغيرها من المدن الأخرى التي ظلت تتعرض للقصف والتدمير ليل نهار. ضياع نصف عام دراسي بين تاريخي ال26 من مارس 2015م وهو تاريخ بدء العدوان وال15 من أغسطس2015م وهو تاريخ اتخاذ وزارة التربية لقرار البدء بإجراء الامتحانات خسر مئات الآلاف من الطلاب نصف عام من التحصيل العلمي رغم احتساب الوزارة نتائج الامتحانات لعام دراسي كامل. طلاب جامعات صنعاءوعدنوتعزوإب وذمار هم الآخرين طالتهم تداعيات العدوان فقد اضطرت رئاسة الجامعات إلى تعليق الدراسة بين مارس وأغسطس 2015م بسبب العدوان والمواجهات الدائرة بين قوات الجيش واللجان ومليشيات العدوان لاسيما في محافظاتتعزوعدن. استهداف المنشآت التعليمية قرار الاستئناف للعملية التعليمية ومواجهة العدوان بإرادة وعزيمة الثبات والصمود في وجه مؤامراته ومخططاته واندفاع الملايين من المعلمين والتربويين والطلاب إلى مؤسساتهم التعليمية دفع دول تحالف العدوان إلى البدء والتسريع في تنفيذ مخطط القصف والتدمير للمدارس والجامعات ومباني نقابة المهن التعليمية ومكاتب التربية في المحافظات وفي ال18 من أغسطس 2015م ارتكب العدوان السعودي الأمريكي أول جرائمه الهادفة إلى تدمير البنية التحتية للقطاع التعليمي باستهداف مبنى نقابة المهن التعليمية أثناء اجتماع تربوي برئاسة مدير مكتب التربية والتعليم في محافظة عمران وأسفرت الجريمة عن استشهاد 18 تربوياً وإصابة عدد آخر بجروح إضافة إلى الخسائر المادية الكبيرة التي لحقت بالمبنى. ورغم تسليم وزارة التربية والتعليم إحداثيات مواقع المدارس في الجمهورية إلى المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الأعيان المدنية والتي بدورها سلمتها لقيادة العدوان لتجنب قصفها واستهدافها باعتبارها منشآت مدنية تحرم استهدافها نصوص القانون الدولي الإنساني وكافة قوانين وأعراف الحروب.. رغم كل ذلك ضربت دول تحالف العدوان بتلك القوانين والنصوص والأعراف عرض الحائط وخلال أسبوعين فقط عقب قرار استئناف الدراسة تجسدت أول حلقات الاستهداف الأمريكي السعودي المباشر للمنشآت التعليمية في قصفه وتدميره لكافة مدارس محافظة صعدة بجميع مديرياتها لتكون مدرسة أم كلثوم في مديرية باقم آخر المدارس التي دمرها العدوان بتاريخ 2سبتمبر 2015م. لم يتوقف مسلسل العدوان الإجرامي في استهداف المنشآت التعليمية عند ذلك الحد بل ظل مستمراً في قصف وتدمير المدارس والجامعات والمعاهد والمكاتب التربوية في جميع المحافظات على مدى ثلاثة أعوام ووفقاً لتقرير صادر عن المركز اليمني لحقوق الإنسان بلغ عدد المنشآت الجامعية التي استهدفها العدوان حتى مارس 2018م (119) منشأة جامعية منها 34 معهد فني وكلية مجتمع. أرقام كارثية أما عدد المدارس التي دمرها العدوان وحجم الأضرار المادية التي لحقت قطاع التعليم الأساسي والثانوي بشكل عام فقد وضحتها الأرقام الكارثية التي تضمنها تقرير صادر عن وزارة التربية والتعليم تحت عنوان (قطاع التعليم بعد مرور 1000 يوم من العدوان) حيث كشف تقرير الوزارة عن تدمير العدوان 2621 مدرسة ومنشأة تعليمية على مدى 1000 يوم، وبين التقرير تدمير78 مدرسة تدميرا كلياً ، بلغت التكلفة التقديرية لإعادة تأهيلها وترميمها 870 ألف دولار فيما بلغ إجمالي التكلفة التقديرية لإعادة بناء وتأهيل 2543 مدرسة مدمرة ومتضررة 237مليون و730 ألف دولار إضافة إلى مبلغ 95 مليون و542 ألف دولار تكلفة تجهيزات ومستلزمات تلك المدارس (مقاعد دراسية، سبورات، معامل، إذاعات مدرسية، تجهيزات مكتبية) وأشار التقرير إلى أن الأضرار التي لحقت تلك المدارس التي كان يدرس فيها مليون و526 ألف و69 طالباً وطالبة قد توزعت على تدمير 260مدرسة تدميراً كلياً وتدمير 2483 مدرسة تدميراً جزئياً فيما 804 مدارس تضررت نتيجة استخدامها مأوى للمواطنين الذين تعرضت منازلهم للقصف من العدوان. الإحصائيات الرسمية للوزارة أكدت أن عدد المدارس المغلقة في مناطق المواجهات العسكرية بلغ 680 مدرسة يدرس فيها 213 ألف و290 طالباً وطالبة، وأن حجم الخسائر والأضرار المادية التي لحقت قطاع التعليم بشكل عام جراء العدوان السعودي الأمريكي بلغت 334 مليون و52 ألف دولار. القتل الجماعي للطلاب أخطر تداعيات العدوان الغاشم المؤثرة على العملية التعليمية في وطننا اليمني مثلت في ارتكابه لجرائم القتل الجماعي للطلاب داخل قاعات وفصول وساحات المدارس وفوق وسائل نقلهم من وإلى المدارس كما حصل عند استهداف طيران العدوان الإجرامي الوحشي لمدرسة الفلاح الابتدائية في مديرية نهم محافظة صنعاء بتاريخ10/1/2017م وهي مكتظة بمئات الطلاب الذين اختلطت دماء وأشلاء الشهداء منهم البالغ عددهم 8 طلاب بدماء المصابين بالجروح الخطيرة البالغ عددهم 18 طالباً، علاوة على ما خلفه ذلك المشهد المأساوي من إثارة لمشاعر الرعب والخوف في نفوس الآخرين وما ألحقه من أضرار نفسية ومعنوية كبيرة في نفوس الملايين من الطلاب في عموم محافظات الجمهورية بعد مشاهدتهم لوقائع وأحداث تلك الجريمة المروعة، التي لم تكن سوى مقدمة لارتكاب العدوان الإجرامي لجرائم أخرى أكثر وحشية ودموية تمثل أبرزها في جريمة استهداف أطفال ضحيان من طلاب حفظ القرآن وهم على باص نقل جماعي خلال رحلة لهم لزيارة قبور الشهداء، حيث أسفرت تلك الجريمة النكراء عن استشهاد 50 طفلاً وإصابة عدد آخر بجروح بالغة. انعكاسات سلبية أمام إرادة الصبر والصمود الأسطوري اليمني الذي أذهل العالم أجمع فشلت دول تحالف العدوان في تحقيق أهدافها على أرض الميدان رغم إفراطها في ارتكاب جرائم القتل الوحشي للإنسان والإرهاب النفسي للسكان فعمدت إلى تغيير استراتيجية عدوانها باستخدام سياسة الإفقار والتجويع والتدمير للاقتصاد اليمني التي عملت على تنفيذها من خلال جملة من الإجراءات تمثل أبرزها في فرض حصار اقتصادي شامل بإغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية وعرقلة دخول السفن المحملة بالمواد التجارية من الأغذية والأدوية ومشتقات النفط والغاز وغيرها من الاحتياجات الأساسية للمواطنين مروراً بمنع وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تقدم للشعب وانتهاء بقرار الفار هادي بإيعاز من دول العدوان القاضي بنقل البنك المركزي اليمني إلى مدينة عدن وعرقلة وإيقاف صرف مرتبات موظفي القطاع العام إضافة إلى إقدام حكومة الفار هادي المتواجدة في فنادق الرياض على طباعة مليارات جديدة من العملة الوطنية دون غطاء وما ترتب عن ذلك من انخفاض في سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية كل تلك الأمور مثلت أسبابا رئيسة لارتفاع نسبة معاناة الملايين من أبناء شعبنا اليمني وكان لها انعكاسات سلبية خطيرة على العملية التعليمية وإحداث عجز كبير لدى ما نسبته 35% من السكان في القدرة على توفير احتياجات أسرهم من السلع الضرورية الأساسية اللازمة لاستمرار الحياة وتحت وطأة الفقر والحاجة الماسة إلى توفير تلك السلع من مواد غذائية ودوائية ومياه شرب وإيجارات سكن اضطر الكثير من المعلمين والطلاب إلى ترك المدارس والجامعات والتحول إلى ميادين العمل حيث تشير تقارير منظمة اليونسيف إلى بروز ظاهرة التسرب المدرسي بشكل لم يسبق له مثيل خلال سنوات العدوان الثلاث، وكشفت تقارير المنظمة عن وجود أكثر من مليوني طفل خارج المدارس خلال العام 2017م فقط بينهم 350 ألف طالب أجبروا على ترك مدارسهم وكان ذلك سببا لبروز ظواهر أخرى أشد مأساوية كظاهرة عمالة الأطفال وظاهرة التسول والسرقات وتجارة الحشيش والمخدرات وغيرها من أشكال الجريمة المنظمة لاسيما في المحافظات التي أصبحت خاضعة للاحتلال أو سيطرة مليشياته المرتزقة . مليونا طفل خارج المدارس ويشير تقرير صادر عن وزارة التخطيط بصنعاء إلى أن المعلمين الذين انقطعت رواتبهم بسبب العدوان والحصار منذ سبتمبر 2016م وصل متوسط نصيب الفرد من الدخل داخل أسرهم إلى 1.2 دولار في اليوم الواحد وهو أدنى من مستوى خط الفقر 1.9 دولار من جانب آخر أوضح تقرير الوضع الإنساني في اليمن لشهر سبتمبر 2017م أن 2.3مليون طفل يحتاجون إلى المساعدة للحصول على التعليم من أصل 5.8 ملايين طفل في سن الدارسة، وفي تقرير حديث لها أكدت وزارة التخطيط أن 2مليون طفل خارج المدارس من إجمالي 7.3 ملايين طفل في سن التعليم. مدارس تعز ثكنات لمليشيات العدوان في محافظة تعز ذات الكثافة السكانية العالية حيث يبلغ تعداد سكانها 6ملايين وفقاً للتعداد السكاني لعام 2004م كان للعدوان والحصار تأثيرهما البالغ على التعليم ورغم على قصف وتدمير العدوان السعودي الأمريكي للعديد من مدارس المحافظة أصبحت العملية التعليمية في تلك المدينة المعروفة بعاصمة الثقافة اليمنية مجرد تحصيل حاصل نتيجة عمل مليشيات العدوان في المدينة خلال ثلاثة أعوام على تعطيل التعليم وتحويل عدد من المدارس من مدارس تعليم وتربية للأجيال إلى مدارس استقطاب للطلاب وتجنيدهم في صفوفها والزج بهم إلى ميادين القتال خدمة لمشاريع العدوان وأهدافه، كما عملت تلك المليشيات على تحويل 23مدرسة الى ثكنات ومواقع عسكرية ومعسكرات تدريب للمئات من المغرر بهم من شباب وأطفال المحافظة الذين تأثروا بالتعبئة الأيدلوجية والحزبية المكثفة لمليشيات العدوان من الأحزاب والجماعات الإرهابية والمرتزقة و فارقوا أسرهم دون علم آبائهم وأمهاتهم وتركوا الدارسة رغم وصول البعض منهم إلى مرحلة التعليم الجامعي. النزوح وأثره على التعليم مشكلة نزوح الملايين من أبناء شعبنا اليمني بسبب العدوان والحصار كان لها آثارها وانعكاساتها السلبية على التعليم ففي ظل عدم توفر إمكانات الإنشاء لمراكز ومخيمات الإيواء للنازحين تحولت العديد من المدارس إلى أماكن إيواء للنازحين لا سيما في أمانة العاصمة ومحافظاتإب وذمار وهي المحافظات الأكثر جذباً للنازحين من محافظات صعدة وتعز والجوف وحجة والحديدة حيث بلغ عدد المدارس التي يقطنها النازحون 147مدرسة، الأمر الذي تسبب في حرمان طلاب تلك المدارس من التعليم، من جانب آخر تسببت موجة النزوح الكبير إلى تلك المحافظات في ضغط وازدحام كبير في المدارس التي وصل عدد طلاب الصف الواحد فيها إلى أكثر من 400 طالب نتيجة لاستيعاب الطلاب النازحين الذين حرصت وزارة التربية والتعليم على تذليل الصعوبات أمامهم ومنحهم فرصة الاستمرار في مواصلة تعليمهم، ونتيجة للازدحام الشديد أصبح المئات من الطلاب يدرسون في العراء، الامر الذي جعلهم عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض الناتجة عن تقلب المناخ. إيقاف الابتعاث إلى الخارج الآلاف من الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج كان لهم نصيبهم من المعاناة الناتجة عن العدوان والحصار فرغم نقل البنك المركزي الى عدن وسيطرة دول العدوان على الكثير من مصادر الثروة كالنفط والغاز وظلت حكومة الفنادق عاجزة عن توفير نفقات الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج وشهدت أغلب عواصم الدول التي يدرس فيها الطلاب مظاهرات احتجاجية ضد سفارات بلادنا فيها وبدلاً من حل المشكلة استدعت بعض السفارات الأمن لتفريق تلك التظاهرات، ولجأ بعض الطلاب إلى السكن في مباني السفارات اليمنية بسبب طردهم من مساكنهم لأسباب مالية، حكومة الفار هادي أقرت وقف الابتعاث إلى الخارج ووقف منح التبادل الثقافي باستثناء أوائل الجمهورية واشترطت أن يجري الابتعاث عبرها ورغم ذلك ما يزال أوائل الجمهورية في الشهادة الثانوية منذ العام 2015م وحتى العام 2017م عالقين في مدينة عدن لمتابعة منحهم الدراسية دون أن تفي حكومة الفنادق بوعودها أو توجد حلاً لمشكلاتهم من جانب آخر تشير التقارير إلى فضائح فساد مستمر في هذا الشأن تتعلق باستحواذ المسؤولين التابعين لحكومة الفار هادي في بلدان الابتعاث على منح الطلاب المستحقين وتمكين أقاربهم دون أي استحقاق قانوني.