قاعة مكتظة بالحضور ومذيع وسيم وبجانبه مذيعه فاتنة ، يصدحون بأصواتهم في كل أرجاء القاعة ، بطل هذا الحفل ينظر من خلف ستار المسرح ، يرتعد عند النظر إلى الصف الأول وباقي صفوف القاعة ، كل نجوم الرياضة والإعلام في الوطن العربي هنا يحضرون اليوم من أجل تتويجي ، فجأة ينادي مقدم الحفل بطل هذه الليلة ، يدخل الممر الفاصل بين ضفتي الجمهور يقف كل من في القاعة وترتفع أصوات التصفيق وكل ما أقترب من المسرح ارتفعت حدة التصفيق ، كان يحيهم بخجل يرفع يداه ويرسل لهم القبلات ويضع يداه على رأسه تعبيرا وامتنانا على هذا الاستقبال ، كان يومها يلبس بدلة سوداء وربطة عنق إنجليزية ، جعلا له رونقا وجاذبية غير عادية ، وقف خلف الميكرفون وتحدث بمجموعة من الكلمات المرتعشة ، أبرزها تعبيره عن الشكر لكل الحضور وراعي الحفل الكريم مرحبا بالجميع أشكركم على هذا الاستقبال المميز ، وأقدم شكري مرة أخرى لمجلة الحدث وكل القائمين عليها « ، هكذا كانت كلماته الأولى وبعدها بدأ يحس بدفء الميكرفون واستماع كل القاعة إليه بإنصات فقرر المواصلة ، « لا بد لي من العودة الى الخلف قليلا وسوف أبدأ من حيث كانت انطلاقتي، أنا الأخ الأكبر في أسرتي الصغيرة ، بداية عشقي لكرة القدم كنت اعشق حراسة المرمى ، ورغم عشقي لهذا المركز في خارطة كرة القدم إلا أن الأقدار أخذتني الى رأس الحربة مهاجما في أشبال نادي شمسان القريب من بيت والدي ، لم أستمر هناك كثيراً فقد جذبتني اضواء التلال الفريق الاشهر في مدينة عدن ، هناك كانت انطلاقتي وبروزي بجانب عباقرة كرة القدم في وطني ، لم يكن الطريق مفروشا لي بالورد وبالسجاد الاحمر بل أني كافحت حتى وصلت الى ما وصلت إليه ، سجلت 30 هدفاً في الدوري اليمني مناصفة بين الرأس والقدم ، هذا بفضل زملائي في فريق التلال وبهذا الكم من الأهداف أتوج بهداف العرب بحسب استفتاء «مجلتكم» الرائدة والعريقة « : التوقيع شرف محفوظ شرف لاعب التلال اليمني ! الهداف والقناص وصانع الأهداف القائد المتحكم بتفاصيل وخبايا الفريق الذي يلعب له ، مولع بالشباك مغرم بإهتزازها وعاشق لخداع حراس المرمى ، كان بطلاً مغواراً يدافع عن الشعار واللون الذي يرتديه حتى لو كلفه ذلك الاصطدام بالقائم حتى ينزف رأسه دما ، أتذكر مباراة التلال والرفاع البحريني عندما سجل هدف التعادل ورأسه مربوط برباط طبي ، لحظتها كان المعلق يصرخ « شرف يعيد الشرف للتلال ، شرف التلال محفوظ « ، هكذا ظل شرف بطلا متوجا لأزمان عديدة رغم انتقاله الى تضامن صور اللبناني إلا ان جماهير التلال كانت تنتظر عودة نجمها وهدفها ، عاد سريعا وواصل قيادة الكتيبة الحمراء في كل الأوقات والتقلبات ، سواء هبط التلال او كان في القمة ، و لم يتزحزح ذلك الحب والشغف الذي عهدناه من أول مرة لمس كرة القدم كانت نظرة علي محسن المريسي أفضل لاعب يمني في القرن الماضي تجاه شرف محفوظ في محلها ، عندما أهداه بدلة رياضية تقديراً لهذه الموهبة والذي انطلق من يومها حتى وصل إلى الأفضل في الوطن ، حقق العديد من الألقاب والبطولات والجوائز الفردية ، وضع اسمه ضمن قلة من الأساطير الذين نفتخر بهم ، فعندما نتحدث عن الأهداف الممتعة السهلة التي تدهشك من جمال رونقها ، هي اهداف شرف محفوظ فقط من تجعلك تصفق عند اهتزاز الشباك حتى لو كان احد هذه الأهداف في مرمى فريقك ، لعب كرة القدم أمر في غاية السهولة ، لكن لعب الكرة مع تسجيل الأهداف البسيطة والممتعه أصعب ما في الأمر ، شرف محفوظ كان يفعل كل ذلك بسهوله دون ضجيج ويحدث الفوضى في دفاعات الخصوم ويضع الكرة في الشباك وذلك عشقه الابدي مرت السنوات ومر العمر سريعا ومازلنا نبحث عن مهاجم بتلك المواصفات مع منتخبنا الوطني ، نبحث عن بقايا شرف محفوظ وعن ذرة من الشرف المفقود ، سنوات ومنتخبنا الوطني يعبث بالكرامة المتبقية لدينا من أيام شرف وزملائه ، نعم في الماضي كنا نخسر ولكن كنا نسجل اهدافا ملعوبه ، كانت شباك منتخبنا تتلقى الاهداف لكن كنا نرى شرف محفوظ وغير شرف محفوظ في مناطق المنتخبات الاخرى ، اليوم نحلم بالخروج من مناطقنا ال 16 وال 6 ونفرح كثيرا اذا وصل منتخبنا الى بداية ملعب الخصم ، شرف محفوظ لاعب ودع الملاعب والجماهير تبكيه وتندب حظها على مركز الهجوم بعده ، وانا الى اليوم احلم بمهاجم يملك نصف ما كان يملكه المهاجم الفذ شرف محفوظ !