مضى اكثر من 6 اشهر على معركة الحديدة والساحل الغربي التي اطلقها تحالف العدوان السعودي الاماراتي، المعركة التي تصدرت المشهد الجيوسياسي بالمنطقة والاقليم بفداحة تداعياتها وابعادها وضراوة احداثها العسكرية الاضخم والاكثر تعقيدا وصعوبة على هذا التحالف الفاشل الذي امعن في القاء كل ثقله وما يمتلك من وسائل قوة وتدمير للسيطرة عليها وعلى مراكزها ورموزها الحيوية والاستراتيجية، والتي انتهت دون اي نتيجة تذكر. زين العابدين عثمان قراءة تحليلية فلم تشفع له حجم الامكانات العسكرية الضخمة والهائلة التي حشدها ولا حجم المخزون البشري الكبير الذي يقدر بنحو 40 الف مقاتل (32 لواء بينهم قوات اجنبية مع آلاف المدرعات والاليات العسكرية الامريكية المتطورة) بان يحسم وينتصر في هذه المعركة المعقدة التي فاقت صعوبتها وتعقيداتها الميدانية والاستراتيجية اسوأ الاحتمالات والتوقعات المرسومة. كذلك لم يشفع له حتى الحضور والتدخل الامريكي المباشر بقيادة الجنرال الامريكي جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الوسطى الذي ارسل رسميا من البنتاغون لقيادة معركة الحديدة وتقديم العون والاستشارات للقوات الاماراتية ومرتزقتها في الاطار العملياتي والتخطيطي والاستخباراتي ووضع الاستراتيجيات وقواعد الاشتباك القتالية اللازمة لضرب واختراق الخطوط الدفاعية لقوات الجيش واللجان الشعبية. فترة وتفاصيل المعركة لقد استضافت الحديدة على مدار 6 أشهر متتابعة أكبرَ المعارك ضراوة وفداحة منذ انطلاق العدوان واكبر الزحوفات العسكرية الهجومية التي شنتها الامارات ومرتزقتها بإسناد كبير جدا ضم المقاتلات الحربية والبارجات البحرية التي اطلقت مئات الصواريخ والغارات التمهيدية على آمل التوغل والتقدم بسرعة خاطفة بالقوات نحو العمق والسيطرة على مراكز ورموز الحديدة الحيوية كالمطار الدولي والساحل والجزر وايضا ميناء الحديدة الاستراتيجي الذي يعتبر ابرز الأهداف واهمها. لكن ظلت الحديدة متماسكة بتماسك الاستراتيجية الدفاعية لقوات الجيش واللجان الشعبية التي اعتمدت فيها جوانب تكتيكية واساليب عسكرية احترافية كانت حصنا فعالا في صد وابتلاع كل الزحوفات الهجومية لمرتزقة الامارات وتحويل ارض الحديدة الى ساحة جغرافية لصالحهم وحقل استنزافي هو الاكبر والاضخم بعد ان اضافوا بقدرات جديدة من وحدات الهندسة والدروع التي عززت من القبضة الفولاذية الدفاعية لقوات الجيش واللجان الشعبية ليقوموا بعمليات صد واعاقة استراتيجية منقطعة النظير اوقفت عندها كل الزحوفات والارتال المدرعة ومنعتها من التقدم تحت وطأة ضربات وكمائن وعمليات استدراج واستنزاف مدمرة احرقت ودمرت المئات من المدرعات والآليات العسكرية واردت الآلاف من القتلى والجرحى في صفوف ألوية مرتزقة الامارات التي حاولت التقدم خصوصا تلك الاخيرة التي حاولت نحو تخوم مدينة الحديدة. وعليه فالنتيجة كانت فشل وارتطام معسكر تحالف العدوان بجدار الهزيمة ووصوله الى طريق مسدود حيث سقط الالاف من قواته بين قتيل وجريح واحرقت ودمرت الالاف من الاليات والمدرعات العسكرية الحديثة الباهظة الثمن، اما واقع ما تم انجازه استراتيجيا فيثبت ان هجمة الامارات انتهت بنتائجَ هزيلة وإنجازات ميدانية لا ترقى إلى مستوى ما تم التخطيطُ والتحضير له “فلا تمت السيطرة على الميناء ولا مطار الحديدة الدولي” ولا غيره من الاماكن الحيوية، فقط مجرد شبكة من الاختراقات الميدانية المحصورة طول خط الساحل الغربي والممتدة إلى تخوم مدينة الحديدة وهي اختراقات إذا ما قيمت بالحساب العسكري فهي انجازات طارئة لا قيمة لها ولا وزن جيواستراتيجي يخولها لفرض السيطرة او التمركز المؤقت فهي بطبيعتها العملياتية هشة وضعيفة تحتاج للحماية الجوية المستمرة لضمان بقائها على الارض ولكي لا تنهار امام الهجمات الارتدادية لقوات الجيش واللجان الشعبية. من هذا الواقع بالتحديد يعد معسكر تحالف العدوان قد فشل عسكريا واستراتيجيا جملة وتفصيلا ووصل الى نقاط حرجة لا يستطيع تجاوزها في معركة الحديدة المعقدة والمستحيل حسمها وقد ادركت امريكا ذلك بخروجها من غرف العمليات العسكرية الى منابر دعوات السلام وانهاء الحرب الذي اطلقها وزير الدفاع المستقيل «جيمس ماتيس» والخارجية «مايك بومبيو في اواخر عام 2018م. وهي خطوة اجرتها امريكا لمحاولة فكاك وكلائها الامارات والسعودية من هذه المعركة التنكيلية طويلة الامد وعقيمة النتائج التي خلطت كل الاوراق والمخططات وحطمت كل الرهانات على الارض واللجوء للمعركة السياسية عسى ان تحقق ما اخفقت في تحقيقه آلة المعركة العسكرية . خلاصة القول وما يجب ذكره هنا خصوصا وان اتفاق السويدبالحديدة حاليا على أتون الفشل والانهيار نتيجة تعنت وعدم التزام تحالف العدوان ببنوده وباختراقاته للهدنة فان تحالف العدوان اليوم اصبح فعلا امام خيارين لا ثالث لهما فإما الالتزام باتفاق السويد والعمل على الطاولة السياسية كفرصة أخيرة لمعالجة اشكالياته ومخاوفه من الحديدة واما أن يذهب نحو مواصلة التصعيد العسكري بالحديدة ومحاولة اجتياح المدينة كما يلوح بها المعتوه الإماراتي قرقاش وهو الخيار الذي سيفتح أبواب الجحيم والخسائر المفتوحة على قواته ، فقوات الجيش واللجان الشعبية اليوم على أهبة الاستعداد لخوض جولات جديدة فمن حيث الإمكانات والقدرات العسكرية والتكتيكية فقد طورت وصقلت وأصبح هناك فرق ضاربة اكبر وأضخم عدة وعدداً بشرياً لمواصلة إستراتيجية تقطيع أوصال قوات ألوية مرتزقة الإمارات بخط الساحل الغربي? باساليب وامكانات اكثر قوة وتأثير عملياتي اضافة الى وجود قوات حرب شوارع باتت جاهزة حاليا لاي طارئ بعد ان تلقت علوم وتدريبات عالية المستوى في مجال حرب الابنية والشوارع . ومما لاشك فيه ايضا ان تحالف العدوان اذا رفض الطاولة السياسية وعاد لمعركة الحديدة فستكون هذه المرة معركة مفتوحة المصراعين لن تتقيد بجغرافيا الحديدة فقط بل ستتعدى ذلك الى اراضي العمق بالسعودية والامارات وستكون عواصم الاخير في طليعة اهداف القوى الجوية والباليستية اليمنية الذي باتت تنتظر ساعة الصفر لقصف واستهداف مراكزها الحيوية والعسكرية بعمليات ردعية فائقة التأثير العملياتي والاستراتيجي ولات حين مناص.