يسرد المواطن أبو عبدالله ل»26 سبتمبر» تفاصيل حكايته الملفوفة بالحزن على مستقبل أطفال اليمن، بالقول: «لم أتمكن من السيطرة على دموعي التي انهمرت أمام مدير مدرسة أهلية عندما أبلغني بعد شهر من بدء العام الدراسي بأن مستوى ابني وابنتي ضعيف للغاية ويتوجب إعادتهما صفين دراسيين إلى الخلف بعد أن كان الولد عبدالله في المدرسة الحكومية قد وصل إلى الصف الخامس والفتاة سُمية إلى الصف الدراسي الثالث من التعليم الأساسي، وعندما صدمني مدير المدرسة الأهلية بهذا القرار القاضي إلى إعادة طفلي مستويين إلى الخلف، رددت عليه بأنه ليس لدي دخل وإنما استدين لكي أمنح أولادي حقهم من التعليم». تقرير / نجيب عبده لا يختلف الأمر كثيراً لدى المواطنة أنيسة التي اضطرت في هذا العام الدراسي إلى إبقاء بناتها في البيت، وتقول: «ثلاث سنوات وبناتي يذهبن إلى المدرسة الحكومية القريبة من مسكننا ويرجعن بعد ساعة أو ساعتين بحجة عدم وجود المعلمين الذين لم يتقاضوا رواتبهم، وفي هذا العام فضلت ألا يذهبن إلى المدرسة، ويحدونا الأمل بأن يتوقف العدوان على اليمن ويعود أطفالنا إلى مدارسهم». وعن سبب عدم دفع المواطنة اليمنية أنيسة ببناتها إلى المدارس الأهلية والخاصة تقول إنها لا تملك المال الكافي لدفع رسوم التعليم الأهلي والخاص، خاصة أن راتب زوجها الذي يعمل حارساً في شركة خاصة لا يكفِ سوى لتغطية نفقات ايجار المنزل وتوفير الغذاء الأساسي لأسرته المكونة من سبعة أشخاص. يواصل العدوان على اليمن تدمير مختلف نواحي الحياة، ويدخل هذا العدوان عامه الخامس مخلفاً الكثير من الدمار.. أذ كان التعليم هدفاً بارزاً أمام العدوان، حيث تم تعطيل العملية التعليمية ليحرم ملايين الأطفال من حقهم في التعليم.. وقد تعالت الأصوات المنددة باستهداف التعليم وتدمير بنيته التحتية، إلا أن تلك الأصوات قوبلت من قبل المجتمع الدولي. وفي ذلك تقول منظمة اليونيسف إن 66% من المدارس في اليمن تضررت بسبب العنف الشديد، وأغلقت 27% من المدارس، في حين تستخدم 7 % من المدراس كمراكز إيواء للأسر النازحة، كما تسرب الأطفال من المدارس ليصل إلى 2 مليون طفل خارج المدرسة، فيما يحتاج 4,1 مليون طفل إلى مساعدة في الجانب التعليمي، إلى جانب الاضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمنشآت التعليمية في اليمن، فهناك ما يقارب 135,000 ألف مدرس لا يستلمون مرتبات منذ ما يزيد عن عامين، ويعيشون ظروفاً صعبة أجبرت الكثير منهم إلى ترك وظائفهم والعمل في وظائف أخرى لتوفير متطلبات الحياة.. كل هذه التحديات تفرز واقعاً تعليمياً معقداً يقود إلى زيادة رقعة الأمية. لم تكن العملية التعليمية في اليمن تتمتع بالجودة المطلوبة في زمن السلم، إلا أنها كانت تظل خيط أمل لولادة واقع تعليمي أفضل يساعد على استثمار الثروة البشرية الهائلة التي يكتنزها اليمن.. هذا الواقع التعليمي المهترئ دخل في زمن الحرب الذي يشنه العدوان بقيادة السعودية على اليمن لتنتهي كل تلك الأساسيات التي كانت تنذر بواقع تعليمي أفضل إذا ما تم الاهتمام بتطوير التعليم. وفي ذلك تقول البيانات الرسمية إن الفترة من العام م1999 وحتى العام 2013 شهد التعليم في اليمن تحسناً ملحوظاً، حيث ارتفعت معدلات الالتحاق بالتعليم من 71,3% إلى 97,5%، وبلغ عدد الملتحقين بالمدارس أكثر من 5 ملايين ومائة ألف طالب وطالبة في العام الدراسي 2012/2013, مسجلين في ما يقارب 17 ألف مدرسة تضم أكثر من 136 ألف فصل دراسي. وعن الضرر الذي لحق بالمؤسسات التعليمية في مجال التعليم العام جراء الحرب، تشير تقديرات الأممالمتحدة إلى أن عدد المدارس المغلقة بلغ 1100 مدرسة، وذلك بسبب تضررها كلياً وجزئياً بشكل مباشر، أو استضافتها للنازحين، ووفقاً للبيانات فإن عدد المدارس التي تضررت كلياً أو جزئياً بسبب العدوان تجاوز 1700 مدرسة، وتحتاج إلى أكثر من 50 مليون دولار لإعادة إعمارها.