الشعوب المتحضرة.. والمجتمعات الراقية.. لا تقاس بتفوقها العسكري أو المادي.. وإنما تقاس برقي ثقافتها وفكرها وقيمها ومبادئها.. فأي مجتمع حضاري راقٍ تقوده ثقافة راقية.. وقيم ومبادئ سامية.. فالثقافة مرآة الشعوب, وبها تتضح ملامح المجتمعات, وآفاق رؤاها الفكرية, وسلوكها الاجتماعي.. وموروثها التاريخي والحضاري والتراثي.. لذا فالإنسان الذي نشأ وتربى على قيم ومبادئ وأخلاق.. وترعرع وتشبع بثقافة الموروث, مستحيل أن تغيره عاديات الزمن.. بل سيظل عسيراً عصياً متصدياً لكل التحديات والمحن والخطوب.. أما الثقافات الهشة ذات الألوان الرمادية الباهتة.. فتحمل في طياتها ركاماً سوداوياً هلامياً.. وأفكاراً جوفاء ترفض التعايش مع الآخر.. وترفض كل جديدة وفريد مبدع.. من هنا ندرك خطورة المرحلة وتحدياتها.. فالمشهد الثقافي الراهن يواجه تحدياً إقليمياً, ودولياً تفرضه قوى الشر والاستكبار العالمي على دول المنطقة برمتها لتشويه صورة الثقافة العربية الإسلامية.. بل لطمس الهوية الإسلامية واستبدالها بثقافات مبتذلة وماجنة.. وهذا ما يروج له الآن عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.. لذا لابد أن نعي تماماً أن قوى الشر العالمي بالمرصاد لهذه الأمة في حلها وترحالها.. والمستهدف في الأول والأخير هي الثقافة الإسلامية, والعقيدة التي أقضت مضاجع العلمانيين ودعاة التحرر الزائف الذين يرفعون شعار: “الدين أفيون الشعوب”.. وعلى الشعوب العربية والإسلامية أن تدرك حقيقة مفادها أن التحالف الثقافي الوطني والقومي بات أمراً حتمياً وضرورياً ومحورياً لمواجهة تلك التحديات.. من هنا ندرك حساسية المرحلة وخطورتها, وإفرازاتها الماورائية على الأجيال القادمة, إن لم ننطلق من أسس تربوية سامية.. ومبادئ منبثقة من عقيدتنا وموروثنا التاريخي والحضاري والثقافي الذي يحمل في مضمونه ومحتواه قيم المواطنة المتساوية.. والحرية.. والعدالة بكل أبعادها الآنية والمستقبلية والاستشرافية حتى نتجاوز كل التحديات والعقبات التي تقف حجرة عثرة في طريقنا.. } كلمات مضيئة: “..... كفاني أموت على أرضها وأدفن فيها وتحت ثراها, أذوب وأفنى وأبعث عشباً على أرضها وأبعث زهرة.. تعبث بها كف طفل نمته بلادي كفاني أظل بحضن بلادي”.. “فدوى طوقان”..