النقد الأدبي موضوع أخذ ورد.. وهو في صراعٍ دائم بين ان يكون او لا يكون.. الى هذا وذاك هو مليء بالمفردات البراقة، والمصطلحات المؤدلجة.. وهي إحدى الإشكالات المزمنة في علم النقد قديماً وحديثاً.. فالناقد المتمرس لا يجد غضاضةً، او حرجاً في توليد المفردات الجديدة، والمصطلحات الشاذة عند دراسة اي نص من النصوص الأدبية أياً كان جنسه.. فللنص الأدبي ثمة قراءات عديدة.. ومستويات متباينة.. ورؤى متنوعة.. وتحليلات مفتوحة.. تتباين بحسب المناهج والمدارس والنظريات النقدية.. أياً كانت عربية ام غربية.. بعض النقاد يميلون الى المناهج الحديثة كالبنيوية والأسلوبية، والسيميائية وغيرها.. من هنا نُدرك خصوصية كل ناقد او باحث.. لأن النقد عملية ديناميكية متجددة، ومواكبة لتطورات العصر، وذات مستويات متفاوتة.. ورؤى متباينة من ناقد الى آخر.. فهناك عدة مستويات لدراسة او تحليل النص الأدبي، منها على سبيل المثال لا الحصر: المستوى التفكيكي.. المستوى الفني الجمالي.. المستوى اللغوي والدلالي.. المستوى النفسي.. المستوى التاريخي والفلسفي والاجتماعي.. و...الخ.. لذا على الناقد أن يكون ملماً ومتمرساً وموسوعةً في علوم اللغة العربية وفنونها من نحوٍ وصرفٍ وبلاغة، وعلم دلالة وتأويل.. الى جانب إلمامه بنظريات النقد ومدارسه ومناهجه القديمة والحديثة، حتى يستطيع سبر أغوار جماليات، وتقنيات النص بكل ألوانه وأطيافه ومشاربه.. وصولاً الى صياغة جديدة، وقراءة النص من عدة زوايا.. وجوانب شتى.. وبصورة سلسة وشاملة.. وذات رؤى متباينة.. ومستويات مفتوحة.. بعيداً عن النظرة المتطرفة.. أياً كانت مذهبية.. أم أيديولوجية.. أم جهوية.. لأن الحركة النقدية اليوم باتت تعيش حالة تكلس وفوضى واضطراب بسبب الأوضاع السياسية الدائرة في العالم العربي.. الحق يقال هناك فئة من النقاد استطاعوا في مرحلةٍ ما ان يحققوا نجاحاتٍ مبدعةً من خلال تطور أجناس سردية كالقصة القصيرة، والرواية، والقصة القصيرة جداً حتى باتت هذه الأخيرة “ديوان العرب”.. في حين ان وظيفة الشعر بدأت تتراجع في ظل تلك الأجناس السردية.. اضافة الى ان هناك أزمة ثقة بين النقاد والشعراء.. حيث صارت القصيدة تتخبط خبط عشواء بين اغراق في الغموض والضبابية والميتافيزيقية المحضة.. أو السقوط في السطحية والابتذال والعامية المفرطة.. وهذا واضح للعيان من خلال طبيعة النصوص الركيكة المبثوثة هنا وهناك في ظل انتشار النشر الإلكتروني، والشبكة العنكبوتية.. لذا ينبغي ان تكون هناك شروط وسمات للناقد المبدع المتجدد أهمها التخصص الأكاديمي مع الموهبة والتمرس، والإلمام الشامل بالعلوم الإنسانية من فلسفة ومنطق وعلم نفس، وتاريخ واجتماع، وأن يكون الناقد ملماً باللهجات القديمة والحديثة.. الى جانب اتقان لغة عالمية.. علاوة على ذلك ان يلتزم الناقد الحيادية، والمنهجية عند نقده لنص ما.. وان ينأى عن النرجسية، والنقد الكيدي المتكئ على الذائقة الذاتية.. أو المذهبية أو السلالية.. أو الشطحات الفردية.. اذا اراد ان يكون ناقداً مبدعاً وموضوعياً.. لأن النقد في الأخير هو تقويم لا تقزيم ولا تقليل من شأن الآخرين أو انتقاص من أعمالهم الإبداعية..!.