أحداث كثيرة وكبيرة شهدتها منطقتنا والعالم في العقد الأخير من القرن الماضي وفي عقدي القرن الحالي لتتشكل منها ملامح تحولات كبرى قادمة لن تكون في صالح القوى الإقليمية والدولية التي تعاطت معها اعتماداً على امتلاكها للثروة النفطية الريعية المهولة- ونقصد هنا مملكة بني سعود وبقية المشيخات الخليجية- وعلى القوة العسكرية والاقتصادية والأمريكية المدمرة التي اعتقدت في لحظة انهيار القطب الآخر أنها انتصرت وأصبحت هيمنتها ذات طابع كوني, ولترسيخها وتأييدها ينبغي خوض حروب محددة لمسار الهيمنة بالاتجاه الذي محورها منطقة الشرق الأوسط في مكوناتها العربية والإسلامية.. ولأن لله نواميسه في خلقه, وللتاريخ قوانينه فإن غطرسة الثروة وعنجهية القوة المتجردة من المبادئ والقيم ليست إلا غروراً وحماقةً يمكنها أن تؤدي إلى الكثير من الدمار والخراب والمآسي والكوارث الإنسانية, لكنها في النهاية ستنهزم أمام المشيئة الإلهية وحركة التاريخ وإرادة الشعوب.. كل هذا يمكن تبينه واضحاً جلياً في الحرب العدوانية الإجرامية القذرة والشاملة التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني البريطاني على الشعب اليمني المفقر المسالم والمستمرة للعام الخامس على التوالي, والذي أثبت أن القوة والمال لا يمكنهما الانتصار على إيمان وعزيمة وإرادة الشعوب المنطلقة من أساس متين هو قوة الحق وعدالة القضية التي تدافع عنها, وعلينا فقط النظر بعمق إلى طبيعة مكونات تحالف العدوان على شعبنا وحال هذا الشعب عندما شنت عليه الحرب, وبتلك الوحشية التي اعتقد المعتدون عليه أن الأمور لن تأخذ سوى أيام وإن طالت أسابيع, وهاهو العام الخامس الذي معه أصبحت بشائر انتصاره رغم كل ما جيش عليه تلوح في أفق التغيير غير المتوقع والمسبوق في معادلة هذه الحرب العدوانية الوحشية ضد شعب مستضعف لم يدرك أعداؤه مكامن قوته التي بكل تأكيد لا تخضع لمقاييسهم التي أثبتت خطأها ومآلهم الهزيمة والسقوط القريب.. الجميع اليوم في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية بات يدرك أن نهايات تحالف الشر وشيكة وإن استمر في عنجهيته واستكباره وإصراره على أجندة مشاريعه سيجعل هزيمته مدوية, خاصة وسياقات الأحداث تضعنا اليوم أمام حقائق التوازنات التي تتشكل من لهيب الحروب والصراعات العبثية التي أشعلتها أمريكا وأدواتها في اليمن والمنطقة والتي ستحرقها, ويأتي في هذا المنحى ما يجري في منطقة الخليج كنتيجة كرة النار التي تسعى أمريكا وأتباعها في المنطقة- والمقصود مملكة بني سعود ودويلة الإمارات وإسرائيل- دحرجتها نحو إيران لترتد إليهم قوية محرقة تضع هيبة قوى الشر هذه على المحك بحيث لا يكون خيار أمامها سوى القبول بتسويات تعيد الحق إلى نصابه وتحقق العدالة التي وحدها ستعيد الأمن والاستقرار والسلام, وإلا فالنهاية لن تكون أبداً في صالح أمريكا وحليفتها إسرائيل وبقية الأتباع والأدوات, والبداية مدها يد السلام مقابل يد الشعب اليمني التي مازالت ممدودةً للسلام قبل أن يفوت الأوان.