العداء الشديد والكراهية المتبادلة بين “بني محسن” وبني “جعفر” الذي بدأ من سبعينات القرن الماضي امتد إلى بداية تسعينات القرن الماضي- وكان آخر ضحايا الثأر بين الطرفين هو: الشهيد/ عبدالحميد جعفر الذي استشهد على يد واحد من بني “محسن” ملاحظة: اعرف المرحوم معرفة سطحية أما نجله الكبير المناضل/ محسن عبدالحميد جعفر(1) فانا اعرفه جيداً أما أولاده الصغار فقد كانوا زملائي في مدرسة النجمة الحمراء في منطقة العند بجنوب الوطن خلال الفترة من 1972م إلى أوائل عام 1977م وهم: مسعد وحمود وعبدالرزاق. عودة إلى الموضوع: عندما بدأت الإعداد والتجهيز للكتاب المعنون حروب المناطق الوسطى وحقائق غائبة وأخرى مغيبة” والذي قد قطعت في انجازه نصف المشوار تقريباً أدركت منذ البداية أن معظم مشايخ المناطق الوسطى قد عرفوا بعد أحداث عامي 1972م -1973م انهم كانوا ضحية سلطة 5نوفمبر أكثر من غيرها والتي أوعزت إليهم القيام بدورها دون دعمهم أو حمايتهم.. فالسلطة قد وعدتهم بالحماية لكن فاقد الشيء لا يعطيه فالدولة لم تستطع أن تحمي وجود مرافقها في المناطق الوسطى فكيف سيكون بمقدورها حماية مناصريها من المشايخ؟! إن سلطة 5نوفمبر الرجعية قد ضحت بالمشايخ للقيام بدورها متخذة المبدأ غير المأثور:” ما تكسر الحجر إلا أختها” وحتى تضحية المشايخ نيابة عن الدولة قد تم تهميشها أو تغييبه بل لقد عملت الدولة على تغييب الحروب والأحداث الصغرى والكبرى في المناطق الوسطى بشكل عام لسبب في نفس يعقوب فغالبية الناس في نفس المناطق الوسطى لا يعرفون عام حدوثها فما بالكم بتفاصيل حدوثها مثل الأسباب والمسبب والمنفذ الخ.. لذلك فقد رأيت ضرورة البحث عن أغوارها لمقاربة الحقائق ولو نسبياً أو تدوينها كوقائع وعام حدوثها على الأقل في سبيل الوصول إلى حقيقتها.. فالحقيقة بحد ذاتها هي نسبية ولا يوجد شيء مطلق إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. كما رأيت بان نبش الجراحات القديمة ومحاولة تنظيفها وعلاجها هو أفضل من ان تظل ناراً تحت رماد. وهنا ابدأ بذكر الحوادث التي وقعت في منطقتي- مخلاف عمار عامي 1972م- 1973م وبقية مخاليف المنطقة الوسطى لاحقاً وبالذات الحوادث الكبيرة حسب تسلسل تاريخ حدوثها والتي أسفرت عن إزهاق أرواح أو أحدثت إصابات بليغة وهي كالتالي: 1- سألت الشيخ احمد علي الحصيني عن تفاصيل ما حصل من تفجير وهدم لدارهم؟ فقال: بتاريخ 15/6/1972م تم تفجير دارنا وأسفر التفجير الكبير عن هدم الدار وهلك تحت أنقاض الدار المكون من ثلاثة ادوار والده ووالدته وستة من إخوانه وأخواته وأصيب هو بكسور بيده اليمني وتعالج على حسابه ولم تقدم له الدولة أي عون مالي أو معنوي وعندما سألته عن الجهة أو الشخص أو الأشخاص الذين قاموا بهذا العمل الإجرامي؟ ولماذا؟ وهل لديه شك أو اتهام ضد احد؟ تحفظ عن الإجابة وقال: لا تعليق أنا متحفظ أعفني من هذه الأسئلة. ملاحظتان: * الملاحظة الأولى: أنا اعرف الشيخ احمد علي الحصيني جيداً.. بداية المعرفة كانت أواخر عام 1969م، كنا بسن الطفولة ندرس تحت ظلال الأشجار في قرية قهلان.. كان طالبا مجتهدا وذا شخصية قوية. وعندما حصلت الكارثة المذكورة أعلاه.. تعالج على حسابه الشخصي ولم يحظ برعاية الدولة أو وساطات اهتمامها به كالتي نالها أمثاله من أبناء مشايخ المنطقة الوسطى.. لم ينهار الشيخ أحمد علي بل ثابر في تكوين نفسه من الصفر وعمل جاهداً على تجاوز وقع كارثة فقدان أسرته التي لم يتبق منها سوى شقيقته الكبرى التي كانت في منزل زوجها وقت وقوع تفجير دار والدها. كما أن الأخ أحمد علي الحصيني في سنوات شبابه الأولى لم يبحث عن وساطة لدى الدولة للدراسة أو الوظيفة واكتفى باعتماده على نفسه ونحت بأظافره الصخر حتى كون نفسه.. وها هو اليوم يعيش مستقراً آمناً مع زوجته وأولاده مقتنعاً بما تجود به أرضه الزراعية والتي يعمل على فلاحتها بنفسه.. حقاً إن الأخ احمد علي الحصيني واحد من نماذج الإنسان اليمني المكافح الذي أحب أرضه ووطنه ويعمل في سبيل رقيه وازدهاره. * الملاحظة الثانية: بالنسبة للوالد الشيخ علي أحمد الحصيني- والد أحمد والذي ما زال موضوع استشهاده وأسرته قبل 47عاماً وصمة عار بجبين منفذي الجريمة ووصمة عار في جبين سلطة 5نوفمبر الرجعية ووصمة عار أيضاً في جبين المعارضة السياسية آنذاك, فالشيخ علي أحمد الحصيني معروف للقاصي والداني بسلميته فهو لم يعاد الدولة ولم يعاد منظمة المقاومين الثوريين في المنطقة الوسطى أو غيرها، أنا اعرف الشيخ علي احمد الحصيني جيداً فهو خريج المدرسة الشمسية في ذمار- عالم دين- رجل طيب ومتواضع لم يلحق الضرر أو الأذى بأحد لا بالدولة ولا بغيرها. عودة إلى الموضوع: 2- في النصف الأخير من عام 1972م قُتل- بضم القاف- الشيخ سعيد ناجي الحدي في منطقة “الحصور” بين قرية المعزبة ودمت. - المعلومة الخاصة بعام الحادثة أفادني بها الشيخ علي يحيى الحصيني- البقية مغيبة. 3- أواخر عام 1972م تعرض دار الشيخ/ طاهر الشامي شيخ قرية العكرة إلى هجمات بقذائف “الآربي جي تو” بترت احداها رجل نجله الكبير محمد. - المعلومة أعلاه أفادني بها الشيخ حسين محسن المدحجي الوكيل الأول لمحافظة الضالع- بقية المعلومات مغيبة. 4- في 6/3/1973م قتل الشيخ ناجي محسن الحدي شيخ مشايخ مخلاف عمار. 5- كما قتل قبله بثلاثة أيام ابن أخيه الشيخ/ عقيل محمد محسن الحدي علماً أن عقيل الحدي أحد مناضلي حرب السبعين يوماً. ملاحظة: أفادني بمعلومة التاريخ والعام الشيخ علي يحيى الحصيني(2) أما بقية المعلومات مازالت مغيبة. يتبع عدد الأربعاء القادم الهوامش: 1- المناضل محسن عبدالحميد جعفر: قيادي في منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين وفيما بعد الجبهة الوطنية الديمقراطية. - عضو في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني منذُ تأسيسه في 11اكتوبر عام 1978م. 2- الشيخ علي يحيى الحصيني: غير متحزب، طيب ومتواضع حتى انه لا يحب أن يناديه احد بلقب شيخ، حالياً متقاعد بعد اغتراب طويل جزء بسيط في الكويت وفترة طويلة في أمريكا. - سبعيني العمر - يحمل الجنسية الأمريكية منذ أكثر من ثلث قرن. - إلى جانب صفاته الطيبة وأخلاقه العالية.. يتميز بقوة الذاكرة حيث انه يحتفظ عن ظهر قلب بتواريخ وتفاصيل كافة الأحداث اليمنية منذ ما قبل ثورة 1948م وحتى الآن.