نعيش لحظات تاريخية وفى كل لحظة فيها انعطافات لمسارات سياسية متعددة ومتعرجة تحدد واقعنا ومستقبلنا ووجودنا كأمة تقبض على الجمر بيد والأخرى نبض على سارية الأرض كمركز لوجودنا يقوم على مفهوم سيادي وهو الدولة بمعناها الحقيقي الذي نحن نريده لا أن يريده الآخرون عمادها المواطنة والمساواة والحرية وفوق كل ذلك الحق التاريخي الذي هو غير قابل للمساومة مطلقاً. فلسطين إذاً هي المبتدأ والمنتدى ما هو ثابت في الوجدان لا يمكن أن يتغير فالوعي العربي والإسلامي بفلسطين ما زال متجذراً قادراً على الإدراك وإذا كانت أمريكا وحلفاؤها وأدواتها في المنطقة يسوقون الوهم من خلال مبادرات السلام المتعددة المتخمة بمفردات براقة فإنها وبلا شك فخ فلا يمكن جعل الأرض جزءاً من الكل وإعطاء ذلك الجزء لأصحاب الحق التاريخيين وإعطاء الكل الغاصب المحتل. الثابت أن اتفاقية أوسلو كانت صفقة خاسرة وخيانة لدماء الشهداء وإعطاء إسرائيل البراءة من الدم الفلسطيني والتفريط والتنازل للاحتلال لأراضي 48 التي احتلتها إسرائيل وتسببت في مأساة ونكبة للشعب الفلسطيني الذي مازال يعاني تبعاتها حتى اليوم.. يدعون بعض العرب في وقتنا الراهن خصوصا المتصهينين منهم وما أكثرهم يدعوا الفلسطينيين للتعامل مع صفقه القرن ببرجماتية فاتفاقية أوسلو السيئة الصيت كانت برجماتية وكامب ديفيد برجماتية أيضاً فماذا جنى العرب كل ذلك سوى الخيبات والعار والهزائم. صفقة القرن المهينة التي يسوقها كوشنر اليوم تختزل كل مطالب الشعب الفلسطيني في حق العودة وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف في محفزات اقتصادية والتخفيف من الأعباء الأمنية لإسرائيل وتوجسها الدائم من انفجار الوضع وجعل الأخيرة كأنها دولة طبيعية متجانسة مع جيرانها العرب أنها محاولة لاحتواء العقل الجمعي العربي والفلسطيني وكبح جماح الاحتجاج والرفض العربي وتفريغه وتقزيمه من أي نزعة ثورية وقتل كل شعور قومي وإسلامي تجاه فلسطين عبر وسائل متعددة يأتي الإعلام في مقدمة ذلك الذي يروج لأطروحات أمريكية وغربية لكي يقبل الضحية بما يريده الجلاد.. نحن أمام تسوية وصفقة مغلفة بعناوين براقة مفخخة لا تخاطب الحقائق لتفسيرها تفسيراً صائباً انه سلام خادع لا ينجب سوى مقدمات لهزائم أشد فتكا.. فحذار من كل ذلك وإلا قد غادرنا التاريخ.