الحديث عن حياة الشهداء العظماء حديث ذو شجون يحاكي الوجدان ويستشف الضمير, تستذكر مواقفهم ومآثرهم فتقف محتاراً, أمام عظيم ما قدموه, حين لبوا داعي الجهاد مستشعرين المسؤولية الكاملة الملقاة على عاتقهم أمام الله والشعب فانطلقوا إلى كل ميدان عظيم ومقدس يسطرون ملاحم سيخلدها التاريخ في أنصع صفحاته, وليرسموا بدمائهم الطاهرة فجر الحرية والاستقلال لوطن وشعب بأكمله, وليعبدوا بأجسادهم طريق النصر والعزة والكرامة. نعم.. لقد ضرب الشهيد المجاهد العميد البطل أمين الحميري أروع البطولات وخاض أشرس المعارك في جبهات الحد الشمالي منكلا بمن معه من المجاهدين فلول وحجافل العمالة والخيانة والارتزاق, ونجا أكثر من مرة من قصف طيران العدو, حتى نال الوسام الإلهي الذي لطالما كان يتمناه وينتظره بفارغ الصبر. عندما أتحدث عن الشهيد المجاهد أمين الحميري الذي عرفته في فترة سابقة فأنا إنما أتحدث عن واحد من القيادات العسكرية النموذجية الواعية التي حلمنا بها وتمنيناها, ذلكم هو الذي الذي ضرب أروع الأمثلة في الصدق والإخلاص والجهاد والصبر' ورغم قساوة الظروف التي نعيشها معا جراء استمرار العدوان والحصار لكنه لم يكل ولم يمل ولم يفتر ظل مرابطا في مترسه وخندقه متدرعا بزيه ولامة حربة بعيدا عن البحث عن المناصب والرتب, بعيدا عن الأهل والأسرة, إنما اتخذ من الصبر زاده, والقرآن بصيرته, وأعلام الهدى قادته, فكان هوالأب الحنون لأفراده من الجيش والمجاهدين, كان هو ذلك القائد المثالي, وبعيدا عن الإطراء فكان هو المتواضع وبعيدا عن التملق فكان هو الكريم وبعيدا عن الإشادة فكان هو الثابت, وبعيدا عن الرياء فكان ذلك هو الربي, جسد في تعامله وقيادته وجهاده وزكاء نفسه, أخلاق وتعاليم وقيم ومبادئ المسيرة القرآنية في أبهى حللها, فكان هو النموذج في القيادة والإدارة, الأسوة والقدوة. العميد الحميري أول معرفتي به أذكر ذات مرة اتصلت به وطلبت اللقاء كي أجري معه لقاء صحفيا وكان حينها في صعدة فوعدني في أول فرصة بعد وصوله صنعاء سيجري اتصالا بي, وفعلا حينما وصل صنعاء اتصل بي من فوره, ولقد سبقني إلى المكان الذي تم تحديده لعمل اللقاء الصحفي به, دون استعلاء أو تعالٍ أو غرور, فالمنصب والرتبة لم يكن يلقي لهما بالا, إنما كان يحسب حساب كيفية اللحاق بركب القافلة التي كان يتخوف أن تفوته وكان في الحقيقة طامعا فيها. عفت نفسه عن الدنيا وزخارفها, وأبى إلا أن يسقط في ميدان العزة والكرامة مستبسلا في سبيل الله فأبى ألا أن يلتحق بركب من سبقوه من القادة والشهداء الأخيار ليكن معهم في ضيافة الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر بعد أن جرع الغزاة والمرتزقة الويلات وأنكى بهم وشرد بهم من خلفهم في تباب وسهول وجبال وبطون وديان صعدة وجبهات ما وراء الحد الجنوبي. التحق برئيس الشهداء صالح الصماد وكان هو المرافق الذي التصقت يده بيد الرئيس أثناء زيارته للمجاهدين في جيزان التحق بركب قائده السيد المجاهد احمد العزي وحسن الملصي والقوبري والكثير والكثير. لا يسعني الحديث عن هذه الشخصية العسكرية الاستثنائية التي ترجلت بكل رجولة وشجاعة سيخلدها التاريخ في أنصع صفحاته المشرقة ' لكنا وباختصار في هذا المقام نجدد له العهد ولكل الشهداء العظماء والقادة الأخيار الأعلام من أهل بيت رسول الله بالمضي على دربهم والسير على خطاهم, فهنيئا لهم الضيافة والمقام الرفيع عندالله.