تعد عملية طباعة النقود وبشكل مستمر لأي دولة من أساسيات العمل المصرفي و أمر مُلِح في ظل تزايد الطلب على السلع والخدمات، وكذلك تزايد حركة التجارة الخارجية بين الدول. وتختلف السياسة المصرفية والمالية للدول عند التفكير بطباعة العملة من دولة الأخرى طبقاً لعدة عوامل من أهمها الاستقرار النسبي لقيمة العملة المطبوعة لتحقق الهدف من طباعتها وهو الاحتفاظ بقيمتها للفترات الزمنية القادمة، ولذلك تسعى الحكومات دائبة على استقرار القيمة النقدية لعملتها المحلية لتفادي النفور من استخدام هذه العملة والبحث عن أي عملات أجنبية أخرى تحقق ما فشلت فيه العملة المحلية. وعند الحديث عن عملية طباعة العملات فهناك العديد من الأسباب المنطقية والمبررة التي تجعل الحكومات تقوم بطباعه عملات جديدة، ومن هذه الأسباب المنطقية استبدال العملات المهترئة بعملات جديدة تحل محلها، ولا توثر هذه العملية على الاقتصاد ما لم يكن هناك عجز في الجانب الرقابي للبنك المركزي على كم العملات المطبوعة مما يؤثر سلباً على قيمة النقد داخل الدولة ويخلق حالة من عدم الثقة في العملة المحلية تدعو المتداولين للنقد للتوجه نحو تحويل مدخراتهم إلى عملات أجنبية أخرى أو معادن نفيسة.. في محاولة للاحتفاظ بقيمة مدخراتهم أو استثماراتهم. كما تقوم الدول أيضاً بطباعة عملات جديدة سعياً منها لتحقيق طلب جديد ومتزايد على السلع والخدمات التي سيتم توفيرها من قبل رؤوس الأموال المحلية والدولية في الدولة، و هذا بدوره يقوم بزيادة معدلات الإقراض والتداول النقدي بين المنتجين والمستخدمين، مما يسهم في زيادة دوران عجلة التنمية الاقتصادية. وبالاعتماد على المعطيات أعلاه نستطيع أن نرى الصورة بشكل أوضح مطلعين على الأسباب المُلِحة لطباعة العملات والتي تسهم بشكل مباشر في تحسين اقتصاديات الدول، ولكن السؤال المطروح، هل ما تم من طباعة للعملات المحلية لأكثر من مرة وفي فترات متقاربة ومن دون النظر إلى حجم التدهور الاقتصادي الممٌنهج الذي يمارس على البلد، ولعل آخر صوره إشاعة طباعه ورقه نقدية جديدة تحمل قيمة 2000 ريال يمني، فلو افترضنا أنها إشاعة فسيكون الغرض منها إفزاع الناس وزيادة إقبالهم على تحويل كل ما يملكونه من مدخرات إلى عملات أخرى أو شراء عقارات أو معادن نفيسة، بسبب حجم التدهور الذي ستصل إليه العملة في حال تم بالفعل طباعة هذه الورقة الجديدة، وبهذا تكون قد حققت الإشاعة الغرض منها. ولكن لو تم فعلاً طباعة هذه الفئة النقدية الجديدة، فهذا سيعد مساهمة مباشرة في القضاء على مقدرات الناس وتصرفاً لا مسئولاً.. وبعيداً عن المنطق والعقل الذي تدير به الدول اقتصاداتها.. حيث أن طباعة فئات جديدة من العملة لا ينبغي أن يكون قراراً اعتباطياً و يجب أن لا يتم إلا بعد دراسة عميقة عن مدي الجدوى الاقتصادية وتكلفة طباعتها، كما حصل في عده دول كانت تواجه مشاكل اقتصادية، دفع هذه الدول إلى طباعه فئات نقدية جديدة، بالإضافة إلى أن معدلات التضخم ساهمت في عدم قدرة الدول على تحمل أعباء وتكاليف الفئات النقدية الصغيرة، مما اضطرها لطباعة الفئات النقدية الأكبر. و ما يقوم به البنك المركزي صنعاء حتى يومنا هذا من عدم القبول بالتعامل مع الفئات النقدية الجديدة التي تم طباعتها خلال فترة الحرب، لهو قرار حصيف و صمام أمان ساهم إلى حد ما في عدم تسارع انهيار الريال اليمني، ولو افترضنا ولو جدلاً انه تم دخول كميات نقدية من هذه الفئات فهنا يتجلى دور البنك المركزي صنعاء في تقليل المعروض من النقد القديم لحين السيطرة على الكمية الموجودة في السوق وعدم توفر سيولة نقدية بالعملة المحلية تجعل من النقد الأجنبي في هذه الحالة هو الأكثر تداولاً في السوق.. لذلك وبسبب الحاجة للريال سيتم تخفيض الدولار من قبل الصرافين لتشجيع الناس على الشراء بالسعر المنخفض لإيجاد نقد بالعملة المحلية، وبهذه الطريقة يستطيع البنك المركزي السيطرة الجزئية على النشاط المالي في ظل الظروف الحالية. مستشار اقتصادي دولي