الحرب تتواصل بأعنف صورها. وطرفا الحرب يستخدما كل قوتهما من أجل تحقيق النصر في المعركة أو على الأقل إضعاف الطرف الآخر. لكن هناك حالة من عدم الرضى داخل المستوى السياسي الإسرائيلي عن أداء الجهاز العسكري والجيش. وهناك اتهامات لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية بالفشل في تحقيق أهداف الحرب وحصر النقاط التي سيضربها الجيش. ويواجه الجيش انتقادات حادة لعدم تمكنه من إصابة أهداف دقيقة. حيث تبين أن ما كان يعلنه الجيش من إصابة أهداف هامة مثل الملجئ الذي يتحصن به قادة حزب الله لم يكن سوى مبنى قيد الإنشاء. إضافة إلى قصف الشاحنات واعتبرت إسرائيل في حينها أنها شاحنات تحمل أسلحة ومنصات إطلاق صواريخ لكن ما تبين هو أنها مواد بناء وشاحنات تنقل مواد غذائية. وهذا ما جعل الجيش الإسرائيلي وتحديدا جهاز الاستخبارات في حرج تام أمام المستوى السياسي. فكثيرا ما بدى رئيس الوزراء أيهود أولمرت منفعلا وغير راض عن اداء جيشه. هذا الأمر جعل القيادة السياسية تشارك في اتخاذ قرار بالبدء في عمليات برية ضد حزب الله اللبناني علها تتمكن من تحقيق أهدافها وإلحاق أضرار فعلية في حزب الله. وعلى الأرض بدأت إسرائيل تحشد قواتها في المناطق الجنوبية للبنان استعدادا لشن الهجوم البري. وتعول إسرائيل كثيرا على المعركة البرية خاصة وانها سوف تستخدم فيها غطاءا جويا مكثفا. اما حزب الله فأنه قد أعلن على لسان أمينه العام حسن نصر الله أنه ينتظر بشغف المعركة البرية مراهنا على تجارب سابقة في هذا المجال. وهذا ما أكده نصر الله عندما أعلن أنه سيكون المنتصر في المعركة البرية. هذا في وقت بدأت إسرائيل تهيء نفسها لخمسة سيناريوهات من الممكن حدوث أحدثها لنهاية الحرب مع حزب الله اللبناني. وتعتبر إسرائيل أن جميع الاحتمالات قائمة وأنه من المتوقع حدوث أي شيء في هذه الحرب. لذلك قررت إسرائيل السير في المعركة على نهايتها. أما طبيعة هذه النهاية فأن هناك أربعة احتمالات بالنسبة لإسرائيل بشأنها وأولها أن يكون هناك اتفاق دولي على وقف إطلاق النار ويلتزم حزب الله بوقف قصفه للمواقع الإسرائيلية ويطلق سراح الجنديين المختطفين ويتم نشر قوات دولية على الحدود مع لبنان بينما يبتعد حزب الله إلى ما بعد الليطاني. اما بالنسبة للاحتمالات الآخر لنهاية هذه المعركة هو أن تقرر إسرائيل الإنسحاب من المعركة بعد ضغوطات من الشارع الإسرائيلي ومن الممكن حدوث مثل هذا السيناريو إذا استمر سقوط القتلى في صفوف المدنيين الإسرائيليين بفعل صواريخ حزب الله التي وصلت حيفا حيث ممن المتوقع أن يثور الشارع الإسرائيلي ضد حكومة أولمرت وبالتالي فأن رئيس الحكومة سيلجأ إلى وقف الحرب كي لا تسقط حكومته بفعل ضغط الشارع. ويبقى الخيار أمام إسرائيل هو أن تكثف هجماتها ضد حزب الله وتلحق أضرارا قاسية للحزب إلا أنها حتى الآن لم تتمكن من تحقيق ذلك وشكل خروج الأمين العام للحزب حسن نصر الله على قناة الجزيرة القطرية صدمة جديدة لإسرائيل بعدما كانت قد أعلنت أكثر من مرة عن إصابته. وخروج نصر الله على الفضائية نفى الأنباء الإسرائيلة كما نفى أيضا الأنباء التي تحدث عن استهداف قيادة الحزب وتدمير ملجأ كانوا يتحصنون بداخله. ويبقى الخيار أمام إسرائيل بهذا الشأن هو اغتيال نصر الله وهذا سيؤدي إلى اضعاف الحزب بعد أيام على تصفيته. وتخشى إسرائيل احتمالا آخر لنهاية الحرب وهو ان ترتكب مجزرة كبرى بطريق الخطأ بحق الأطفال اللبنانيين كأن تستهدف مدرسة أو مشفى أو غير ذلك مما يطرها إلى وقف الحرب. إلى ذلك قال نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي، شمعون بيرس، إن "إسرائيل تخوض معركة صعبة ولكن لا مفر من الانتصار".وأضاف بيرتس: "علينا أن نعرف أن هناك رباعية للشر المكونة من ايران وسوريا وحزب الله وحماس. وجنّدت هذه الرباعية العالم أجمع إلى يميننا. وتمخض عن هذا وضع دولي لم يسبق له مثيل وهناك وضعية جديدة أيضًا لم يسبق لها مثيل وهي أن العالم العربي ضد حزب الله. الرأي العام الدولي ضد حزب الله. وهذه وضعية يجب أخذها بعين الاعتبار"وحول الخسائر البرية التي يخوضها الجيش الاسرائيلي في الجنوب اللبناني نتيجة توغله. قال بيرس: "هذه حرب ليست سهلة ابدًا. خاصة وان حزب الله يتمركز قبالة البلدات الاسرائيلية في الشمال. يجب التصميم على شيء واحد في النهاية وهو الانتصار."وحول مصداقية التصريحات الاسرائيلية التي تتوالى بحيث قال وزير المواصلات وعضو المجلس الوزاري المصغر شاؤول موفاز إن حزب الله فقد 50 في المئة من قوته. بينما قالت الاستخبارات الامريكية إنَّ حزب الله فقد ثلثًا من قوته عقب بيرس: "أنا لا أريد أن أخوض هذه الاحصائيات. أريد ان اقول شيئًا واحدًا للشعب. هذه حرب صعبة ولا شك بأننا سننتصر بهذه الحرب. لا مفر لنا من الانتصار. وهذه الحرب ضد حزب الله وليست ضد أحد آخر."وعن توقيت الحملة قال بيرس: لا يمكن معرفة الجدول الزمني للحرب. هذه ليست حرب ضد جيش منظم. من الممكن أن يختبئ مقاتلو حزب الله هنا وهناك. هذه حرب من دون جبهة ومن دون عنوان. من شأنها أن تجبي ضحايا ولكن علينا ان ننتصر".