في أول جمعة من شهر رجب، يحتفل أهل اليمن بعيدهم الأغر، احتفاء بيوم إسلامهم العظيم, الذي فرق الله به بين الحق والباطل, ووصفه في كتابه الكريم "إذا جاء نصر الله والفتح". ولسنا بصدد سرد مكانة أهل اليمن في القرآن الكريم والحديث الشريف, لأن ذلك معروف وموثق، وما يدعو للاستغراب، أن جزءاً من أهل اليمن في زماننا يعرفون ذلك, لكنهم يعتبرونه ماضياً انتهى، وأنه خص القوم إبان الرسالة, وإذا تذكروه فمن باب التباهي والتفاخر ليس غير، وقد ساعد على ذلك تلك الثقافة التي جاء بها ورثة قرن الشيطان الوهابي، فحرموا وجرموا كل احتفاء بهكذا مناسبات بدعوى أنها بدعة, وهم إنما يهدفون بذلك إلى استكمال المخطط الاستعماري الصهيوني, لطمس الهوية الإيمانية عن أبناء الأمة الإسلامية, والتقليل من شأن مكانة الشعب اليمني الذي كرمه الله وشرفه, وإلا فلماذا اختصه بكل ذلك العدد من الآيات القرآنية, وذكره رسوله الكريم بعشرات الأحاديث النبوية ؟! اختصاص فيه من التعظيم والتبجيل ما لو عرفه اليمنيون اليوم لما نام أحدهم طرفة عين! ولكان زادهم (التقوى) وهواؤهم (المحبة) وشرابهم (الجهاد في سبيل الله) ولكانوا سادة الأرض كما كانوا, وإن كان التاريخ يخبرنا أن أهل اليمن يعيدون دوما تلك المكانة كلما تعرضوا لخطر أو غزو أو ابتلاء. ولئن كان شعبنا اليوم يعود إلى سيرته الأولى مستعيدا مكانته العظيمة, فإنما هو غيض من فيض إلهي سوف يبقى إلى يوم الدين. في يوم جمعتنا هذه؛ من شهرنا هذا؛ من عامنا هذا, ها نحن يارب نرفع أكفنا إليك, نناجيك قائلين: * يارب أنت من قلت فينا أننا قوم "يحبهم الله ويحبونه" فارزقنا حبك لنا, وأفض علينا حبنا لك. * يارب إنك أنت من نسبت إلينا "نصر الله والفتح" وقد كنا كذلك مئات السنيين, حملنا رسالتك إلى مشارق الأرض ومغاربها, وهانحن اليوم نرفع راية نصرك وفتحك المبين خفاقةً في السماء, بدمنا ودموعنا وجوعنا وعطشنا, وكل ما لحق بنا صابرين محتسبين راجين رضاك. * يارب إن نبيك وحبيبك المصطفى قد نسب إلينا "الإيمان" بأنه "يمان" وأنه هو "امرؤ يمان" نسألك بجاه محمد وآله أن تنعم علينا بنعمة الإيمان والإسلام, وأن تمنحنا ما يجعلنا جديرين بالحفاظ على هذه الهوية, انتصارا للإسلام والمسلمين. * يارب لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء من حكامنا, حين حولنا إلى شعب من الجوعى والمتسولين على موائد اللئام, ونحن من خلقتنا- يارب- منذ بدء الخليقة كراما من أصل كرام. * يارب إن من يسمون أنفسهم عربا ومسلمين وإنسانية؛ قد فَجَروا في ظلمهم لنا, وهاهم بعد1400 عام يعيدون تخييرنا بين السلة والذلة, فرفضنا, واخترنا القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة. * يارب ها أنت قد أنعمت علينا بكل مقومات النصر المبين, من صبر, وعطاء, وسخاء، وتضحيات, والأهم أننا حين طرقنا باب حبك وعونك, فجرت فينا صخرة العبقرية اليمنية, عبقرية (الزمان والمكان) لشعب كان أول من ألهمته اختراع السيف والرمح ثم البندقية, وها هو اليوم يخترع الصواريخ والطائرات. * يارب أجعلنا من السابقين الأولين إلى نصرة عبادك المظلومين, وامنحنا شرف تحرير مقدساتك, ومسرى نبيك, لنكون أنصار من وعدتهم بأن تمكنهم في الأرض وتجعلهم الوارثين. * يارب نتوسل إليك بكل ما تحب وترضى, بأنبيائك ورسلك وأوليائك وعبادك الصالحين, أن تعيد بني قومنا ممن ضلوا الطريق, وأتبعوا أهواء شياطينهم- نسألك يالله- أن تعيدهم إلى الحق والصواب, فوالله ما أحببنا أن أحدا منهم يحرم من شآبيب رحمتك, ويتخلف عن ورود الحوض مع نبيك يوم القيامة. * يارب افتح بيننا وبين القوم الظالمين, وإحكم بيننا وبين من اعتدى علينا, وأجعلهم آية في الدنيا والآخرة كما جعلت آل فرعون. * يارب في جمعتنا هذه, في شهرنا هذا, في عامنا هذا : افتح علينا أبواب رحمتك غيثا يروي الأرض والزرع والضرع، ووحد صفنا, وأجمع شملنا, وانصرنا على عدونا, ونسألك دوام حبك وعطفك وعفوك, ودوام ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم آمين. * عضو مجلس الشورى