ولأن مملكة الشر والفجور , مملكة آل سعود في نجد والحجاز , هي الحاضر الأبرز في المشهد اليمني على مدى عقود خلت ولا زالت حتى اللحظة , ولكونها الأكثر تدخلا في شؤون اليمن.وتحشر أنفها في ذلك دون.وجه حق , ولها جرائم ارتكبتها بحق أبناء هذا الشعب اليمني الحر الأبي , لايمكن أن تنسى أو تسقط بالتقادم , وهي جرائم عديدة ومستمرة لاتحصى تتحمل السعودية وزرها ومسؤوليتها في كل الأحوال , ومن أبرزها وأهمها جريمة اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي قبل 43 عاما بصنعاء , والتي تولت المملكة تمويلها والتخطيط لها والإشراف المباشر عليها ونفذت في مثل يوم أمس الموافق 11 إكتوبر بواسطة عملائها وأذنابها في الداخل اليمني ممن اشترتهم.بأموالها المدنسة . على ان.جريمة قتل وتصفية الحمدي ليست الجريمة الوحيدة لنظام آل سعود الفاجر في اليمن , فقد سبق تلك الجريمة النكراء وتبعها سلسلة جرائم بحق هذا الشعب وأبنائه منها جريمة قتل مئات من الحجاج اليمنيين في حادثة تنومة الشهيرة في عهد الإمام يحيى حميد الدين , وتمويلها للحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين في اليمن في ستينيات القرن الماضي والتي استمرت ثمان سنوات , وآخرها الحرب العدوانية التي تقودها الرياض حاليا وتشنها.على اليمن منذ ست سنوات بمشاركة عدد من الدول المتحالفة معها منها إسرائيل وأمريكا . لكننا في هذه التناولة أو المقال سنتوقف عند جريمة اغتيال الحمدي بإعتبارها حدث تاريخي لايمكن أن ينسى والذي شهدته البلاد قبل 43 عاما وكان له ماقبله وما بعده في حسابات الأحداث والتاريخ والوقائع والنتائج والتداعيات , ولا يزال يلقي بظلاله القاتمة على المشهد اليمني وتطوراته وتفاعلاته ومآلاته وتفاصيله , لاسيما كلما حلت ذكرى حدوثه السنوية كل عام هنا ليفرض مايفرضه على الجميع من مشاعر ألم وحزن تفرض نفسها على اليمنيين , وآراء متسقة حول تلك الجريمة النكراء ويؤكد ذلك الحدث هنا خسة وحقارة مرتكبي تلك الجريمة التي مثلت اغتيال وطن وشعب كان عاكف حينها على بناء ذاته وبصدد انجاز مشروع وطني يماني جامع لكل اليمنيين كان الشهيد الحمدي المغدور به قد شرع في الخطوات الأولى لإنجازه وتحقيقه والمضي به قدما حتى باغته القتله بضربتهم الغادرة التي قضت عليه واغتالت المشروع برمته وأعادت اليمن إلى مربع الوصاية السعودية والخارجية من جديد . وفي حضرة الذكرى والمناسبة التي تحل هذا العام.واليمن لايزال يواجه عدوانا سعوديا غاشما ويشهد جرائم بشعة ترتكب بحق أبناء شعبه من قبل السعودية وحلفائها , تتجدد أحزان اليمنيين على زعيمهم الوطني الشهيد إبراهيم الحمدي الذي طالته آيادي الغدر والخيانة قبل أكثر من أربعة عقود من الزمن في جريمة اغتيال مولتها المملكة وأشرفت على تنفيذها . وهذه الذكرى والمناسبة لايمكن أن تحل علينا هنا وتمر مرور الكرام دون أن نسلط الأضواء عليها ونعرج على ذكرها مرددين لعناتنا المستحقة على المجرمين القتلة , منددين ببشاعة ماارتكبوه من جرم غادر وجبان لايمكن أن ينسى ويغتفر لاسيما وقد جلب على اليمن واليمنيين الويلات وأجهض حلما يمنيا جميلا في استكمال مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة المستقلة وكان أصحاب ذلك المشروع يمضون بخطى واثقة لتحقيق الأهداف السامية المرسومة في هذا الطريق بعد ان تمكنوا من.استرداد قدر كبير من.الإعتبار للقرار الوطني والسيادة اليمنية في عهد الحمدي الزاهر الذي يحسب له كما يحمد له أيضا تحرير القرار الوطني من فرض ارادة واملاءات الخارج. وبالرجوع.إلى ماحدث وشهده اليمن قبل 43 عاما تقول الروايات التاريخية المتطابقة المتعلقة بالحدث وطبيعة ظروفه وملابساته وبما يتسق مع حقيقة الحدث نفسه وإفادات شهود العيان إنه:" في ظهيرة يوم الثلاثاء الحادي عشر من أكتوبر من عام 1977 م , أقام المجرم الغادر السفاح المقدم أحمد حسين الغشمي مأدبة غداء دموية بمنزله بحي الصافية بصنعاء , حضرها عدد من مسؤولي الدولة والحكومة وضباط وقادة من الجيش الموالين له وبعض المشائخ ورجال أعمال وضباط استخبارات سعوديين والملحق العسكري السعودي بصنعاء صالح الهديان , ودعا الغشمي لهذه المأدبة رئيس الجمهورية حينها إبراهيم الحمدي الذي لبى الدعوة بعفوية وحسن نية ولم يخطر بباله أن الغشمي الذي كان صديقه المقرب ويعتبر الرجل الثاني في ترتيبة الحكم إنما دعاه ليقتله ويغدر به لاليكرمه كما يفعل كرام العرب مع ضيوفهم , وقد دعا شقيقه المقدم عبدالله الحمدي لنفس المأدبة وبدأ وجبة القتل تلك بتصفيته في غرفة مجاورة لمكان تواجد الضيوف بالمنزل الذي كان مسرحا للجريمة.. وبعد قدوم الرئيس إبراهيم الحمدي لمنزل الغشمي فورا قيل إنه تم ادخاله إلى الغرفة التي تم فيها قتل شقيقه عبدالله والذي وجده ملقيا على الأرض جثة هامدة غارقا بدمه , وعندها شعر الزعيم الحمدي وأدرك ان هناك.غدر ومؤامرة تستهدف حياته فما كان منه إلا أن ذكر الغشمي بما فعله مع سلفه القاضي عبد الرحمن الإرياني الذي كان رئيسا للجمهورية حين تم عزله من منصب الرئاسة وتنحيته دون سفك دماء وأبدى إبراهيم استعداده للتخلي عن منصبه وأنه لاحاجة لقتله إلا أن القتلة كانوا قد بيتوا النية ومن ورائهم السعودية على قتله , فبادروا بضربه وتوجيه اهانات إليه بحضور ملحق الرياض العسكري الذي بدا مستمتعا كثيرا بذلك , ثم بادره أحد القتلة بطعنة بجنبيه ثم وجهت إليه رصاصات من مسدس آخر كان مشاركا في الجريمة لتنهي حياة رجل عظيم وزعيم وطني لم يكن له ذنب إلا الإخلاص لهذا الشعب ورفع شأنه. وبإستشهاد الحمدي وتصفيته جسديا تحتفي السعودية وأذنابها بهذا الإنجاز والنصر وتنجح الرياض بهذه الجريمة في تأخير مشروع انجاز إعادة تحقيق وحدة شطري اليمن الذي كان مقررا ان يتم آنذاك , حيث كان مقررا ان يسافر الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي في اليوم التالي لإغتياله إلى جنوب الوطن في زيارة تاريخية يوقع خلالها مع رئيس الشطر الجنوبي من الوطن سالم ربيع علي اتفاقية الوحدة والتي كانت تعارضها السعودية بشدة . وفي صنعاء الحزينة المفجوعة بقتل الزعيم.الحمدي والغدر به على نحو يغلب عليه طابع الخسة والنذالة والحقارة تجري المراسيم المعتادة لتنصيب الغشمي رئيسا لسلطة الإنقلاب وتستقبل مقبرة الشهداء بحي باب اليمن جثماني الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وشقيقه عبدالله ويتم مواراتهما التراب وسط ذهول الجميع وتغدق السعودية بعد ذلك على الغشمي وحاشيته بالأموال , إلا أن الغشمي لم يستمتع كثيرا بالبقاء في كرسي الحكم طويلا فبعد ثمانية شهور عجلت به حقيبة ملغومة حملها مندوب من عدن لتنفجر به وتعجل به إلى جهنم وبئس المهاد , وبقية قتلة الحمدي الآخرين والداعمين والمؤيدين منهم من قضى قتلا ومنهم من مات بالسرطان ومنهم من يعيش طريدا شريدا حتى الآن ومنهم من ينتظر العذاب الأليم وهكذا هي عدالة السماء , ومن لم تطلهم عدالة الأرض اليوم أو في الأمس القريب , ففي السماء قاض عدل يجزي من أساء وأحسن , كلا بما يستحقه والحمدلله على كل حال . وفي مناسبة كهذه نستذكر فيها مأساة شعب ووطن ونتحسر خلالها على مشروع وطني تم وأده والقضاء عليه بإغتياله صاحبه ومنفذه الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي عليه رحمة الله وسلامه لايسعنا إلا أن نردد برغم أحزاننا : المجد والخلود للشهيد الحمدي وكل شهداء هذا الوطن الأبرار والخزي والعار لمن خانوا الله والوطن والشعب وباعوا أنفسهم بثمن بخس كالغشمي وأطنابه وكل من هم على شاكلته ولله عاقبة الأمور ولا نامت أعين الجبناء !!.. ...... يتبع .....