على امتداد الثلث الأخير من القرن العشرين تعرضت السعودية لهزيمتين كبيرتين في علاقاتها مع اليمن تمثلتا بقيام وتثبيت الجمهورية ومن ثم تحقيق الوحدة اليمنية وقد حاولت السعودية سلما وحربا وسياسة وتدخلات بضغوطات اقتصادية وعسكرية منعهما وفشلت في المحاولتين . ولما أعلنت الوحدة بين شطري اليمن تضمن أول بيان لأول رئيس وزراء لليمن الموحد الدكتور حيدر ابو بكر العطاس في 20 يونيو 1990 م إعلانا واضحا وصريحا في أن الجمهورية اليمنية الموحد على استعداد لحل قضايا الحدود كافة برا وبحرا مع جيرانها على اساس الحقوق التاريخية والقانون الدولي. مطامع سعودية اعتبر الشارع اليمني بيان العطاس حول موضوع الحدود هو أهم حدث وقع في البلاد بعد إعلان الوحدة مباشرة لأن رئيس الوزراء كان أول مسؤول يمني يدلي بتصريح على هذا المستوى منذ أن قبل الإمام يحيى التوقيع على معاهدة الطائف عام 1934م. و اعتبرت السعودية البيان مؤشرا سلبيا حيث فسر السعوديون كلمتين (الحقوق التاريخية ) على أنها يشكلان تشكيكا بمعاهدة الطائف من اساسها وهم لا يمكن أن يبدؤا أي تفاوض إلا انطلاقا من معاهدة الطائف وملحقاتها . كانت معاهدة الطائف بمثابة انتصار حاسم من جانب واحد هو الطرف السعودي ومثلت هزيمة للجانب اليمني قبلها على مضض ولم يعترف بها داخليا لأنها كانت مرفوضة في المفهوم الوطني اليمني وظل كل حاكم لليمن منذ العام 1934م يسوف ويماطل في تنفيذ معاهدة الطائف حتى جاء الرئيس على عبدالله صالح ليصبح أول حاكم لليمن يعترف بهذه المعاهدة وذلك في يناير 1995م ويقبل بها أساسا ويتم ترسيم باقي الحدود ويحاول عبر هذه المعاهدة كذلك تطبيع علاقة بلاده مع السعودية في محاولة لحسم هذا النزاع الطويل . فمعاهدة الطائف قد أخذت طابعا قسريا من طرف منتصر يريد ان يفرض إرادته بالقوة على طرف مهزوم ومتمرد على كل بنودها ومتلكأ بموضوع تشكيل اللجان ومعرقل قيام العلامات والساريات التي نصت عليها ملاحق المعاهدة وعدم رغبه الإمام يحيى في تسليم أرض يمنية إلى السعوديين حتى جاءت حادثة محاولة قتل الملك عبدالعزيز في الحرم الشريف من قبل يمنيان عام 1935م اتهم فيها سيف الإسلام أحمد وبعد فشل محاولة الاغتيال وافق الإمام يحيى على تشكيل لجان لترسيم الحدود الميدانية . وما قيام الجمهورية في شمال اليمن في سبتمبر 1962م ورثت الجمهورية العربية اليمنية معاهدة الطائف كجزء من المشكلة مع السعودية على الرغم من أن نزاع السعودية مع الجمهورية لم يكن نزاعا مباشرا حول الحدود بقدر ما كان نزاعا على النظام السياسي في اليمن ومحاولة الهيمنة فالسعودية كانت خلال نزاعها مع الثورة ودعمها بالمال والسلاح للجانب الإمامي – الملكي طوال سبع سنوات (1962- 1969م ) قد أخذت تتوسع في الربع الخالي وهو منطقة غير مرسمة ولم تدخل ضمن معاهدة الطائف وملاحقها وازداد هذا التوسع كلما ازداد الدعم السعودي للملكيين - فالتاريخ يعيد نفسه الأن وان اختلفت مسميات عدوان السعودية على اليمن في مارس 2015م - إلى أن تمت المصالحة بين الثورة والسعودية بتثبيت النظام الجمهوري نهائيا واعتراف السعودية به وكانت قضية الحدود مطلبا أساسيا في المصالحة من الجانب السعودي وماطلت الأنظمة ورجالها الذين حكموا بعد الثورة وظلت قضية الحدود التي كانت وراء كل نزاع بين اليمن والسعودية . ولما تمت الوحدة اليمنية وتلتها حرب الخليج الثانية واتضح حجم النفط المخزون في اليمن أعيد فتح ملف خلافات الحدود في شبة الجزيرة العربية إثر الاتفاق على ترسيم الحدود نهائيا بين اليمن وسلطنة عمان . معاهدة ملغاة وقبيل حرب الانفصال في صيف 1994م تألفت لجنة سعودية – يمنية مشتركة للتفاوض من أجل التوصل إلى حل للمشكلة واجتمعت اللجنة سبع مرات آخرها في 17 يناير 1994م وحتى بداية حرب الانفصال لم تسفر هذه الاجتماعات عن أي نتائج بسبب تمسك السعودية بمعاهدة الطائف للعام 1934م التي تقضي بمنح السعودية المناطق الثلاث (نجران وجيزان وعسير ) وطلب السعوديون من اليمنيين ضرورة الاتفاق على ترسيم العلامات الحدودية التي وضعت بين البلدين بموجب معاهدة الطائف أي أن السعودية تريد اعترافا رسميا من اليمن بترسيم الحدود بشكلها الحالي نهائيا بحيث تبقى كل من نجران وجيزان وعسير تابعة للسعودية وفي وضع غير قابل للتراجع او النقص أما الجانب اليمني فقد اعتبر ان معاهدة الطائف للعام 1934م ملغاة منذ ايلول سبتمبر 1962م وهو يعارض تجديدها وقدم اليمن إلى الجانب السعودي خلال اجتماع اللجنة في مدينة تعز بشهر اغسطس 1993م مقترحان تتضمن البدء بالتفاوض على خط الحدود الذي لم تتضمنه معاهدة الطائف والممتد شرقا من نقطة جبل ثأر حتى الحدود مع سلطنة عمان على ان يترك موضوع خط الحدود الغربية المنصوص عليها في معاهدة الطائف والممتد من جزيرة الموسم على البحر الأحمر حتى جبل ثار شرقا إلى ما بعد الاتفاق على الحدود الشرقية وهي الحدود مع سلطنة عمان وكانت اليمن تهدف من ذلك المقترح عدم إعطاء السعودية اعترافا نهائيا وشرعيا بالحدود الواقعة بين البلدين جنوب نجران إلا أن الجانب السعودي تمسك بالمشروع الذي اقترحه عند بدء المفاوضات في سبتمبر 1992م وهو الإبقاء على معاهدة الطائف كما هي إضافة إلى ترسيم حدود بحرية في البحر الأحمر غير منصوص عليها في المعاهدة . وظلت العقدة السعودية على حالها وهي المتمثلة في الوصول إلى مياه المحيط الهندي عن طريق اختراق حدود اليمن على بحر العرب - فمطامعها القديمة تظهر جلية بوقتنا الحاضر - وعدم المساس بمعاهدة الطائف بأي شكل لأنها أحد إنجازات ملكهم عبدالعزيز . فيما كانت اليمن لا تريد القبول باتفاق حدود مجحف تتخلى عن جزء من أراضيها لدولة أقوى وأغنى منها كسبتها بحرب غير متكافئة . فمعاهدة الطائف كانت قد نصت على تجديدها كل 20 سنة او إعادة النظر فيها برغبة الطرفين وعندما مرت الفترة الثانية للمعاهدة اغتيل في فترة تسعة أشهر رئيسان يمنيان هما ابراهيم الحمدي وابراهيم الغشمي ودخلت اليمن شماله وجنوبه في دوامه صراعات داخلية عطلت إمكانية من الجانب اليمني بدء مفاوضات حولها . انذار لشركات النفط لكن ما اعاد تحريك ملف الحدود حينما تحركت المفاوضات بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان بشأن الحدود الشرقية بينهما وبدأت المفاوضات بشكل جدي على اساس بيان حكومة العطاس الأولى أي على أساس الحل الودى وتفاوض اليمنيونوالعمانيون طيلة سنتين حتى تم توقيع اتفاق الحدود بين الدولتين في اكتوبر 1992م والذي قال عنه الدكتور الأرياني آنذاك ( إن هذا الاتفاق لم يبنى على اساس الحق التاريخي المطلق أو الأمر الواقع المفروض ) . وعندما كانت المفاوضات الحدودية بين اليمنوعمان قد قطعت شوطا بعيدا وتتجه بإيجابية كبيرة نحو التوقيع فاجأت السعودية اليمن في مارس 1992م بتوجيه رسائل إنذار إلى جميع شركات النفط صاحبة الامتياز في التنقيب داخل الأراضي اليمنية تنذرها فيها بأنها تعمل وتنقب في أراضي متنازع عليها وتطلب من الشركات إيقاف العمل وكان الهدف السعودي الأساسي من رسائل الإنذار إلى شركات النفط العاملة في الأراضي اليمنية هو تخويف هذه الشركات وتوقيف عمليات التنقيب عن النفط فالسعودية تدعى ملكيتها للأراضي التي تقع جنوب خط جبل ثأر في معاهدة الطائف وجنوب خط الاستقلال في الإعلان البريطاني . كذلك تهدف من رسائل الإنذار لشركات تعطيل اتفاقية الحدود اليمنية - العمانية إن أمكن أو تأخيرها ولو قليلا عن طريق إثارة منازعات نفطية بالقرب من هذه الحدود بغرض التأثير على الجانب العماني . ومن الأهداف لتلك الرسائل الإنذارية للشركات النفطية هو منع اليمن من تعزيز وضعه الاقتصادي بعد حرب الخليج الثانية وخاصة أن اليمن كان الدولة العربية الأكثر استهدافا من قبل السعودية والكويت وباقي دول الخليج الذي اعتبرتها مؤيدة للعراق في غزوة للكويت . وكانت السعودية قبلها قد طردت مليون يمني كانوا يعملون فيها مما سبب لليمن عبئا وضائقة اقتصادية . لذلك فقد أرادت السعودية بإنذارها هذا ابقاء اليمن رهينة اقتصادية - سياسية لها وفي موقف ضعيف في موضوع الحدود في أي مفاوضات مقبلة . وخشيت السعودية أنه في حال عثور هذه الشركات على كميات تجارية من النفط في الأراضي اليمنية التى تدعيها سوف يجعل من الصعب على اليمن التخلي عن هذه الأراضي لو أرادت ذلك فيما بعد فمداخيل النفط ستجعل من اليمن أكثر امكانية في التصدي الاقتصادي والعسكري لأي محاولات اعتداء من السعودية عليها . بيان واشنطن ومع تدهور العلاقات اليمنية السعودية وبالذات مع الانذار السعودي لشركات النفط أثار ذلك قلق و اهتمام فرنسا ثم امريكا التي اصدرت بيانا في مايو 1992م دعت فيه الجارين تسوية الخلافات بينهما عن طريق المفاوضات والوسائل السلمية . ولخشية امريكا على مواطنيها العاملين في شركات النفط في اليمن في حالة حدوث حرب بين البلدين مما دفع الإدارة الامريكية إلى اصدار ذلك البيان والذي اقترح احد أربع وسائل اما التفاوض أو الوساطة او التحكيم أو المحاكمة أي اللجوء إلى محكمة العدل الدولية .واستبقت الحكومة الأمريكية موقفها برسالة من الرئيس بوش لرئيس صالح بتاريخ 6يوليو 1992م تحمل مضمون البيان ذاته ومارس فيها ضغط قويا على اليمن لكى تتفاوض مع السعودية حول الحدود غير المحددة . وعلى اثر ذلك الضغط الامريكي عقد في 20 يوليو من نفس الشهر اول اجتماع تمهيدي مع السعودية في جنيف ومن ثم تعددت جولات المباحثات والمفاوضات بين صنعاءوالرياض مع عدم الثقة والتعاون فالنزاع الحدودي له اكثر من نصف قرن بالإضافة إلى تاريخ طويل من التدخل السعودي بالشؤون الداخلية لليمن .وبدأت عجلة المفاوضات للمرة الأولى منذ العام 1934م واستمرت عامين 1993- 1994م ولم تحرز هذه المفاوضات أي تقدم وراوحت مكانها ويعود ذلك إلى أن اليمن كان يعد اتفاقية تدعى في القانون الدولي (اتفاقية لا ضرر ولا ضرار ) يوقعها الطرفان قبل أن يقدم أي من الطرفين ادعاءاته وكان اليمن يريد أن يطرح هذه الاتفاقية على الطرف السعودي قبل أن يدخل في أي تفاصيل في المفاوضات .ومفهوم هذه الاتفاقية في القانون الدولي أنه يحق للأطراف الملتزمة بها أن تقدم تنازلات خارج الادعاءات القانونية والتاريخية التي تتمسك بها علنا دون أن يغير ذلك في موقفها الرسمي اثناء المفاوضات ودون ان يشكل هذا التنازل أي إلزام نهائي للطرف صاحب العرض وبالتالي يحق لهذا الطرف أن يعود إلى أصل الادعاء القانوني والتاريخي الذي يقوم عليه إساس دعواه إذ وجد أن الطرف الأخر لم يتجاوب مع هذا التنازل . ولكن رفض السعودية قبول اتفاقية لا ضرر ولا ضرار استمرت المفاوضات حتي منتصف عام 1994م . التدخل العسكري ومع إعلان حرب الانفصال في صيف 1994م توقفت تلك المفاوضات ووقوف السعودية مع الانفصاليين ودعمهم بالمال والسلاح وظنت السعودية أنه سيكون لها في نهاية الحرب طرف مستقل في عدن أفضل من صنعاء لتفاوض معه حول الحدود . ومع انتهاء حرب الانفصال دفعت السعودية بمجموعة من الانفصاليين برفع العلم السعودي في احد المناطق الحدودية الشرقية الخاضعة لليمن مما اضطر حكومة صنعاء بالتدخل العسكري في تلك المنطقة مما اوشك على حدوث اشتباكات عسكرية مع السعودية في يناير 1995م فتدخلت سوريا كوسيط لإيقاف فتيل حرب وتم اعلان بيان يمني - سعودي مشترك على استئناف المفاوضات . فيما اعلنت صنعاء أن اتفاقية الطائف مقبولة كمنظومة متكاملة لتسوية قضية الحدود بين البلدين كذلك بقية الحدود التي لم ترسم ولم تعين بعد واشارت أن معاهدة الطائف في مادتها الثامنة تقول بالتحكيم إذا استمر الخلاف . واذا فشل التحكيم يمكن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية . كانت اليمن تصر على بحث معاهدة الطائف بكل بنودها لتغطى الحدود والأمن والاقتصاد وأن تشمل المفاوضات التطبيع الكامل للعلاقات مع السعودية وعودة المبعدين اليمنيين منها والتزام الرياض وقف نشاط المعارضة اليمنية الجنوبية التي قادت حرب الانفصال ولجأ بعض زعمائها إلى السعودية . أما موضوع التحكيم فيبقى البند الأخير الذي سيلجأ إليه الطرفان المعنيان في حالة فشل أي اتفاق بينهما. وظهر أن الرياض ترفض التحكيم كمرجعية ولكنها كانت اكثر تضررا من لجوء اليمن لمحكمة العدل الدولية . فالرياض كانت تريد أن تتعامل مع موضوع الحدود مع اليمن على اساس مسألتين منفصلتين الحدود مع اليمن الشمالي (الجمهورية العربية اليمنية ) والحدود مع اليمن الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) متجاهلة أن اليمنيين قد اتحدوا في دولة واحدة عام 1990م وأنهما خاضا حرب انفصال وانتصرت فيها دولة الوحدة . واصر اليمنيون على التعامل مع قضية الحدود ككل وليس كقضيتين منفصلتين . وأن موقف الرياض في تجزئه موضوع الحدود هو اصرار على عدم الاعتراف بوحدة اليمن وتمسك الرياض بسياستها الهادفة إلى إعادة تمزيق اليمن إلى دولتين واكثر . الضغوطات الأمريكية وكنتيجة للانقسام داخل السلطة في اليمن وموالاه بعض مشايخ اليمن القبليون للسعودية وتأرجح مواقف الرئيس صالح من السعودية طوال المفاوضات ودخول الولاياتالمتحدةالأمريكية بكل ثقلها ووقوفها مع الرياض وضغوطها على صنعاء بالقبول بمعاهدة الطائف كل ذلك تسبب بضياع الحقوق التاريخية لليمن على أرضه بعسير ونجران وجيزان . ففي خطاب الرئيس صالح في المكلا بحضرموت في 13 فبراير 1995م موجه كلامه إلى السعوديين قال :( لقد تأمروا على الإنسان في اليمن فإذا بسياسة التجويع والانفصال والاقتتال واقتطاع الأرض التي لا يتقبلها شعبنا على الأطلاق لقد قلنا أثناء الحرب إننا لا نقبل بالانفصال واليوم نقول إننا لا يمكن أن نقبل بمزيد من اقتطاع الأرض ... مضيفا نحن موجودون على الخارطة وشعبنا تاريخي وبلدنا قائم منذ القدم وليس كالسعودية منذ ستين عاما فقط ولا يستطيع احد أن ينتزعنا من الخارطة الجغرافية ) . ليعود الرئيس صالح بعد هذا الخطاب بيومين في صنعاء بالالتفاف حول موضوع الحدود بخطاب اقل حماسة واقرب لخطب ود السعودية حيث قال :( إن اليمن لا يكن للشعب والجيش السعودي إلا كل خير ولن نتقاتل مع جيشنا في السعودية ونعتز به وبإمكاناته ) . وفي 21 فبراير 1995م قام دافيد ولش القائم بالأعمال الأمريكية في الرياض بزيارة إلى صنعاء محاولا كسر الجمود الذى سيطر على المفاوضات بين البلدين خوفا من أن يصل التأزم في النزاع الحدودي إلى صدام عسكري حيث كانت المعلومات الامريكية تشير إلى إن احتمالات الحرب قد بدأت تطغي على احتمالات السلام وأن اطاله المفاوضات من غير احراز تقدم ولو جزئيا فيها سيعزز الاتجاه نحو الحرب .وفي اللقاء اكد الرئيس صالح حرصه على حل مشكلة الحدود مع السعودية بالحوار السلمي أو الوساطة أو التحكيم او اللجوء إلى محكمة العدل الدولية . وقبل ذلك اللقاء كان صالح قد وجه رسالة في 14 يناير 1995م إلى الرئيس الامريكي بيل كلينتون سلمها إلى السفير الامريكي بصنعاء دافيد نيوتن يؤكد فيها أن صنعاء مصممة على تسوية النزاع مع الرياض بالحوار السلمي من دون اللجوء إلى القوة . وجاءت رسالة صالح ردا على رسالة من كلينتون سابقة اكد فيها الرئيس الأمريكي إن واشنطن تساند المحادثات وأنها حريصة على رؤية علاقات طيبة بين اليمن والسعودية . وبدأ القلق يساور امريكا من اطالة المباحثات وخاصة أن السعودية أخذت تتململ وتظهر عدم رضاها لواشنطن من مناورات السياسة اليمنية في موضوع الحدود وقررت واشنطن أن تضع يدها على الموضوع وتتدخل في الأزمة بشكل حاسم وطلبت الإدارة الأمريكية من القائم بالأعمال في سفارتها بالرياض دافيد ولش لا من سفيرها بصنعاء الذى كان متواجد في واشنطن التوجه فورا من الرياض إلى صنعاء لإبلاغ حكومتها برأيها في الموقف وابداء قلقها من طيلة المباحثات واجتمع ولش مع الدكتور عبدالكريم الارياني نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية اليمنية آنذاك والذي ابلغه امرين اساسيين الأول هما رفض السعودية مبدأ التحكيم رفضا قاطعا وثانيا معرفة إذا كانت معاهدة الطائف في رأي اليمنيين تشمل أراضي كانت تحت حكم الإمام يحيى إم لا ؟ أي العودة إلى الحقوق التاريخية والإصرار عليها . وفي الاجتماع مع الرئيس صالح جرى بينهما حوار عاصف كان ولش عنيفا في لهجته وكلامه مما شحن الجو إلى درجة اضطر الرئيس صالح إلى تخفيف حدة التوتر ولم يخرج ولش من عند الرئيس صالح إلا وهو يحمل ردا صريحا منه على التزام اليمن بمعاهدة الطائف . - ورغم عدم التزام واشنطن بالتقاليد الدبلوماسية ولديه سفير بصنعاء لكن ارسال ولشن والذي يرتبط بالمخابرات المركزية الأمريكية وتلبيه لرغبة السعودية لمعرفتهم وثقتهم به ولقرب ولش ايضا من الاستخبارات السعودية - وهكذا حصلت واشنطن كما كانت تريد على موافقه صنعاء وتم الاتفاق على تشكيل لجنة خبراء سعودية - يمنية مشتركة لبناء العلامات (الساريات) من البحر الاحمر عند منطقة الموسم إلى جبل ثأر التي نصت عليها معاهدة الطائف ولجنة مشتركة أخرى للتفاوض على بقية الحدود الشرقية من خط الاستقلال إلى نهاية الحدود بين البلدين عند سلطنة عمان . وظهر أن اليمن كانت لا توافق على تلك الطريقة ووضع العلامات وعلى عمل اللجان لكنها قبلت ذلك تحت الضغوطات الأمريكي الذي تدخلت لصالح السعودية في انتزاع أراضي يمنية وحقوق تاريخية حتى ان القانون الدولي لا يقر معاهدات المنتصر في الحروب ولا ممارسة ضغوطات على أي طرف لانتزاع حقوقه وأراضيه .