تركيا تغلق احدى قنوات المرتزقة بعد تصنيف ب"الارهاب"    الشيخ قاسم: المقاومة منتصرة والاغتيالات لن تكسر إرادتنا    شتاء الغضب    ذمار.. مليشيا الحوثي تُجبر الأهالي على المشاركة في وقفات تعبئة وتجنيد قسري    صراع النفوذ في حضرموت يتفاقم... والخنبشي بديلاً ل"بن ماضي" في قيادة المحافظة    الكثيري يصل سيئون للمشاركة في احتفالات الذكرى ال58 لعيد الاستقلال ويؤكد أهمية الحشد الجماهيري    مديريات الضالع تشهد وقفات حاشدة نصرة للشعب الفلسطيني    ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على ريف دمشق إلى 15 بينهم أطفال ونساء    جامعة صنعاء تصدر الدليل العلمي الشامل في نسخته الثالثة    الرئيس الزُبيدي يعزي في وفاة المناضل عبدربه سالم محرق    السلطات التركية تأمر بإغلاق قناة بلقيس التابعة للإخوان    الصبيحي: الدعم الإماراتي لعدن يبرز حرص الإمارات على دعم الاستقرار والتنمية    بلطجة السلفيين التكفيريين.. إغلاق مسجد في عدن بعد محاولة فرض إمام بالقوة    انتقالي العاصمة عدن ينظم كرنفالاً بحرياً ضخماً للزوارق في مديرية البريقة    قطر تستضيف كأس الخليج العربي تحت 23 عامًا 2025    الأحد المقبل.. ندوة تعريفية بالقوس العربي التقليدي للمدرب محمد الدفعي    الدولار يتجه لأسوأ خسارة أسبوعية منذ يوليو بسبب توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    منتخب الناشئين اليمني يكتسح باكستان بخماسية ويواصل صدارة مجموعته    اليمن ضمن قائمة الدول المشمولة بمراجعة بطاقات الإقامة الخضراء في أمريكا    توقف مفاجئ لقناة بلقيس الكرمانية لتراجع التمويل وانهيار التأثير الإعلامي    إيران تقاطع قرعة المونديال وتطالب ب"إبعاد السياسة عن الرياضة"    د . قاسم لبوزة : " 30 نوفمبر" كبدت بريطانيا خسائر لم تحدث في أي بلد محتل    يا مأمون الجمرة    فستان عهد ليست إلا نسخة جديدة من نفس العقلية    رسائل إلى المجتمع    قراءة تحليلية لنص "عقد قراني" ل"أحمد سيف حاشد"    خطوة جديدة لوزارة الاقتصاد لتبسيط وتسهيل المعاملات    الأردني أبزاخ يطمح لحزام PFL MENA قبل الانطلاق نحو العالمية من بوابة الخبر    القبض على مرتزق كبير بحوزته 10 مليون دولار بالأردن    «يوروبا ليج».. انتصار روما وبورتو وفيلا    فضول طفل يوقض الذكريات    بين ريال مدريد وأهلي جدة.. فينيسيوس يختار الطريق الصعب    تغيير أدوات المرتزقة في حضرموت    من البنطلون إلى البطون الجائعة: حين تختل أولويات المجتمع في ظل الظلم والفساد    الأجهزة الأمنية بمأرب تضبط عصابة ابتزت واختطفت امرأة من محافظة أبين    بعد ان علمهم القراءة والكتابة، زعموا انه كان لايقرأ ولا يكتب:    أمريكا تمدد إعفاء سلع صينية من رسوم جمركية    رحيل الشيخ المقرمي.. صوت التدبر الذي صاغته العزلة وأحياه القرآن    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    قصتي مع الشيخ المقرمي    العثور على مسؤول أمني مقتولا داخل سيارته بعدن    في وداع مهندس التدبّر    الشيخ المقرمي.. وداعا    هندسة التجويع.. كيف يعمل الحوثيون على استنزاف رأس المال الوطني سعيًا لإفلاسه؟    القطاع النفطي الأهم رقم 5 بشبوة أكل تفاح عليمي    عودة 48 صياداً إلى الخوبة اختطفوا وعُذّبوا في إريتريا    الاغذية العالمي يستبعد قرابة مليوني يمني من سجلات المساعدات الغذائية    تقرير أممي: انخفاض ملحوظ لواردات الوقود والغذاء عبر موانئ الحديدة    الصحفي الكبير والمناضل القدير محمد قاسم نعمان    عاشق الحياة وصديق الموت    معرض وبازار للمنتجات التراثية للأسر المنتجة في صنعاء    صنعاء تستعد لانطلاق مهرجان المقالح الشعري    الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً جديدة في أبحاث الدماغ    الرياضة في الأربعينات: سلاحك ضد الزهايمر    فوز الكويت بمقعد العضوية في اليونيسكو لأربع سنوات    خبراء التغذية: النظام الغذائي مفتاح التركيز الذهني    الصحة تعلن ارتفاع وفيات وإصابات التهاب السحايا في اليمن    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو فكر عربي متجدد للنهضة
نشر في 26 سبتمبر يوم 01 - 08 - 2021

كان العرب في القرن العشرين صورة مماثلة للماضي الذي جثم على صدورهم منذ القرن السادس عشر الميلادي يعيشون واقعا مريرا ومآسي كثيرة وأوضاعا معقدة
سواء في الجانب المادي اليومي او الرمزي الحياتي ووصل الركود والجمود المقدس الى الوجدان واللغة والتقنية أي أن الواقع كان يتسم أو يمتاز أنه واقع مأزوم تاريخه معطل وغير مكتمل منذ سقوط بغداد في القرن الثالث عشر الميلادي الى القرن العشرين وهو تاريخ يمتد لقرون لم يعرف العرب فيه طعم الاستقلال الحقيقي ولا معنى الحرية الكاملة ولم يصلوا الى زمنهم التحرري الذي اتسم به النصف الاول من القرن العشرين إلا بعد حروب وازمات ونضالات وتضحيات وبعد هدر كبير للطاقات المادية والبشرية والثقافية والرمزية والنفسية..
وبالرغم من كل ذلك إلا أن العرب لم يصلوا الى مبتغاهم في التصالح مع التاريخ الذي يحقق لهم القدر الكافي من التوازن في العلاقات مع الآخر, أو في فك الاشكاليات بين قضايا شائكة مثل الاصالة والمعاصرة والتراث والتاريخ ولذلك لم تكتمل نهضتهم بفعل عوامل المستعمر وتداخله في صناعة واقعهم فقد رحل المستعمر عن الديار العربية شكلا وظل يتحكم بالمصير العربي وبمصادر الطاقة ضمنا ولذلك نقول أن التاريخ قد مكر بالعرب ولم يتحقق لهم الاستقلال.
وبعد كل هذه التموجات التي عصفت بالواقع العربي , والتي أحدثت الهزات العنيفة في البناءات المختلفة سواء البناءات الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية, لا يبدو الواقع العربي يبعث بصيصا من الامل في التغير والتبدل في السياقات وفي العقائد السياسية وفي القناعات , فما زال العقل العربي يحبذ المركزية الذاتية وبها ومن خلالها يدير واقعه , ويرى في الآخر مهددا لوجوده , ويرى الرأي المختلف مقوضا لكيان المجتمع ومهددا لاستقراره , ويبدو أن الذي حدث في تونس خلال ما سلف من الايام – قرار قيس بن سعيد في حل البرلمان ...الخ في يوليو 2021م - دال على ذات الإشكالية التي يعانيها الحاكم العربي والمجتمع العربي من أقصاه الى أقصاه , كما أن الذي حدث في عام 2011م من حركة ثورية حاول المجتمع العربي من خلالها التنفس والإعلان عن وجوده , لم تحمل الامل المنشود لأنها جاءت من فراغ فكري وذهبت الى التيه , ولم يكن تيها واعيا ولكنه أصبح حالة تشبه الضياع في كثير من البلدان العربية , فالبلدان التي مازالت تشهد استقرارا خرجت لتعبر عن ضيقها كما شهدنا ذلك في السودان , والبلدان التي نالها من الترف الشيء اليسير كدول الخليج والسعودية خرجت نماذج منها لتعلن عن ضيقها وتذمرها من واقعها وها هي بعض النماذج تذهب الى الغرب بضجيج اعلامي ملفت للنظر كما في حال بعض الفتيات والفتيان الذين يطالبون باللجوء السياسي أو الانساني وغالب أولئك من دول الخليج ومن السعودية .
ثمة صراع اليوم يغتلي في الوجدان الجمعي العربي وهو إما ظاهر أو خفي , فالظاهر نشهد صراعه وحروبه منذ أمد غير بعيد وما يزال , والخفي يبعث بين الفينة والاخرى إشاراته ورموزه - وقد أشرنا الى بعض نماذجه في السياق – هذا الصراع في جوهره ينشد واقعا جديدا يتجاوز عثرات الماضي ويلبي طموحات الحاضر ,ويكون تعبيرا عن الزمن الجديد الذي نعيش , فالإصلاحات أصبحت ضرورة حتمية لا يمكن تجاوزها , أما النسج على منوال الماضي فهو تكرار قد يديم أمد الصراع العربي ولا يعمل على تنمية حالة الاستقرار .
دلت حالة الغليان في البلدان العربية أن القوة الناعمة سوف تستمر في نشدان مستقبلها ومناغاته في كل حال وفي كل ظرف , كما دلت أن المركزية والتفرد والذم والاقصاء يفضي الى دائرة مغلقة يفترض أن يتم تجاوز محطاتها , فالذي يتكرر في الوجدان لا يخرج من النتيجة نفسها التي آل اليها الواقع العربي في سالف أيامه .
إذن نحن أمام واقع جديد لا يمكن ترويضه بعد أن أعلن عن نفسه , ولابد من التعامل معه وفق أسس ومبادئ جديدة تضمن وجود الكل ورفاه الكل ومشاركة الكل ومسؤولية الكل , ومثل ذلك لا يمكنه التحقق دون ثورة ثقافية حقيقية تعيد للألفاظ براءتها وللمعاني عذريتها , بعد كل هذا الظلام , وكل ذلك التعويم لمفاهيم الوطنية والهوية , والسيادة , والحرية , والاستقلال , فقد كان هدم النظام العام والطبيعي في المجتمعات العربية التي اجتاحتها ثورات الربيع هي التمهيد الحقيقي للوصول الى الغايات والمقاصد التي رسمتها استراتيجية راند لعام 2007م .., ومنها السيطرة على مصادر الطاقة من أجل اخضاع الحكومات , والسيطرة على منافذ الغذاء من أجل إخضاع الشعوب , وقد تحقق ذلك في الكثير من البلدان , تحققت تلك الغايات في العراق , وتحققت في اليمن , وفي ليبيا , وهي أكثر تحققا في دول الخليج العربي التي في سبيل وهم الاصلاحات سعت الى بيع أسهم الشركات النفطية , مثل شركة أرامكو بالسعودية التي باعت الكثير من أسهمها لصالح شركات عالمية , ودول الخليج أكثر الدول العربية خضوعا للبيت الأبيض كما هو شائع , وليس بخاف أن صراع الاسر المالكة في تلك الدول تفصل فيه أمريكا وجهازها الاستخباري كما حدث في موضوع محمد ابن نايف ومحمد ابن سلمان في السعودية مثلا , وهو أمر ليس ببعيد عن الذاكرة , فخضوع ابن نايف لقرار إقالته من ولاية العهد لم يكن بالأمر الهين ولا العابر بل كان أمرا عصيا استخدمت فيه امريكا العصا الغليظة لترويض المرحلة لما تريد , وقد حدث ما كانت ترسمه في مخيلتها , وتحقق لها القدر الكافي من الاستقرار الاقتصادي بعد سنوات من الحديث عن الازمات الاقتصادية التي كان العالم يتحدث عنها في امريكا .
نجحت أمريكا في تنشيط سوق السلاح من خلال صناعة الحروب في المنطقة العربية ووجدت في غباء ابن سلمان مساحة واسعة من السريالية السياسية كي تتحرك فيها فخاض حروبا مباشرة وغير مباشرة وكان عدوانه على اليمن بمثابة القشة التي سوف تقصم ظهره في قابل الايام والاعوام.
ولذلك فالعرب اليوم أمام مفترق طرق إما الخضوع أو صناعة واقع جديد يكون مؤثرا في السياسة الدولية , ومثل ذلك لن يتحقق الا من خلال قيادة عربية تحمل مشروعا نهضويا يسير بخطى ثابتة نحو المستقبل بعدد من الإجراءات الإصلاحية التي تكون تعبيرا عن المستوى الحضاري الجديد الذي وصل اليه العالم المتحرك والمتجدد من حولنا .
فالعرب لم يصلوا الى هذا الشتات الذي وصلوا اليه اليوم الا بعد القضاء على حركات الفكر المتجدد من خلال الاجتياح أو الاغتيالات أو التغييب أو التهميش أومن خلال القضاء على حركات التحرر التي تتم بواسطة الحروب التي يشنها عدوهم ضدهم أو من خلال زعزعة المجتمعات بالحركات الارهابية ولن يستعيدوا ألقهم ومجدهم إلا من خلال عودة الاهتمام بحركة الفكر والتجديد والتحديث في المنظومة الثقافية وفي مؤسسات التكاثر الثقافي فالفكرة الجديدة هي أساس النهضة وأساس التأثير في السياسات الدولية عن طريق القوة الناعمة التي تجبر الآخر على التعامل معها بقدر من توازن المصالح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.