«إقليميون» يمارسون انتفاخة الأسد فيما هم أوهن من قط على المستوى السياسي- وعلى المستوى الجيوسياسي تظهر مؤشرات بأن المنطقة مقبلة على أحداث شديدة الوطأة على الجميع وتوضح خفايا ما تخفيه الايام القادمات من ترتيبات جد غريبة وجد مريبة.. وتفيد تطورات بدأت تلوح في أفق العلاقات الدولية، وتؤكد أن الكبار من نافذي الدول والأنظمة الدولية قد ألقت بكل ثقلها في معتركات وصراعات المنطقة الإقليمية والمنطقة الدولية.. ومن هذه المناطق.. منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، التي اندفعت فيها الرياض وأبو ظبي وقادتا معهما قاهرة العرب وأنظمة عربية وإسلامية وأفريقية الى أتون صراعها مقابل فوائد وحسابات الربح والجدوى المنتظرة جراء وعود دول وأنظمة البترودولار، التي استأسدت وظهر لها مخالب وأنياب.. وأصبحت تزاحم القوى الكبرى النافذة في سعي واضح للحصول على مساحة ملائمة لتواجدها في أجندة الدول الكبرى.. فمن كان يظن أن أبو ظبي سوف تندفع لمشاركة فرنسا في حروبها ضد ما أسموه "الإرهاب المزعوم" الذي فرخته ورعته وساندته أجهزة المخابرات بشهادة رموز غربية عديدة سياسية وأكاديمية ومخابراتية.. ويكفي الاستشهاد بما قالته وصرحت به هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة التي تعمدت أن تصرح بما ظلت الإدارات الأمريكية تتعمد إخفائه طوال الفترة الماضية من صناعة دول النفوذ الدولي لعناصر الارهاب.. والمثير للحسرة ان ترى أبو ظبي تتوهم نفسها أنها صانعة أحداث وأنها صاحبة أجندة خاصة بها وانها مؤثرة في تاريخ المنطقة، ولكن الخالة "فرنسا" التي قبلت أن تسهم "أبو ظبي" في تمويل حملتها ضد "مالي" وضد المتطرفين المتشددين فيها.. التمويل المالي والمشاركة الرمزية بطائراتها في استهداف أعداء فرنسا وهي مشاركة أحيت باريس أن تجد من يشاركها هواجسها ومخاوفها وحساباتها ومن يتحمل معها عبء العمليات العسكرية التي تنفذها في "مالي" وفي القرن الافريقي ضد ما تظنه الامارات انها مخاطر اسلامية اصولية متشددة تطلق عليهم صفة إرهابيين.. مقابل أن تحظى أبو ظبي بمكانة ما وبالحصول على الفتات والبقايا من الولائم الأوروبية الأخيرة التي لا تقل موائدها ووجباتها عن النفط والغاز والماس والذهب وما تيسر من الهبرات الكبيرة".. ومثل هذا التنمر الاماراتي والانتفاخ الكاذب من عجائب هذا الزمن الأغبر، والمرحلة الضبابية التي يشترك فيها الأذناب الصغار باللاعبين الكبار.. في سعي جديد وطراز خاص من العلاقات الغربية التي تحالف فيها الدولي بالإقليمي، وتمازجت فيه الحسابات الرئيسية بالحسابات الفرعية.. وهذا ينذر بنشوء حالات من التشوه العجيب في المفاهيم وفي المعطيات في المنطقة والإقليم، حيث ترسل عواصم النفوذ الدولي ضوءاً أخضر لأحداث متغيرات عاصفة في منطقة حساسة، بل شديدة التأثر بأي اهتزاز وأي محاولة لأحداث متغيرات غير محسوبة خواتيمها.. وفي هذا المضمار يأتي الصراع.. وتأتي الحرب العدوانية لواحدة من النتائج الكارثية للتناغم الغريب بين الحسابات الإقليمية والحسابات الدولية التي زادها تعقيداً وتفرعاً دخول الصهيونية العالمية في تفاصيلها.. ومن هنا فإن المراقبين يؤكدون أن لتل ابيب المكانة الاولى والنصيب الاوفر من النفوذ والهيمنة ويدرك المتابع الدقيق والمراقب عن قرب وعن كثب لما تشهده منطقتنا من تطورات ان التعقيد سيظل قائماً في هذا الصراع وهذه الحرب العدوانية البغيضة التي اثقلت كاهل الضمير العالمي بعد سنوات سبع من المرارات ومن الدمار ومن الفوضى الدموية التي فاقت كل تصور وكل حد ولم يعد مقبولاً الصمت إزاءها لكنها لن تجد متسعاً لصوت عقل او رؤية حكيمة تسارع لوضع حد لمآسيها ومتاعبها وشرورها الا بعد ان تكون القوى النافذة الاقليمية والدولية قد حققت ما تراه مهماً من وجهة نظرها.. وقد خابت مساعيها جراء ان وجدت قوى وطنية تتصدر الموقف وتتصدى لنيرانها وتحدياتها.. وتحول دون انتشار مصوغاتها العرجاء والشوهاء التي لا تراها تلك القوى الا من منظور حساباتها واهدافها مهما كلف ذلك من دماء مسفوكة واشلاء متناثرة.. ومعاناة مريرة لشعب كل ذنبه انه اعلن رفضا قاطعاً لترتيبات غير سوية بل ترتيبات تستهدف وجوده وتستهدف مصيره.. وتسعى الى احداث متغيرات في خارطة المنطقة.. واليمن التاريخية واليمن الطبيعية لن تقبل ان تكون خارج اللعبة.. او ان يظل قرارها على الهامش.. لانها لها معطيات صميمية في الاجندة والحسابات وضرورية في التاريخ المعاصر.. وبالتالي فان هجمات رجال اليمن في ما وراء الحدود لها حسابات قد لا تنفع الجيران ولا تستحوذ على قبولهم لكن الحقوق التاريخية لا تعتمد على العواطف ولا ترضخ لرغبات الجيران او تسير وفق مشيئتهم.. هذه الحرب الطويلة.. وهذه المواجهة التي وصلت الى سبعة اعوام ويمكن ان تمتد إلى سنوات قادمة- لا سمح الله- لكن نتائجها هذه المرة وبعد كل هذه المواجهات والقتال والتضحية والصمود والبسالة عن إرضاء اليمن واحتراماً للقرار السيادي اليمني.. بالرغم من كل الالغام التي صنعت في طريق اليمنيين من مليشيات مفرخة ومن رموز سياسية اشبه بمقاولي الانفار وعتاة فساد وانهيار اقتصادي متعمد وموروثات صراع تنوء من اعبائه الجبال ذاتها.. الصراع الدولي الذي يجري اليوم له اثره على المنطقة العربية بما فيها اليمن لانه صراع على مصالح تبدأ ولا تنتهي لا تقل ضراوتها وشراستها عن ما شهدته المنطقة في الحرب العالمية الثانية التي انتجت حسابات اقامة منظومات شديدة الارتباط باهداف تلك الدول والعواصم التي لا تريد ان تتخلى عن اهدافها ولا عن اطماعها حتى وان جاءت مغلفة باوراق السليفون "والشيكولاتة" الا انها في واقع الامر اشد مرارة من العلقم واعظم اثراً وضرراً من الاملاءات المعلنة والمباشرة.. والخلاصة اليوم.. ان الحرب المشتعلة والمواجهات ستكون لها نتائج جد في غاية الاهمية.. ونأمل ان يتحرك العقلاء لوضع استراتيجيات لما بعد هذه الحرب العدوانية الملعونة.. لتكون الفوائد عظيمة ومثمرة وايجابية على الشعب اليمني.