الارصاد يتوقع هطول امطار على أجزاء واسعة من المرتفعات ويحذر من الحرارة الشديدة في الصحاري والسواحل    اجتماع موسع لمناقشة الاستعدادات الجارية لبدء العام الدراسي الجديد في مدينة البيضاء    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    ضبط مخزن للأدوية المهربة بمحافظة تعز    الفاسدون في الدولة وسياسات تخريب الطاقة الكهربائية السيادية؟!    في الذكرى ال 56 لانقلاب 22 يونيو.. فتح باب الاغتيالات لكبار المسئولين    ماذا اعد العرب بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟    نادي الصقر يُعيد تدشين موقعه الإلكتروني بعد 10 سنوات من التوقف    الجنوب العربي.. دولة تتشكل من رماد الحرب وإرادة النصر    الغيثي: علي ناصر محمد عدو الجنوب الأول وجاسوس علي عفاش المخلص    الحرارة فوق 40..عدن في ظلام دامس    خام برنت يتجاوز 81 دولارا للبرميل    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    في بيان للقوات المسلحة اليمنية.. لا يمكن السكوت على أي هجوم وعدوان أمريكي مساند للعدو الإسرائيلي ضد إيران    ترامب "صانع السلام" يدخل الحرب على إيران رسمياً    في خطابه التعبوي المهم .. قائد الثورة : المعركة واحدة من قطاع غزة إلى إيران    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (1)    دول المنطقة.. وثقافة الغطرسة..!!    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    رسائل ميدانية من جبهات البقع ونجران و الأجاشر .. المقاتلون يؤكدون: نجدد العهد والولاء لقيادتنا الثورية والعسكرية ولشعبنا اليمني الصامد    اعلام اسرائيلي يتحدث عن الحاجة لوقف اطلاق النار والطاقة الذرية تحذر وأكثر من 20 ألف طلب مغادرة للاسرائيلين    الخارجية اليمنية: نقف مع سوريا في مواجهة الإرهاب    تفكيك أكثر من 1200 لغم وذخيرة حوثية خلال أسبوع    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    مرض الفشل الكلوي (9)    - رئيس الجمارك يطبق توجيهات وزارة الاقتصاد والمالية عل. تحسين التعرفة الجمركية احباط محاولةتهريب( ربع طن)ثوم خارجي لضرب الثوم البلدي اليمني    تحذير أممي من تفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن    - ظاهرة غير مسبوقة: حجاج يمنيون يُثيرون استياء جيرانهم والمجتمع.. ما السبب؟*    بنك الكريمي يوضح حول قرار مركزي صنعاء بايقاف التعامل معه    ذمار.. المداني والبخيتي يدشّنان حصاد القمح في مزرعة الأسرة    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    ريال أوفييدو يعود إلى «لاليغا» بعد 24 عاماً    الفريق السامعي: إرادة الشعوب لا تُقصف بالطائرات والحرية لا تُقهر بالقنابل ومن قاوم لعقود سيسقط مشاريع الغطرسة    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الانتقالي الجنوبي".. متغير تابع يضمن النفوذ الإماراتي جنوب اليمن
نشر في أخبار اليوم يوم 26 - 06 - 2019

يشير المخطط البياني للحرب الدائرة في اليمن، خلال 5 أعوم، إلى الانحراف في الديناميكيا التي قامت عليها وتحولها نحو منعطفات خطيرة تشير إلى تختمر جميع أركان الحرب الأهلية التي يتم التجهيز لها، عقب القضاء على التمرد الحوثي، والتي ستكون مدمرة للجميع، وستضرب فكرة "اليمن الموحد" إلى الأبد وتعيد تشكيل جغرافيا الجنوب من جديد.
متغيرات هذا المخطط البياني توضح، ظهور مشاريع محلية في جنوب اليمن نتيجة تنامي التشكيلات العسكرية الخارجة عن إطار الحكومة الشرعية، والتي تحظى بدعم إقليمي غير مسبوق، ممثلاً في دولة الإمارات العربية الشريك الثاني في التحالف العربي وأذرعه (المجلس الانتقالي الجنوبي).
في المقابل تشرح التركيبات البيانية تنامي الحروب في الوكالة على الساحة اليمنية والتي كانت محصور في النظام الإيراني عبر أذرعه المسلحة (جماعة الحوثي الانقلابية) إلى بعض الدولة المشاركة في التحالف العربي لإعادة الشرعية لتقويض الاستقرار في المنطقة الخليجية، والتي تعمل أيضا على تعميق الانقسامات في اليمن في إن واحد، وإنشاء دولةً موازية للدولة اليمنية في المناطق الجنوبية
وتمثل إبعاد الحرب في اليمن نتيجة انحراف أهدافها نحو تحول الصراع القائم في اليمن من صراع داخلي يهدف إلى استعادة الشرعية إلى صراع إقليمي متعدد الإطراف، في بعض المناطق الجنوبية من اليمن، وبعض المنطقة الإستراتيجية جنوب البحر ألحمر.
في هذا التقرير نحاول شرح منحنيات الحرب الدائرة في اليمن، التي أفرزت أهدافاً جديدة غير تلك الأهداف التي تم رسمها من قبل التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، ونحاول فهم إبعاد الإستراتيجية الإماراتية بتشكيل قوى موازية للحكومة الشرعية في المناطق الجنوبية من الرقعة الجغرافية لليمن عبر ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وعقدة تكوينه الفكري والسياسي والعسكري من خلال ميلشياته المسلحة.
ويتطرق التقرير إلى رؤية المجلس السياسية المدعوم من قبل دولة الإمارات لتحقيق أهدفه المعلنة بانفصال الجنوب اليمني عن شماله.
مرتكزات والأدوات الإمارات باليمن
الانتقالي الجنوبي
المجلس الانتقالي الجنوبي مجلس أسسه محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي، يدعو لإقامة دولة ذات سيادة في الجنوب، ويحظى بدعم إماراتي على شتى المستويات، في وقت أعلن الرئيس/ عبد ربه منصور هادي رفضه للمجلس، وتأكيده أنه مخالف لكل المرجعيات القانونية المحلية والأممية.
التأسيس
أعلن عن تشكيل هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي يوم 11 مايو/أيار 2017، يترأس المجلس الانتقالي الجنوبي/ عيدروس الزبيدي، وهو سياسي وناشط في الحراك الجنوبي اليمني، تولى منصب محافظ عدن يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 2015، لكن الرئيس/ عبد ربه منصور هادي أقاله يوم 27 أبريل/نيسان 2017 وعيّنه سفيرا في وزارة الخارجية.
وتضم قيادة المجلس 26 شخصاً بينهم الشيخ/ هاني بن بريك- نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي- المقرب من السلطات الإماراتية، وأعلن البيان التأسيسي للهيئة أنها مستمرة في دعم التحالف العربي بقيادة السعودية.
وعقب تشكيل المجلس، أعلن الرئيس اليمني/ عبد ربه منصور هادي، رفضه الكامل للتشكيل الجديد، موضحاً أنه تنظيم ضد القانون.
وذكر بيان الرئاسة أن "الاجتماع يرفض رفضا قاطعا ما سمي بتشكيل مجلس انتقالي جنوبي يقوم بإدارة وتمثيل الجنوب، مؤكدين أن تلك التصرفات والأعمال تتنافى كليا مع المرجعيات الثلاث المتفق عليها محليا وإقليميا ودوليا والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي 2216 والقرارات ذات الصّلة".
وقال إن ما قام به عيدروس ورفاقه "تبقى أعمالاً لا أساس لها ولن تكون محل قبول مطلقا وهي إنما تستهدف مصلحة البلد ومستقبله ونسيجه الاجتماعي ومعركته الفاصلة مع المليشيات الانقلابية للحوثي وصالح، ولا تخدم إلا الانقلابيين ومن يقف خلفهم، بل تضع هذه الأعمال القضية الجنوبية العادلة موضعاً لا يليق بها".
وشدد البيان على وحدة البلاد وهو الهدف الذي قامت لأجله عمليات التحالف العربي، معبرا عن رفضه التام لخطوة تأسيس المجلس، واصفة تأسيسه والأهداف التي أعلنها مخالفة للمرجعيات الثلاث المذكورة.
إلى ذلك يؤكد محللون يمنيون أن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي انقلاب يعزز الانقلاب الذي قام به الحوثيون في صنعاء، والورقة الرابحة بالنسبة لأمراء أبوظبي للعب على الحكومة الشرعية في المناطق المحررة جنوبي اليمن.
ويرى المحللون أن تبني صناعة السياسية التوسعية لحكومة أبوظبي للمجلس الانتقالي، يعد الضامن الوحيد لبقاء ثابت ومستدام للنفوذ الإماراتي على باب المندب، الممر المائي الاستراتيجي، ويعني إسقاط لشرعية الرئيس هادي كلياً، وهذا يتعارض مع أهداف التحالف أو يفضح أجندته غير المعلنة بشكل أسرع من المطلوب، ويفتح أبواب صراع بين دول مجلس التعاون الخليجي، ويطيل أمد الحرب في اليمن.
مجلة "انترناشيونال بوليسي داجيست" قالت في وقت سابق، إن تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي الخارجية تتلخص في محورها حول بقاء النفوذ السياسي الإماراتي في جنوب اليمن لحماية المصالح الاستراتيجية لأبوظبي في مناطق النفط وموانئ الغاز.
وأضافت “، إن إقامة مشهد سياسي موالي للإمارات في جنوب اليمن يدور حول المصالح الاستراتيجية لأبوظبي فيما يتعلق بحقول شبوة النفطية، وميناء النفط في الشحر و المصنع اليمني الوحيد لتسييل الغاز والذي يقع في بلحاف، بالإضافة إلى موانئ اليمن الجنوبية، وفي مقدمتها ميناء عدن الاستراتيجي، الذي يعد من أفضل الموانئ البحرية في المنطقة وتعتبره الإمارات مهدداً لميناء دبي.
ولأهمية هذا الميناء الاستراتيجي، ترى الإمارات، أن ميناء عدن يشكل أبرز التهديدات بحيث يمكن أن يقضي على الأهمية الاستراتيجية لمدينة دبي، ولهذا فقد سعت باكراً لتعطيل الميناء المطل على مضيق باب المندب غربي محافظة تعز اليمنية، بما يحمله من أهمية استراتيجية كممر للتجارة العالمية، ومن ثم السيطرة العسكرية والسياسية على مدينة عدن عبر تواجدها الميداني الذي أتاحته لها عاصفة الحزم ولتكتمل سيطرتها عبر حلفائها في الداخل والمتمثلين في ما يعرف بالمجلس الانتقالي وجناحه العسكري الذي يضم غالبية مقاتليه من التيار السلفي المتشدد.
ولفت المجلة إلى أنه “من خلال إنشاء الانتقالي الجنوبي الذي يدعوا إلى إنشاء دولة عميلة فعلية في جنوب اليمن تديرها أبو ظبي ودبي، ترى القيادة الإماراتية أن الأرض بمثابة منطقة ذات قيمة إستراتيجية حيث يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة توسيع نفوذها الجغرافي الاقتصادي إلى إفريقيا”.
كينونات مناطقية
لا يكاد يمر يوم دون أن تكشف أبعاد مريرة من التدخل الإماراتي في اليمن، فمع طول أمد الحرب أخذت بعض الممارسات العسكرية للإمارات على أرض الجنوب اليمني تظهر تناقضًا بين ما هو معلن وما يحدث، وبدا خطاب إعادة الشرعية كما لو أنه ورقة لتمرير أهداف أخرى.
من ضمن هذه الأهداف إنشاء كينونات عسكرية وأمنية موازية للتواجد الحكومي في المناطق المحررة لفرض أجندتها التوسعية من خلال بوابة المجلس الانتقالي الجنوبي، على أسس خاصة، مرتبطة بها أكثر مما هي مرتبطة بمؤسسات وأجهزة الدولة الرسمية، متسترة برداء التحالف العربي لإعادة الشرعية.
من جانبه حدد الانتقالي الجنوبي عدداً من المبادئ العسكرية الخاصة بإنشاء هذه الكينونات العسكرية والأمنية يكون أحد الضامنين لمستقبل النفوذ الإماراتي والسياسة الخارجية في اليمن.
مبادئ عسكرية تعتمد على المناطقية والجهوية، تساهم في تشظي البلاد الذي يعود بالفائدة لداعمي ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي من جهة، وتعيد تشكيل خارطة الجغرافيا اليمنية.
هذه المبادئ أو العقيدة العسكرية فتحت أبواب صراع خلفية بين قادة المجلس الانفصالي المدعوم من الإمارات نتيجة تنامي التشكيلات العسكرية من عدن إلى المهرة، والذي من شأنه أن يعقد المشهد أكثر، ويعرض القوى الجنوبية لامتحانات صعبة وتعيد أحداث كانون الثاني / يناير 1986 التي جرت بين رفاق اليسار الماركسي (الذي كان يحكم اليمن الجنوبي)، ولا زالت آثارها ظاهرة حتى اليوم. فالتوزيع المناطقي لقوى الصراع لم يتغير بين يناير 1986 ويناير 2018!
وتتكون الأذرع العسكرية للمجلس الانتقالي من الحزام الأمني في عدن، والضالع ولحج وأبين، وقوات النخبة في كل من حضرموت وشبوة.
وتتهم هذه القوات بالضلوع في انتهاكات وتجاوزات إنسانية، وعمليات قتل واحتجاز خارج القانون، واستهداف ممنهج ومتواصل للخصوم السياسيين، وإدارة سجون سرية تابعة للإمارات في جنوبي اليمن.
وتقوم هذه القوات بتلك التصفيات والتجاوزات بحق الخصوم السياسيين والعسكريين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب ومحاولات فرض الأمن والاستقرار في البلاد.
الإرهاب
تضع الإمارات الحرب على الإرهاب ضمن الأولويات المعلنة لتدخلها في اليمن والمنطقة عموما، وتتخذ من هذا الأمر مبرراً لوجودها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وذريعة لانحراف دورها السياسي والعسكري، بالادعاء بأن الإجراءات والسياسات التي تقوم بها تستهدف محاربة الإرهاب وتخدم المصالح الأمنية في المنطقة والعالم.
بحسب خبراء في الشأن اليمني فإن الدعم السياسي الذي تقدمة أبوظبي للمجلس الانتقالي جعله يكتسب دعماً من الولايات المتحدة الأميركيَّة التي تقدمه كغطاء لتحرك ميليشيات أبوظبي الأخرى في مكافحة الإرهاب.
ويرى الخبراء أن ورقة الإرهاب التي تقدمها حكومة أبوظبي للعالم ما هي إلا مجرد فزاعة، المناط منها ضرب خصومها السياسيين عبر الجناح المليشاوي للمجلس الانتقالي المتمثل في قوات الحزام الأمني والنخبة الشبوانية والحضرمية.
وبحسب تقرير فريق الخبراء الأممي، فإن اقتصار الأمر على القوات التي تقاتل بالوكالة مع الإماراتيين هو جزء من تلميع تلك القوات، وإظهار جدارتها، وإثبات أن مهمتها ليست مجرد قوات تقاتل بالوكالة ، بل إنها قوات تعمل لمقاتلة القاعدة والتنظيمات الإرهابية في اليمن، وهذه الخطوة هي محاولة للترويج لهذه الحالة وبحث عن شرعنه لبقاء تلك القوات.
هذا وسبق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أن كشفت- في تقريرها- إلى أن الإمارات تموّل وتسلح وتدرب هذه القوات التي تحارب في الظاهر الفروع اليمنية لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية ولكنها تتعدى الهدف المعلن.
وبإعادة النظر في الواقع فإن التسويق لنفسها كدعاية إعلامية بكونها تكافح الإرهاب وإظهار نفسها ك"اسبرطة صغيرة" يظهر كمتغير ثانوي مقابل ما تحاول الحصول عليه بالسيطرة على القطاعات الحيوية باليمن.
استقلالية الانتقالي
تدرك أبوظبي أنه ليس بوسعها التواصل العام والمباشر مع الشارع الجنوبي نظراً لمحدودية خبرتها في هذا النوع من النفوذ باعتبارها دولة مشيخيات ليس للرأي العام فيها حضور كما هو حال البلدان ذات النظام الجمهوري الديمقراطي"، لهذا عجلت في إفراز المقاومة الجنوبية بين خصم وتابع ووقع الاختيار على دعم عيدروس الزبيدي من الطرف الاشتراكي الشعبي وهاني بن بريك من التيار السلفي (الجامي).
ودعمت الإمارات- وبشكل علني- تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أصبح يمثل دولة داخل الدولة ويعمل كسلطة موازية وبديلة ل"الحكومة المعترف بها دولياً" ويمتلك نفوذاً كبيراً بفعل الدعم العلني من قبل حكومة أبوظبي، والتي تُشرف على أعمال المجلس، وغالباً ما تحتضن أبو ظبي الكثير من أنشطته، وتغطي وسائل الإعلام الإماراتية، تلك الأنشطة وخاصة عندما تكون علقتها متوترة مع السلطة الشرعية.
احتضان الإمارات للمجلس الانتقالي يهدف إلى وجود أطراف محلية تابعة للإمارات في المناطق الجنوبية ومرتبطة بها يساهم في توفير بيئة قابلة بوجودها ودورها، ما دام يتفق مع أهدافها الخاصة، أو يؤمن لها مصالح مادية ومالية، وتكون هذه القوى بمثابة الرافعة المحلية للوجود الإماراتي والمدافع عنه، على النحو الذي مثّله المجلس الانتقالي.
صراع الرفقاء
ازداد المشهد الجنوبي تعقيداً مع نجاح مجلس الحراك الثوري الذي يترأسه القيادي "حسن باعوم" بخلط أوراق الإمارات بعدم الاعتراف بالمجلس الانتقالي، الذي تدعمه وتقدمه بصفته الممثل الشرعي والوحيد للجنوب، للمطالبة بالاستقلال والانفصال.
جاء ذلك في إعلان مجلس الحراك الثوري عقب مؤتمر عقده في عدن، ضم نحو ستمائة مندوب من كافة محافظات الجنوب، وصدر عنه بيان شديد اللهجة وصف سيطرة الإمارات "بالاحتلال".
ملامح الصراع الجنوبي الجنوبي طفت على السطح مع تزايد حالات التراشق الإعلامي بين نجاح مجلس الحراك الثوري والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وبحسب خبراء في الشأن اليمني فإن "تشكيل المجلس الانتقالي الذي يتبنى مواقف الإمارات من خصومها وإقصاء باقي الأطراف الجنوبية، ضاعف من حالة التشظي التي تعاني منها القوى الجنوبية، واستدعى تواجد آخرين من داخل الحراك يتبنون خطابا مضادا".
وينقسم الحراك الجنوبي إلى عدة فصائل بعد استقطاب الرئيس اليمني/ عبد ربه منصور هادي، عدداً من قياداته ضمن الحكومة الشرعية، أبرزها المجلس الانتقالي وحراك باعوم الذي يعد أحد أبرز قادة وزعماء جنوب اليمن.
ورغم اتفاق مراقبين للوضع اليمني على أن مؤتمر الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال نجح في خلط أوراق حلفاء الإمارات في جنوب اليمن، فإنهم اختلفوا بشأن مدى قدرته على تغيير معادلة الصراع مع "المجلس الانتقالي".
فيرى الكاتب والمحلل السياسي/ ياسين التميمي أن هذه التطورات ملامح خارطة تحالفات جديدة ذات طابع إقليمي، "فالتحالف العربي سيواجه صعوبة كبيرة في المضي قدما لترتيب الوضع في المحافظات الجنوبية بالأريحية التي ميزت أداءه خلال المرحلة الماضية".
ويضيف التميمي- في حديث للجزيرة نت- أن هذه التطورات مؤشر على أن المشاريع الإقليمية المنافسة أصبح لديها الأدوات الكافية لمضايقة التحالف، وبالأخص الإمارات ومواجهة مشروعها لتفكيك اليمن.
وعن موازين القوى في معادلة الصراع بين الطرفين، يرى أن "مؤتمر باعوم نجح في خطف الأضواء من الانتقالي وبدد أوهام الإجماع الجنوبي حول المشروع السياسي الانتقالي المدعوم من الإمارات". لكن المجلس الانتقالي ما زال لديه وحدات مقاتلة يمكن أن تحسم أي مواجهة مقبلة على النفوذ.
حلم استقلال
خروج مناطق جنوبية كثيرة عن سيطرة الحكومة الشرعية لم يساعد على انفصال الجنوب، ولم يبقِ على دولة الوحدة، لكنه أضعف حضور الدولة وفتح المجال لظهور المشاريع المحلية الجنوبية في كل من عدن وحضرموت تحديداً.
بحسب المعطيات على الأرض يعد حلم استقلال الجنوب الذي يعد الهدف الأول لما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي ما زال غارقاً في الخيال، فالإمارات لن تتحمل كلفة انفصال الجنوب، وان كانت تدعم وتروج له فهي لا تمتلك القوات الكافية للسيطرة عليه، لكنها ترغب بالبقاء على الهش في جنوب اليمن بما يضمن بقائها أطول فترة ممكنة على السواحل اليمنية وباب المندب كقوة إقليمية.
وتسعى الإمارات من خلال شماعة الانتقالي الجنوبي إلى إبقاء الدولة اليمنية ضعيفة ومهزوزة ومهددة من قوى خارجة عن سلطتها بما يحقق الرغبة التي لا تتضارب بشكل مباشر مع المصالح السعودية والأهداف التي قامت علية المنظومة في التحالف العربي.
الخلاصة
تثار الكثير من التكهنات حول النفوذ الإماراتي أهو ذاتي، أم أنه واجهة لقوى دولية؟، الأمر يصعب تصوره في استمرار تعامل السعودية معها مستقبلاً بهذا النمط، فالنفوذ الإماراتي في اليمن قد يتحول إلى مهدد للمملكة، ويحرف بوصلة أهداف التحالف العربي الذي قامت من أجله.
ورقة تستغلها الحكومة الشرعية في صراعها مع الإمارات وأذرعاها في جنوب اليمن (المجلس الانتقالي)، في المقابل تمتلك الحكومة أوراق أخرى تتمثل في تضرر أطراف الصراع الأخرى، في المحافظات الشمالية والجنوبية؛ من تدخل دولة الإمارات عبر أذرعها السياسية والعسكرية، وبالإضافة إلى بعد السيادة الوطنية والشعور بضرورة مقاومة النفوذ الأجنبي، فإن هذه الأطراف تجد مصالحها بل وكياناتها مهددة وجودياً وهو ما يحفزها على مقاومة النفوذ الإماراتي.
إلى ذلك تحاول الحكومة اليمنية توظيف الحالة اليمنية التي تشهد تعدداً في أطراف الصراع، وتقلبات في موازين القوى، وانغماساً للقوى الخارجية، باستغلال الاهتمام الصيني باليمن، الذي يصب ضمن خططها استراتيجيتها لكبح النفوذ الإماراتي، عبر أدواتها الانفصالية في جنوب اليمن، بالإضافة إلى الاستعانة الحكومية ببعض الدول الإقليمية المتضررة من النفوذ الإماراتي، من خلال دعم الأطراف المحلية المقاومة له.
وقبل ذلك كله، مقاومة القوى اليمنية، واحتمالية حدوث تحول في الموقف الداخلي للإمارات، أو في توجهاتها السياسية.
سيناريو التراجع
من المحتمل على المدى التوسط أن يشهد النفوذ الإماراتي في اليمن تراجعاً قد يصل إلى حد الانهيار عسكرياً، والتذبذب في النفوذ السياسي، وتكمن مجموعة من العوامل المعززة لهذا السيناريو تتمثل في: تعدد أطراف الصراع في اليمن وتعقيداته، وحجم الإمكانيات المادية والبشرية للإمارات واستحقاقات مناطق النفوذ المتعددة، التي توجد فيها (الاستنزاف)، في ظل غياب الخبرة التاريخية في التواجد خارج الحدود وإدارة المجتمعات، واعتمادها على غطاء دول (السعودية، دول غربية) قد تغير مواقفها، في أي لحظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.