= 34عاماً من التجريب والنجاح والإخفاقات اربعة وثلاثون عاماً مضت على انطلاقة وحدة اليمن .. شهدت البلاد آمالاً وعاشت تحديات وتنفست لحظات العطاء الشعبي . وجرت في هذا البلد تجريب في التعدد السياسي وفي الصراع الحزبي .. وخلال هذا الامتداد الزمني رغم كل المنغصات والمتاعب وتكالب تحديات جمة تو فقت انماط تعايش عديدة وتعززت في حياة الناس أساليب انتماء لهذه الوحدة الوطنية ومورست اعمال اقتصادية واستثمارية عديدة استدعت ان تستمر وحدة البلاد.. فاعتادت شريحة رجال المال والأعمال على أن يجد خارطة جغرافية تسمح له بالقيام بمهام عمله الاقتصادي والتجاري وتفتح امامها أفاقاً رحبة من النشاطات التجارية والاقتصادية والاستثمارية المتعددة بدءاً من قطاع الخدمات الاعتيادية ووصولاً إلى قطاع السياحة والصناعة والانتاجية سواء في الزراعة أو غيرها .. واتسعت المساحة الجغرافية لتحتوي كل الانشطة .. وتعددت انماط التنمية والاقتصاد والاستثمار , بل وصل الامر الى انشاء شركات طيران خاصة منافسة وتشغيل أيادي عاملة عديدة .. ويكفي ان نشير هنا الى انشاء مصانع اسمنت في حضرموت ولحج وتعزيز هذه الصناعة في باجل وعمران وتعز وحجة وبدأ استغلال خيرات البحار للاستهلاك المحلي وتصدير الفائض من الأسماك .. والتقت الطرقات وتوسعت لتشمل كافة المحافظات واصبح بإمكان المزارع في الحديدة ان يبيع منتجاته في حضرموت والمهرة وكذلك المزارع في حضرموت أو ابين ان يبيع منتجاته الزراعية في تعز واب وذمار و صنعاء .. تحولت الارض المحيطة بسد مارب الى مناطق جذب استثماري إذ تحرك رأسمال الوطني المحلي واتجه للاستثمار في زراعة الرقعة الزراعية بتوافر المياه من السد بعد انشاء بعض القنوات المتفرعة من سد مارب وتحول الوادي إلى واحة إنتاج العديد من المزروعات .. ووجد رجال المال والاعمال فرصة للاستثمار في مجال الزراعة في مناطق كثيرة من المحافظاتاليمنية وبالذات في السهل التهامي ومحافظة صعدة وغيرها من المناطق التي انتعشت فيها زراعة الخضار والفواكه المتنوعة إضافة لزراعة القمح والبقوليات في بعض المناطق التي تتناسب والمناخ المطلوب .. التوافر الجغرافي والديمغرافي والسوق المحلية الاستهلاكية فيما انشئت شركات تسويق خارجية صدرت المنتجات الزراعية اليمنية إلى الخارج .. وللتدليل على ذلك انتاجيات الموز والمانجو والبصل والتفاح والرمان والطماطم والبطاط والبن وغيرها التي وجدت طريقها المناسب للوصول إلى السوق الاقليمية .. كل هذه الانشطة كان مصدر نجاحها ونقطة انطلاقها وحدة البلاد وتعدد منافذها البرية والبحرية والجوية التي وفرته الخارطة الجغرافية التي توسعت بوحدة الوطن اليمني رغم المعوقات من فساد ومن بيروقراطية ومن صراعات واحتقانات إلا ان وحدة اليمن كانت الدافع لانطلاق طاقات استثمارية عديدة مقدر لها أن تحقق لليمن نهوضاً منشوداً واسعاً ان وجدت فرصة مناسبة للتحفيز والتشجيع .. واليوم .. بعد اربعة وثلاثين عاماً من التجريب ومن التجديف ومن التجريف ومن السعي الصادق نحو الآمال ومن تنامي المشاعر الوطنية ورغبة المواطن بوحدة البلاد وفي استدامة قيامها واستمرارها وضرورتها .. كلها اعطت اليمن قوة اضافية هي من حافظت على تماسكها وعلى قوة المشاعر الانتمائية إليها .. بالرغم من القوى السياسية قد غابت عنها الحيوية والاهمية والادراك لهذه العوامل ومارست في السنوات الاولى من عمر وحدة اليمن اساليبها العبثية التي أو صلتنا الى مانحن فيه من تحديات في اكثر من مساق وأكثر من جهة واوجدت تلك القوى السياسية شرخاً واضحاً في النسيج الاجتماعي سمح بان تظهر قوى أشد تطرفاً واكثر تشدداً , بل وصل بعضها إلى التوجه المدروس نحو التشظي والانفلاش والسير في اتجاه الفرقة والقطيعة مع الهوية اليمنية حسب ما تعلنه وتمارسه قوى الانتقالي الذي وجد في الأموال المشبوهة الاماراتية والسعودية ضالته في الاستعانة لصناعة انماط قطيعة وتشظي بدءاً من خطاب سياسي واعلامي ملغوم ووصولاً الى انشاء مليشيات مسلحة وانشاء اجهزة امنية اصبحت تعربد في مسلكيات انفصالية شديدة الاذى ومزعزعة النسيج الاجتماعي وجدت في صناعة الازمات السياسية والعسكرية والامنية ثغرة توفر لها امكانية فرض حالة انفصال حول ما يسمونه افتراءً وادعاء ( استعادة الدولة ) .. ورغم إن هذه القوى السياسية والمليشاوية لن تحقق ادارة ناجحة سليمة في المحافظات التي تسطر عليها , في ذات الوقت ذهبت قوى سياسية اخرى تدعي الوحدوية الى الارتماء إلى احضان الاعداء التاريخيين لليمن والاستعانة بهم على الداخل اليمني .. وهنا تعود " العقدة اليزنية " الى الواجهة بدلاً من تغليب الروح الوطنية تمادت مثل هذه القوى السياسية نحو الارتماء الرخيص في انماط عداء وترزاق مكشوف بدلاً أن يظل الصراع يمني- يمني الذي قد يجد حداً في ختام المطاف , نجدها تنساق نحو خدمة اجندة غير يمنية وعملت على تمزيق الوحدة الوطنية والى السير في خطوات متشظية لا تخدم اليمن ولا تخدم حتى تلك القوى السياسية المهوسة بالنفعية المفرطة ولم تعد حتى تخجل من التوجيه نحو المزيد من الإسترخاص الذليل ومن تنفيذ أجندة غير وطنية كشفت عن اطماع اقليمية مفضوحة حتى وصل الامر إلى اعلان أبوظبي وهي وكيل اقليمي للصهيونية اقتطاع جزيرة وانشاء مطار عسكري في جزيرة عبد الكوري التي تقع ضمن ارخبيل سقطرى التي تحولت الى مزار سياحي للصهاينة ومن لف لفهم تحت مرأى وسمع من الجميع . وحين نعيد اليوم قراءة ما جرى وما يجري فأننا نصل إلى منظور يرى ان هذه القوى السياسية قد ارتكبت كل الخطايا والاخطاء ولم تلزم نفسها على اعادة قراءة وتقييم لما سارت فيه وما قامت به وما تقوم به من أعمال ومن ممارسات ومن تشظيات الموقف وعدد الولاءات التي تتصف بها , بل نجد اصراراً عجيباً على مغادرة أي توافق والتمادي في العداء للمنطقية والوطنية اليمنية , وتاهت في تعدد الولاءات بين عواصم العدوان وعواصم التدخلات من الرياض الى ابوظبي إلى أنقرة ولندن .. وصبحت في عداء معلن وغير معلن مع كل اشكال الانتماء اليمني والولاء حتى لخطابها السياسي المعلن الذي تبنته , بل انساقت نحو المزيد من الارتزاق ومن الالتزام الذليل بالإملاءات المزاجية والجيوسياسية لقيادات الرياضوابوظبي وحسابات الصهيونية العالمية سواء في رغبتها في زمن الهيمنة على الجغرافية اليمنية الحساسة في باب المندب وخليج عدن , أو في فرض ركائز ارتزاق وانشاء زعامات ورقية تدين بالولاء للخارج .. في ذات الوقت الداخل اليمني الشعب مازال يقول كلمته وسيفرض رؤيته الوحدوية الذي اعرض عن تلك القوى السياسية وتحرك اجتماعياً مع وحدة الوطن وتعزيز هويته الانتمائية والايمانية ولم يعد يقبل بكل طروحات القوى السياسية التي لا تتوافق مع رؤيته الوحدوية .. بقي أمر غاية في الأهمية ألا وهو الثروة الوطنية التي نراها انها عامل مهم من عوامل تعزيز الوحدة الوطنية وفي تنمية المشاعر الوطنية في الانتماء للمعطيات الوطنية .. لان هذه الثروة لها ارتباط بالطاقة العالمية التي توجب ان تتوحد الارادات وتلغى حالات التشظي أو تشجيعها من الخارج الان وحدة اليمن ومصدر الاستقرار الوطني والاقليمي والدولي الذي منبعه وحدة اليمن الجغرافية والجيوسياسية .