صفعات دولية قاسية وموجعة ومتوالية يتلقفها كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب وحكومته الفاشية المتطرفة، بدأً بجلسات استماع في محاكم دولية حول جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يرتكبها كيان وجيش الاحتلال في قطاع غزة، مروراً بفرض عقوبات على مستوطنين صهاينة في الضفة الغربيةالمحتلة، وتوتر في العلاقات مع الولاياتالمتحدة، واندلاع ثورة وانتفاضة طلابية جامعية دولية تضامناً مع الشعب الفلسطيني واحتجاجا ضد الاجرام الصهيوني، وصولاً إلى اعتراف عدد من دول العالم بالدولة الفلسطينية والدعوة إلى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وإصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لقائدي كيان وجيش الاحتلال نتنياهو وغالانت، ليلحق به قرار محكمة العدل الدولية القاضي بوقف الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة وفتح المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية.. في التقرير التالي سنسلط الضوء بشكل موجز على أبرز الصفعات الدولية القاسية التي تلقتها إسرائيل خلال الأشهر السبعة الماضية منذ بدء عدوانها الهمجي على قطاع غزة المحاصر.. فإلى التفاصيل:- موسى محمد حسن في 12 يناير الماضي بدأت محكمة العدل الدولية بجلسات الاستماع للنظر في دعوى قدمتها جنوب إفريقيا تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في حرب غزة.. حيث اتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل بالتخلي عن الوفاء بالتزاماتها في اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948. أمر بمنع الإبادة الجماعية وفي 26 يناير أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين وبذل جهود أكبر لمساعدة المدنيين في غزة، لكنها لم تصل إلى حد إصدار قرار بوقف إطلاق النار كما طلبت جنوب إفريقيا. عقوبات وفي الأول من مايو الجاري، فرضت إدارة بايدن عقوبات على 4 إسرائيليين تتهمهم بالضلوع في عنف مارسه مستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وفي 18 مارس الماضي اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على مستوطنين إسرائيليين لمهاجمتهم فلسطينيين في الضفة الغربية وفرض المزيد من العقوبات على أعضاء في حماس. وفي 19 إبريل الماضي، فرضت الولاياتالمتحدة عقوبات على حليف لوزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف وكيانين جمعا أموالا لرجال إسرائيليين واجهوا اتهامات تتعلق بعنف المستوطنين. وفي 29 إبريل الماضي، قالت وزارة الخارجية الأمريكية ان الولاياتالمتحدة وجدت أن 5 وحدات من قوات الأمن الإسرائيلية ضالعة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.. وهي المرة الأولى التي تتوصل فيها واشنطن إلى مثل هذه النتيجة عن القوات الإسرائيلية، لكنها لا تمنع أي وحدة من تلقي المساعدات العسكرية الأمريكية. تأييد الجمعية العامة وفي 10 مايو الجاري، أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، طلب الفلسطينيين الحصول على العضوية الكاملة، واوصت مجلس الأمن الدولي بإعادة النظر في الأمر على نحو إيجابي وذلك بعد استخدام واشنطن حق النقض لإحباط محاولة سابقة في إبريل الماضي. وتبنت الجمعية العامة قرارا بموافقة 143 دولة، ومعارضة 9 دول منها الولاياتالمتحدة وإسرائيل، وامتناع 25 دولة عن التصويت.. ولم يمنح القرار الفلسطينيين العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، لكنه اعترف بأهليتهم للانضمام.. وفي سياق رده على تبنى هذا القرار، اتهم سفير إسرائيل لدى الأممالمتحدة جلعاد إردان الجمعية العامة بتمزيق ميثاق الأممالمتحدة، حيث قام بتمزيق نسخة من الميثاق باستخدام آلة لتقطيع الورق أثناء وجوده على المنصة. إصدار مذكرات اعتقال وفي 20 مايو الجاري، طلب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي لضلوعهم في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وإزاء ذلك تستمر الحكومة الصهيونية والإدارة الأمريكية في الاعتراض والرفض العلني للقرارات الدولية واعتبار أنفسهم فوق القانون. وفي هذا السياق وصف نتنياهو، خطوة الجنائية الدولية بأنها "تشويه كامل للواقع"، وقال "أرفض باشمئزاز مقارنة المدعي العام في لاهاي بين إسرائيل الديمقراطية وبين منفذي القتل الجماعي من حماس". من جهته وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا الإجراء الذي اتخذته الجنائية الدولية ضد المسؤولين الإسرائيليين بأنه "مشين". وبدوره قال رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك أنه يجب على أمريكا معاقبة المحكمة الجنائية الدولية ووضع حد للمدعي العام كريم خان.. مضيفاً "إذا سمحنا للمحكمة بتهديد قادة إسرائيل اليوم، فأميركا ستكون الهدف التالي". وتابع جونسون "لا يمكن لأي مؤسسة دولية ان تكون سيادتها فوق سيادة أمريكا وهو ما يحق لإسرائيل ايضا".. وأردف قائلاً "لو قررت المحكمة المضي قدما في هذه القضية سوف نكون امام مشكلة دولية أكبر". اعتراف بدولة فلسطين وفي 22 مايو الجاري أعلنت كلٌ من أيرلندا وإسبانيا والنرويج أنها ستعترف بدولة فلسطينية. وتعترف بالفعل نحو 144 من بين 193 دولة عضو بالأممالمتحدة بالدولة الفلسطينية، منها معظم دول النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، وروسيا والصين والهند. لكن بضع دول فقط بالاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة هي التي تعترف بالدولة الفلسطينية. ووصف مسؤولون في دول مختلفة من العالم اعتراف كلٌ من إسبانيا وأيرلندا والنرويج بدولة فلسطين بأنها خطوة مهمة.. وتوقعوا بأن يكون هناك موجة جديدة من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فيما اعتبرت إسرائيل ان هذا الاعتراف يرقى إلى مستوى "مكافأة للإرهاب" واستدعت سفراءها من العواصم الثلاث. ومن جهتها قالت الولاياتالمتحدة ان إقامة دولة فلسطينية يجب أن تكون من خلال مفاوضات، لا باعتراف من جانب واحد. العدل الدولية تقضي بوقف الهجوم ويوم الجمعة الماضية -24 مايو الجاري- اصدرت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة قراراً أمرت فيه إسرائيل بوقف هجومها وعمليتها العسكرية على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة على الفور، وفتح معبر رفح، والسماح بإيصال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، وذلك في حكم طارئ وتاريخي في القضية التي تقدمت بها جنوب إفريقيا واتهمت فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية. وقالت المحكمة إنه يتعين على إسرائيل السماح بوصول المحققين إلى القطاع المحاصر وتقديم تقرير عن التقدم المحرز في غضون شهر واحد. وأقرت المحكمة أمرها بموافقة لجنة من 15 قاضيا من جميع أنحاء العالم بأغلبية 13 صوتا مقابل معارضة قاضيين من أوغندا وإسرائيل، وأصدرت المحكمة قرارها بعدما قدمت جنوب إفريقيا طلبا لإصدار أمر بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأمر المحكمة ملزم لكل أعضاء الأممالمتحدة بما فيها إسرائيل، ومجلس الأمن الدولي هو الجهة الضامنة لتنفيذ أمر المحكمة. وقال رئيس المحكمة نواف سلام وهو يتلو قرار المحكمة ان "الحكم يتألف من 3 نقاط، وهي وقف إسرائيل عملياتها العسكرية برفح، وحفاظها على فتح معبر رفح لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتقديمها تقريرا للمحكمة خلال شهر عن الخطوات التي ستتخذها".. وأشار سلام إلى إن الوضع في القطاع الفلسطيني المحاصر تدهور منذ أن أمرت المحكمة إسرائيل آخر مرة باتخاذ خطوات لتحسينه، وإن الظروف اقتضت إصدار أمر طوارئ جديد. قرارات إلزامية وفي السياق، أوضح مسؤولون في الأممالمتحدة وفي عدد من دول العالم وكذا حقوقيون وقانونيون بأن قرارات محكمة العدل الدولية إلزامية ويجب تنفيذها، وان تدابيرها المؤقتة تلزم إسرائيل بالانسحاب ووقف عمليتها في رفح. فرض عقوبات وقطع علاقات إلى ذلك، دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز يوم أمس الأول (السبت)، المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على إسرائيل وتعليق العلاقات الدبلوماسية معها، حتى تنصاع لقرار محكمة العدل الدولية. امتثال الاتحاد الأوروبي للجنائية الدولية في رده، على سؤال بشأن محاسبة إسرائيل على الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، قال الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لويس ميغيل بوينو، ان "الموقف الأوروبي واضح، نحن سنحترم أي قرار من قبل محكمة الجنائية الدولية، حيث أننا نؤمن بها عنصرًا أساسيًا للنظام القانوني الدولي". وأكد ميغيل ان المحكمة لها استقلالية وأنهم بانتظار القرار القضائي من قبل هذه المحكمة الذي سيحترمه الاتحاد الأوروبي. وفي رده على سؤال حول ما إذا كان سيلتزم الاتحاد الأوروبي ودوله بقرار الجنائية الدولية في حال أصدرت مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، قال ميغيل "نعم". وأشار إلى أن الدول الأوروبية كلها مشاركة بما يسمى ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي هذا ملزم للأعضاء جميعهم. عزلة الاحتلال تزداد عمقا بعد قرار محكمة العدل الدولية الذي طالب إسرائيل بالوقف الفوري لهجومها على مدينة رفح، أصبح كيان الاحتلال والمسؤولون الصهاينة يواجهون ضغوطا قانونية إضافية وغير مسبوقة.. وقد جاءت هذه الصفعة القاسية والموجعة لكيان الاحتلال بعد صفعة أخرى تلقاها الكيان الغاصب الأسبوع الماضي، تمثلت باعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أنه تقدم بطلب لإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت. وفي سياق الإعلان الذي تقدم كريم خان بطلب إصدار أوامر اعتقال لنتنياهو وغالانت، يؤكد حقوقيون وقانونيون أنه في حال أصدرت الغرفة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، فإن الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة ستكون ملزمة بموجب المعاهدة بإلقاء القبض على المسؤولَين الإسرائيليَّين إذا وطئت أقدامهما أراضيها. تحرير فِلسطين وفي ختام تقريرنا هذا نورد ما أشار إليه الكاتب الكبير عبدالباري عطوان بأن طوفان الأقصى هو الأساس في مسار الانتصار للقضية الفلسطينية وتحرير فلسطين من البحر إلى النهر.. حيث قال "طُوفان الأقصى" هي الأُم التي ستُفرّخ العديد من الطّوفانات، ولن تتوقّف حتّى تحرير فِلسطين، كُل فِلسطين، من البحر إلى النهر، وتُزيل كُلّ العفن الذي لَحِقَ بالقضيّة الفِلسطينيّة من جرّاء السُّقوط في مصائد المكْر الإسرائيليّ المُتمثّل في اتّفاقات أوسلو، والوعود الأمريكيّة الكاذبة بحلّ الدّولتين، وقبل كُل هذا وذاك اتّفاقات كامب ديفيد. وأشار عطوان إلى نظريّة "الدومينو" التي تتساقط حجارتها الواحدة تِلو الأُخرى، بدأت ولن تتوقّف حتّى الحجر الأخير منها، أي زوال دولة الاحتلال العُنصريّة، وأوّل خطوة في هذا الصّدد هي ضرورة تحلّي قيادة المُقاومة في القطاع وخارجه بأعلى درجات الحذر في التّعاطي مع الخطوات الأمريكيّة البهلوانيّة المُتسارعة حاليًّا، التي تُريد إعادة إحياء المُفاوضات لوقف إطلاق النّار في القطاع لإنقاذ دولة الاحتلال من مآزقها الحاليّة المُتفاقمة، ميدانيًّا، وعالميًّا، ولا نعتقد أنّ قيادة المُقاومة في القطاع التي أدارت المشهد بدَهاءٍ غير مسبوق غير واعية بهذه الحقيقة، ولكنّنا نقولها ونُكرّرها لتَطمَئِنّ قُلوبنا أكثر.