خلافًا لما تلوكه وسائل الإعلام -منذ مطلع العام- من أخبار عن حدوث تباين بين نتنياهو وبايدن واستياء الأخير من ارتفاع أعداد الضحايا في صفوف المدنيين في حرب غزة بواسطة ذخائر أمريكية ضخمة الأحجام وذات قوة تدميرية هائلة، ما تزال المجازر الوحشية في أوساط المدنيين -تحت سمع وبصر بايدن- متواصلة. مجزرتا «مواصي خان يونس» التي أسفرت -وهي مصنفةٌ من قبل «كيان العدو» ضمن المناطق الآمنة- عن 80 شهيدًا بينهم شهيدان من طواقم المسعفين، بالإضافة إلى مئات المصابين من سكان المخيم الذي ضمَّ حوالى 80 ألف نازح من ذوي النزوح المتكرر من مكان إلى آخر، و«مصلى مخيم الشاطئ» غرب مدينة «غزة» التي أسفرت -هي الأخرى- عن 18 شهيدًا وعشرات الجرحى تأتيان امتدادًا لمسلسل المجازر الصهيونية التي تنتزع -بين الحين والحين- حياة مئات المدنيين الفلسطينيين بتواطؤٍ -وأحيانًا بتنسيقٍ- مع «واشنطن» المزوِّد الرئيس بالأسلحة والذخائر التي ما تزال -وقد بلغت الحرب شهرها العاشر- تحصد أرواح الأطفال والشيوخ والحرائر بشكلٍ يوميٍّ متواتر. ويجدر بي أن أذكر أنَّ أولى حلقات مسلسل هذه المجازر التي كان لها أول ولمَّا يلح في الأفق مؤشر يدل على قرب ما ننتظره لها من آخر تعود إلى مساء ال17 من أكتوبر حينما تعمَّد «كيان العدو» -بسبق الإصرار والترصد- استهداف ساحة مستشفى المعمداني في غزة بعدة صواريخ في وقت واحد حاصدًا أرواح ما يزيد عن 500 شهيد، معظمهم من النساء والأطفال. وفي محاولة من جيش الكيان لتحاشي ردود الفعل الدولية الغاضبة على وحشية الجرم في اللحظات الأولى لارتكابه زعم أنَّ المجزرة نجمت بسبب حدوث ماس «شرت كهربائيّ» أدى إلى انفجار أسلحة وذخائر خزنتها «حماس»، نسبت عناوين صحف ومجلات أميركية عدة مثل «نيويورك تايمز» و«فورن بوليسي» بالإضافة إلى «CNN» ذلك الجرم الوحشي المهول -في ميلٍ واضحٍ إلى الرواية الصهيونية المستخفة بالعقول- إلى «فاعل مجهول»، بينما عزت صحيفة «وول ستريت جورنال» حدوث المجزرة إلى ما اعتبرته تجاهل إدارة المستشفى التحذيرات الإسرائيلية المتكرر بالإخلاء، الأمر الذي يعكس رغبتها في التناغم مع المزاعم التي ادعت وجود أنفاق تابعة ل«حركة حماس» تحت المستشفيات مشيرة إلى أنها سوف تتسبب بسقوط عدد كبير من المدنيين، في حين اكتفت صحيفة «واشنطن بوست» بالإشارة إلى تبادل «إسرائيل» و«حماس» الاتهامات بالمسؤولية عن حدوث المجزرة التي أودت بحياة المئات. أما مجزرة النصيرات التي ارتكبت يوم السبت ال8 من يونيو الماضي وراح ضحيتها 280 شهيدًا و800 مصاب ثلثاهما -على الأقل- من الأطفال والنساء، فقد كانت مجزرة واضحة الأمركة، كونها نفذت بواسطة قوات صهيونية أمريكية مشتركة، حيث تمَّ تسريب القوات الأمريكية التي اشتركت في تنفيذ تلك الجريمة -شأنها شأن غيرها من الجرائم- عبر رصيف بايدن العائم الذي لم يُسهم -بالرغم من أنه أنشئ بذريعة إمداد سكان القطاع المدنيين المحاصرين بالمساعدات الإنسانية- بإدخال أكثر من 4% ممَّا يتطلبه القطاع من الاحتياجات الغذائية والدوائية الضرورية، وقد كشفت ملابسات تنفيذ تلك العملية الإجرامية أنَّه قد أنشئ من قبل الإدارة الأمريكية -خلافًا لاستتارها وراء اليافطة الإنسانية- لدواعٍ عسكرية. وإذا كانت أعداد ضحايا مجزرتي «المواصي» ومصلى «مخيم الشاطئ» أقلَّ من أعداد الضحايا الذين قضوا في المجزرتين التي سبقت الإشارة إليهما، فإنَّهما تختلفان عنهما بما كان من إقدام الصهاينة على قصف خيام النازحين في «المواصي» بعد أن سبق تصنيفها من قبلهم منطقة آمنة، وبما كان من إقدام العدو الصهيوني المجرم على تعمد قصف المصلين في «مخيم الشاطئ» وهم في حرم «مصلى» واضح المعالم. ولعل الأهم ممَّا تميزت به المجزرتان من خصوصية المكان، كون الأول قد منح من سلطات العدوان حقَّ الأمان، واعتبار الثاني من الأماكن أو الأعيان المشمولة بالحماية بنصوص قوانين حقوق الإنسان، أنَّ ارتكاب مجزرة «المواصي» قد أتى بعد ما أشيع من أخبار عن حدوث نوعٍ من التبايُن بين مواقف «بنيامين نتنياهو» ومواقف «جو بايدن» حول أعداد ضحايا الحرب من المدنيين إلى الحدَّ الذي حمل إدارة «بايدن» على تعليق تزويد «بنيامين النتن» بالذخائر التي يتراوح وزنها بين «500كجم» و«طن»، إلَّا أنَّ القنابل التي ارتكبت بها المجزرة -بحسب كثير من وسائل إعلام عبرية- هي قنابل "MK84" الأمريكية التي تعرف أيضًا ب"مارك 84"، أو ب"المطرقة"، وهي قنابل تزن قُرابة «طن»، وفي ذلك دليل مستتر على أنَّ التواطؤ بين «جو بايدن» و«بنيامين نتنياهو» -على ارتكاب المزيد والمزيد من المجازر- مستمر، وأنَّ المجرم «نتنياهو» لن ينفكّ -بدعمٍ لا محدود من حليفه «بايدن»- يمعن في التعالي والتكبر والتغطرس والتوحش والتجبر، فلا ننفكّ -معاشر العرب- نصدر البيانات وننظم القصائد ونحبِّر الخطب ونلهج بالدعاء في أجواف المحاريب ومن خلف سواتر المنابر!