تحل الذكرى ال 61 لثورة ال 14 من أكتوبر المجيدة في ظل اوضاع ومتغيرات اقليمية ودولية، الأبرز فيها موقف اليمن المشرف والمساند للمقاومة الفلسطينية واللبنانية في مواجهة الغطرسة والاجرام الصهيوني ومجازر الابادة الجماعية التي يرتكبها بحق الابرياء في قطاع غزة منذ أكثر من عام وامتداد استهدافه مؤخراً لجنوب لبنان ومقاومته الباسلة.. كل ذلك يتم بضوء أخضر ومساندة معلنة من قبل أمريكا وبريطانيا والغرب الكافر، وهو ما يذكرنا بنهج الاحتلال والاستعمار الذي كان وما يزال دأبه القتل والترويع للشعوب، لكنه مأزوم ومهزوم أمام إرادة الاحرار وثورة الشجعان، وكلنا يعلم ما كان عليه الاستعمار البريطاني أو المملكة التي لا تغيب عنها الشمس أبان احتلالها لجنوب اليمن الذي دام 129 عاماً، وممارسات المحتل البريطاني لتكريس العداء بين ابناء تلك المناطق بعد تقسيمها إلى سلطنات، ناهيكم عن سياستها القمعية تجاه الاحرار الرافضين لحياة الذل والعبودية وبقاء المستعمر، وهي ممارسات لا تختلف عما يمارسه المحتل السعودي والإماراتي اليوم في المحافظاتالمحتلة. وكما كانت ثورة 14 أكتوبر بمثابة تحول نوعي في مسار نضال الشعب اليمني ضد الاستعمار البريطاني وتحقيق الاستقلال الناجز بطرد المستعمر وخروجه ذليلاً إلى غير رجعه، ها هو التاريخ يستحضر تلك اللحظات لتكون ذكرى هذه الثورة وأهدفها ماثلاً أمام كل الاحرار والشرفاء للثورة ضد المحتلين الجدد وتبديد مخططاتهم التي تكشفت للجميع أنها لا تخدم سوى الاجندة الاستعمارية والتوسع الصهيوني في المنطقة. فوضى واقتتال وباتت ثورة أبناء المحافظاتالمحتلة ضد المحتل السعودي والاماراتي وشيكة يدعمها ويساندها أحرار ثورة ال 21 من سبتمبر الصامدة والمنتصرة على قوى العدوان، كما ساندت في السابق ثورة ال 26 من سبتمبر ثورة ال 14 من أكتوبر فكان ثوارها في طليعة المقاتلين جنباً إلى جنب مع مناضلي وثوار أكتوبر، كما أنه لا يمكن السكوت على ما تعيشه المحافظاتالمحتلة من أوضاع أمنية ومعيشية سعى المحتل الإماراتي والسعودي لفرضها على تلك المحافظات، لإبقائها في حالة من الفوضى والاقتتال حتى يتسنى له تمرير الاجندة والمخططات الرامية إلى نهب الثروات واستغلال الموانئ والجزر لصالحه، إلى جانب سعي قوى الاحتلال من خلال النخب التي كونتها إلى تعميق العداء بين أبناء تلك المحافظات وبقية المحافظاتاليمنية بهدف النيل من النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية المتأصلة بين ابناء اليمن، بالإضافة إلى زيادة معاناة ابناء المناطق المحتلة واسكات الاصوات التي تنادي بالحرية والثورة ضد المحتل والزج بهم في سجون سرية فيها ما لا يمكن تصوره من أساليب الويل والانتهاك والتعذيب. ويرى الكثير من المراقبين أن المحافظات الجنوبية والشرقية أصبحت تعيش واقعاً أدق توصيفاً له أنه واقع يشبه ما كان حاصلاً قبل ثورة 14 أكتوبر 1963م ، فالمحتل اليوم هم السعوديون والإماراتيون اذناب الاستعمار البريطاني الذي يسعى للانتقام من هزيمته من قبل ثوار 14 أكتوبر 63م الذين أنهوا وإلى غير رجعة 129 عاماً من الاستعمار والطغيان والعبث البريطاني. ويعد تدهور الأوضاع في مناطق سيطرة تحالف العدوان والحكومة الموالية له، أحد مظاهر العبث بالوضع الاقتصادي الذي تشرف عليه أمريكا وبريطانيا وأدواتهما بهدف تجويع الشعب اليمني ونهب ثرواته. أزمة اقتصادية وهنا يرجع الكثير من المتابعين الوضع الاقتصادي المتردي والظروف التي يعشيها أبناء اليمن بشكل عام، إلى المؤامرات والاستهداف الدائم من قِبل دول التحالف برعاية أمريكية وبريطانية لكل المقدرات اليمنية، حيث تشهد عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية والشرقية تردياً غير مسبوق في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالتزامن مع استمرار انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية ووصول سعر صرف الدولار والريال السعودي إلى مستويات قياسية، انعكست تداعياتها على أسعار مختلف أنواع المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، الأمر الذي أدى إلى تصاعد الاحتجاجات اليومية للمواطنين في تلك المحافظات للمطالبة بحلول عاجلة للحد من تفاقم الأزمة الاقتصادية التي ضاعفت من معاناتهم المعيشية والحياتية. التواجد العسكري لم يقتصر الأمر على التواجد العسكري الإماراتي والسعودي في المحافظات الجنوبية والشرقية وأرخبيل سقطرى، بل رافق ذلك تواجد وظهور للجنود الأمريكيين بشكل علني في عدد من المرافق التعليمية في محافظة حضرموت، مع أنباء غير مؤكدة عن قواعد صهيونية بغطاء أماراتي في جزيرة سقطرى، وهو ما يعد انتهاكا صارخا للسيادة اليمنية، ومرفوضا جملة وتفصيلا، ويعبر عن مدى حالة الخضوع التي وصلت إليها أدوات العدوان، وعدم امتلاكها أي قرار أو قدرة على حماية السيادة اليمنية". أن المخططات الأمريكية البريطانية الاستعمارية، وتحركاتهما المشبوهة، باتت مكشوفة للشعب اليمني، ما يجعل تواجدهما المستفز هدفا مشروعا للقوات المسلحة اليمنية والشعب اليمني الحُر، وردعها باعتبارها قوات غازية ومحتلة، وهو ما يجب على أحرار المناطق الشرقية والجنوبية عدم السكوت عن تلك التحركات والتواجد الأجنبي، والتصدي له بكل السبل والوسائل المتاحة. ساحة للعبث فبعد 61 عاماً من قيام ثورة أكتوبر حصلت أمور مروعة تغيرت فيها المفاهيم وتبدلت الأدوار فأصبح المستعمر محرراً والمقاوم عميلاً وخائناً، والأرض اليمنية في المحافظات الجنوبية والشرقية أضحت ساحة للعبث وموطناً لنهب الثروات والآثار في عملية تدمير ممنهج ومنظم يحكمه انتقام خسيس من قبل المستعمر البريطاني وعربان الخليج. وكما تؤكد وقائع التاريخ فإن الأرض اليمنية أرض طاردة للمحتلين ومقبرة للغزاة وأصبح الآن ما يمكن وصفه بثورة جديدة تعيش زخمها تلك المحافظات.