قراءة من كتاب شذى المعارف لمؤلفه القاضي الدكتور حسن حسين الرصابي الوحدة اليمنية في الماضي والحاضر والمستقبل ستظل هي الخيار الأمثل لليمن ومحيطه في الجزيرة والإقليم العربي والدولي.. لقد شكلت الوحدة اليمنية نقلة نوعية متميزة في التاريخ العربي المعاصر حيث كانت بارقة الامل في ظل التمزق والاحباط الذي يضرب بجذوره في وجدان الشارع العربي جراء التمزق الذي يعانيه ولهذا فقد كان ذلك الحدث التاريخي في ال22 من مايو 1990م من اعظم الانجازات التي تحققت على مستوى الساحة العربية والإسلامية معاً.. 1- دور القيادة السياسية: ان الوحدة تعني التنازل الطوعي من قبل الزعماء والقادة لمصلحة الامة وتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة وبدون هذا التنازل لا امل في الوحدة والتكامل وقد عكس انجاز الوحدة اليمنية حقيقة لا جدال فيها وهي ان القيادة السياسية في اليمن قد قدمت المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة والآنية وامتلكت ارداه وتصميماً على تحقيقها رغم كل المعوقات وان واقع التشطير واختلاف التجربة السياسية التي تمكنت من ان تنقل النشاط الوحدوي المتمثل باتفاقيات الوحدة منذ عام 1972م من الحيز النظري الى الواقع التطبيقي الفعلي الذي أثمر عن توقيع اتفاقية عدن في ال30 1989م والتي تعد من اهم المحطات الوحدوية الجادة في تاريخ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية كما تجلى دور القيادة السياسية في التصدي لقضايا الخلافات الكبيرة التي برزت في المرحلة الحاسمة من عملية التفاوض والاصرار الكبير على اغتنام الفرص التاريخية التي هياتها المتغيرات الاقليمية والدولية لا نجاز الوحدة وعدم الرضوخ للإغراءات والتهديدات التي هدفت الى عرقلة ذلك المنجز التاريخي الكبير. 2- المتغيرات الدولية: كان للتنافس الدولي والحرب الباردة بين القطبين دوراً بارزاً في تعميق التباين بين شطري اليمن وكان احدى العقبات امام توحيد اليمن وبنهاية عقد الثمانينيات حدثت تحولات هيكلية كبيرة في النظام الدولي نتيجة لانهيار الاتحاد السوفياتي وبرز الولاياتالمتحدةالامريكية كقوة عظمى منفردة في ادارة النظام العالمي وقد كان لهذا التحولات الجذرية اثر ايجابي في تذليل بعض المعوقات التي كانت تقف في طريق اعادة تحقيق وحدة شطري اليمن وقد استغلت القيادة السياسية في الشطرين هذه المتغيرات – بذكاء شديد- لصالح الوحدة اليمنية حيث سار النظام في الشطر الجنوبي بعد ان فقد سنده الدولي بالموافقة على الوحدة الاندماجية لتقيه من مخاطر الانهيار ويسجل موقفاً تاريخياً مع الاحتفاظ لنفسه بمكان في قمة السلطة وهذا لا يعني - باي حال – التقليل من دوره في تحقيق هذا المنجز التاريخي الكبير كما ان الولاياتالمتحدةالامريكية التي اصبحت القطب الوحيد في ادارة النظام العالمي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يكن لديها أي اعتراض على قيام الوحدة بل على العكس كان من صالحها ان توجد دولة قوية موحدة في جنوب الجزيرة العربية بشرط الا تكون دولة معادية وقد نجحت القيادة الوحدوية في زرع هذه القناعة دون التخلي عن الثوابت القومية او الانتماءات العربية وقد اتضح الموقف الامريكي المؤيد للوحدة اليمنية خلال زيارة الرئيس علي عبدالله صالح للولايات المتحدة في 24 يناير 1990م والتي اعقبت توقيع اتفاقيه الوحدة بمدة وجيزة. الوحدة اليمنية تجسيداً للقيم الاسلامية والنضال الوطني. * لا ان الوحدة اليمنية كانت تجسيداً للقيم الاسلامية فاذا كانت وحدة المسلمين عموماً واجبة فان الوحدة اليمنية اشد وجوباً واذا كان المسلمون مشدودون ابداً نحو محور الامة الواحد من ايمانهم بوحدة الإله الواحد ووحدة المبدأ والمصير الانساني ووحدة مغزى الحياة ووحدة برنامجها وتحقيقاً لأوامر الدين (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) فان اليمنيين كانوا أكثر انشداداً وسعياً لا عادة وحدتهم الطبيعية بموجب الرحم الواحدة والارض الواحدة والاعراف الواحدة والتاريخ الواحد ولما يترتب على وحدتهم من مقاصد شرعية ووطنيه وعربية واسلامية فالوحدة اليمنية لم تكن مطلب الشعب اليمني فقط بل مثلت آمال وتطلعات الشارع العربي والاسلامي باعتبارها لبنة اساسية في صرح الوحدة العربية والاسلامية الشاملة. * ان اعادة تحقيق وحدة اليمن قد جاء تتويجا لنضال طويل خاصة اليمنيون منذ قيام ثورة ال26 من سبتمبر 1962م والتي كان من اهدافها العمل على تحقيق الوحدة اليمنية كخطوة اولى وضرورية في سبيل الوحدة العربية الشاملة كما خاض اليمنيون معاركهم ضد الاستعمار البريطاني تحت شعار الوحدة وبالرغم من تعثر قيام الوحدة بعد الاستقلال فقد ظلت الوحدة هاجس كل اليمنيين وفي سبيل تحقيقها قتل مواطنون وقادة وجرت سلسلة من المحاولات والمحادثات الوحدوية استغرقت عقدين من الزمن (1970-1990م) تخللتها حربان داميتان بين الشطرين. * ان الوحدة اليمنية قد مثلت قاسماً مشتركاً اجتمعت على معالجته كافة القوى والتيارات الفكرية والسياسية المختلفة كهدف وكمصير وشعور مشترك يجمع ابناء اليمن الواحد ويمس وجدان الشعب اليمني ويتعلق بتاريخه وحاضره ومستقبله معاً.