إذا اعتبرنا حكام عالمنا العربي عموما وحكام الشرق إلى حدٍّ ما استثناء، فإنَّ الأشخاص الأسوياء يغادرون السلطة طوعا، وربما تمنعا، كما صنع «نيلسون مانديلا»، بعكس «نتنياهو» الذي ضرب رقمًا قياسيًّا في تسنُّم رئاسة الوزراء، لأنه لا يستطيع البقاء -بسبب نرجسيته وجنون عظمته- إلَّا تحت الأضواء، حتى لو كلفه ذلك رمي البلاد والعباد في المهالك. مغالاته في النرجسية واستبداده برأيه عهد عن المدعو «بنيامين نتنياهو» -منذ ظهوره في الساحة السياسية إصابته بالنرجسيَّة التي تعدُّ حالةً مرضيَّة يتوهم المصاب بها أنه نسخة فريدة بين أقرانه وأنَّ جميع من حوله يغارون منه ويكيدون له بسبب عجزهم عن مجاراته في إتقان عمله، وذلك ما يمكن أن يفهم من استهلال موقع «الرأي ميديا» الإخباري خبره الصحفي المعنون [«إسرائيل هيوم»: نتنياهو يعيش «جنون العظمة ونرجسية الغطرسة»] الذي نشره مساء ال8 من أكتوبر الماضي الاستهلال التالي: (وصف مقربون حالة رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» أنها «غريبة وخطيرة» في الوقت نفسه، وأنه «يعيش حالة من فقدان الاتزان ومن انعدام الشعور بالثقة بمن حوله، معتقدًا أنه المخلص الوحيد والقيادي الفريد من نوعه، فهو نرجسيٌّ مغالٍ في نرجسيته أو في تنرجسه، وهو مغرور إلى حدِّ الغطرسة». فقد تهكمت صحيفة «إسرائيل هيوم» المقربة من «نتنياهو»، على طاقم معاونين لرئيس الوزراء وعليه شخصيًّا، وعلى المفهوم أو الاسم الجديد الذي ابتدعه للحرب وهو «حرب يوم القيامة»، بدلاً من «السيوف الحديدية»). ومن المؤكد أنَّ ما يعانيه «نتنياهو» من نرجسية قياسية تقف وراء إعجابه الشديد بنفسه واستبداده برأيه بصورةٍ متواصلة حتى في القضايا أو الأمور التي لا تمت إلى طبيعة عمله بأوهى صلة، فاجتماعاته بأعضاء حكومته أو أعضاء مجلس حربه اجتماعات ذات طابع نمطي منعدم الأثر على ما يصادقون عليه -شكليًّا- من قرارات يكون «نتنياهو» قد حسم أمره فيها قبل طرحها أمامهم بيومٍ أو أكثر، فقرار اجتياح مدينة غزة الذي طرح أمام حكومة الحرب للمناقشة والمصادقة في ال7 من أغسطس الراهن لم يطرح إلَّا بعد إقراره من «نتنياهو» بصورة فردية ومسبقة، وليس أدلّ على ذلك من أنَّ تحذير رئيس الأركان «إيال زمير» الذي حظيت مناهضته لقرار الاجتياح بتأييد كبير بقي عديم التأثير. جنون العظمة وخطورة مهامه المتوهمة كما عرف عن الليكودي المتطرف «بنيامين نتنياهو» إصابته ب«جنون العظمة» الذي يشعره دائمًا -بسبب «أناه» المتضخمة- بأنه أهم شخصية ملهمة، وحول هذا الموضوع نشرت صحيفة «معاريف» العبرية -بحسب ما استهل به موقع «عربي21» تقريره التحليلي المعنون ["نرجسي وأناني".. مستشار الاستخبارات الإسرائيلية يحلل شخصية نتنياهو] الذي نشر في ال2 من يونيو الماضي- (تحليلًا ل«جروزبيرد» أخصائي علم النفس السريري والمستشار السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي عن شخصية رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» وصفه فيه ب"النرجسي"وبأنه "يضع مصلحته في المقام الأول"وأنه -بفعل «اناه» المتضخمة- "مصاب بجنون العظمة"). ونيجتة لإصابته بهذه الحالة النفسية يتوهم أنَّ أقواله وأفعاله تتصدر المراتب القياسية، وأنَّ تبييته النية بإعادة احتلال «قطاع غزة» -بعد عام من وقوع القطاع تحت جحيم هجومه- هي عين الحكمة، وأنَّ معارضيه مجرد شخصيات فاشلة أو منحطة الهمة يجدر به التخلص منها حتى لا تعيق تنفيذه المهمة، وذلك ما يمكن أن يُفهم من استهلال الخبر الصحفي التفصيلي المعنون [والا: "جنون العظمة"يقود نتنياهو لإعادة الاستيطان في غزة] الذي نشره «الجزيرة نت» في ال29 من نوفمبر الماضي الاستهلال التالي: (ذكر موقع "والا"الإسرائيلي أنَّ "جنون العظمة"يقود رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» وائتلافه لدفع رئيسي أركان الجيش وجهاز الأمن الداخلي {الشاباك} للاستقالة وإلغاء الانفصال عن «قطاع غزة». وكان «نتنياهو» صعّد من حدة خطابه ضد مسؤولين أمنيين وسط تقارير صحفية تتحدث عن نيته إقالة رئيس جهاز الشاباك «رونين بار»). وقد بلغ ب«نتنياهو» ما يهيمن على تفكيره من «جنون العظمة» أن ينيط بشخصيته -التي يعدها شخصية ملهمة- تصحيح أخطاء من سبقه من القادة واختطاط مسار التفوق لمن سيأتون بعده، وذلك ما أوجزه الكاتب ««عريب الرنتاوي» في سياق مقاله التساؤلي المعنون [على ماذا يتكئ نتنياهو في سعيه لتجسيد حلم إسرائيل الكبرى؟] الذي نشره موقع «وطنا اليوم» الإخباري في منتصف أغسطس الحالي بما يلي: (لا ينتمي «نتنياهو» لمدرسة «جابوتنسكي» التصحيحية التي كان والده أحد تلاميذها النجباء فحسب، بل ويعتقد جازمًا أنَّ مكانته تفوق مكانة الآباء المؤسسين لهذا الكيان اللعين، كيف لا، وقد سجّل رقمًا قياسيًّا في سدة الحكم لم يحظ به «بن غوريون» ولا «مناحيم بيغين» ولا غيرهما من المسؤولين، فقد بعثته العناية الإلهية-بحسب توهمه- لتصحيح خطأ «بن غوريون» بالإبقاء على فلسطينيي 48′′، وتصحيح خطأ «رابين» لإبرامه «أوسلو» وقبوله فكرة تقاسم يهودا والسامرة، وتصحيح خطأ «شارون» لانسحابه من «قطاع غزة»، كل ما فعله «نتنياهو» إبّان حكوماته المتعاقبة منذ أواسط التسعينات وحتى يومنا هذا، إنما يندرج في إطار هذه الورشة التصحيحية).