«قفزت أسعار عنصرين من عناصر المعادن النادرة المستخدمة في صناعة المغناطيس فائق القوة إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، بعدما أوقفت شركة التعدين الأميركية "MP Materials" صادرات المواد الخام إلى الصين، أكبر منتج للمغناطيس في العالم، وسط تنامي الطلب. وتسيطر الصين على سلاسل الإمداد العالمية للمعادن النادرة، إذ تستحوذ على نحو 90% من قدرات التكرير وقرابة 70% من الإنتاج العالمي، فيما تسعى الولاياتالمتحدة لمواجهة هذه الهيمنة، حيث وقّعت في يوليو تموز الماضي اتفاقاً مع أكبر منتجيها، شركة MP، لتكرير إنتاجها محلياً.» «ذكرت شركة الاستشارات "أداماس" أنّ شحنات شركة "MP" خلال الأعوام الثلاثة الماضية كانت تغطي ما بين 7% و9% من إنتاج الصين من أكسيد العناصر النادرة النيوديميوم والبراسيوديميوم (NdPr)، وهي مواد أساسية في صناعة المغناطيس المستخدم في تشغيل السيارات الكهربائية والتوربينات الهوائية والمعدات الدفاعية. وقال رايان كاستيلو، المدير العام ل"أداماس" لرويترز: «شحنات MP كانت تمثل جزءاً مهماً من إمدادات أكسيد NdPr لمصانع الصين، ما خلّف فراغاً كبيراً بعد توقفها». وارتفع سعر أكسيد NdPr في السوق الصينية، الذي يُعد مؤشراً مرجعياً، إلى 632 ألف يوان للطن المتري (ما يعادل 88 دولاراً للكيلوغرام)، وهو المستوى الأقوى منذ مارس آذار 2023، مقارنةً ب63 دولاراً في 9 يوليو تموز الماضي. هذا الارتفاع بنسبة 40% بعد سنوات من الضعف يعزز آفاق مشروعات التعدين الساعية إلى جذب استثمارات خارج الصين، في وقت يسعى الغرب إلى تقليل اعتماده على بكين.» «ازدادت الحاجة الملحّة لدى الغرب لتعزيز إنتاجه من المعادن النادرة بعد أن فرضت الصين في أبريل نيسان قيوداً على صادراتها وسط حرب تجارية مع الولاياتالمتحدة، ما دفع بعض مصانع السيارات إلى الإغلاق. الرسوم الجمركية المرتفعة وفي الشهر الماضي، أعلنت الحكومة الأميركية عن اتفاق تاريخي مع شركة "MP" يقضي بوقف شحناتها إلى الصين، مقابل تقديم دعم سعري لإنتاجها من النيوديميوم والبراسيوديميوم (NdPr) على أساس 110 دولارات للكيلوغرام، أي نحو ضعف السعر الصيني آنذاك. وكانت "MP" قد أوقفت شحناتها إلى الصين في أبريل نيسان بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة، إلا أن أي نقص في السوق جرى امتصاصه بفعل تراجع الطلب على المغناطيس نتيجة القيود الصينية على التصدير، وفقاً لمحللين. وأشاروا إلى أن صادرات الولاياتالمتحدة من خامات المعادن النادرة إلى الصين تراجعت في مايو أيار لتصل إلى الصفر في يونيو حزيران، قبل أن تقفز مجدداً الشهر الماضي على الأرجح بسبب الشحنات الأخيرة من "MP". في المقابل، تعافت صادرات الصين من المغناطيسات النادرة لتسجل في يوليو تموز أعلى مستوى لها في ستة أشهر، بعدما خففت بكين قيودها على التصدير في أعقاب سلسلة من الاتفاقات مع الولاياتالمتحدة وأوروبا.» «شهدت أسعار النيوديميوم والبراسيوديميوم (NdPr) ضغوطاً في السنوات الأخيرة بسبب وفرة المعروض، إذ هبطت في مارس آذار من العام الماضي إلى 345 ألف يوان للطن المتري، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر تشرين الثاني 2020. غير أنّ ارتفاعها الأخير جاء مدفوعاً أيضاً بانتعاش الطلب. وقالت نيها موكيرجي، مديرة أبحاث المعادن النادرة لدى مؤسسة "Benchmark Mineral Intelligence"، إن «الصين تمر حالياً بذروة موسمها التصنيعي للسيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والإلكترونيات الاستهلاكية، وهو ما زاد من الضغط على إمدادات NdPr المتاحة». أسعار المعادن النادرة ورغم أن العديد من أسعار المعادن النادرة عانت من ضعف لسنوات بسبب فائض الإنتاج من الصين، أكبر منتج عالمي، فإنّ الدعم الأخير للأسعار جاء أيضاً من حالة عدم اليقين بشأن حصص التعدين والصهر التي أعلنتها بكين هذا العام من دون بيان عام كما جرت العادة. وقال رايان كاستيلو، المدير في شركة "Adamas"، إن بعض الأطراف قد تتوقع خفضاً في تلك الحصص، مضيفاً أنه يتوقع زيادة متواضعة بنحو 5% في الإنتاج الصيني هذا العام، مقابل نمو في الطلب يقارب 10%. أما استمرار موجة الصعود فسيتوقف جزئياً على طلب مصنّعي المغناطيس وقدرتهم على تحمّل الأسعار الأعلى، بحسب إيلي ساكلاتڤالا، رئيسة تسعير المعادن في "Argus"، التي أوضحت أنّ «منتجي منتجات NdPr مرتاحون لرؤية الأسعار ترتفع أخيراً فوق مستويات الخسارة، لكن يبقى السؤال ما إذا كان المشترون مثل شركات صناعة المغناطيس يملكون هوامش ربح كافية للاستمرار في دفع هذه التكاليف المرتفعة للمواد الخام».