النائب المقطري يكشف عن توجيهات رئاسية بشأن المقاطرة ومصادر محلية توضح حول تسليم الجبولي    فتنة ديسمبر.السقوط المخزي للعملاء    توقف الشركات النفطية في حضرموت مع انتظار ساعة الصفر لتفجير الأوضاع    صفقة معدات عسكرية أمريكية للسعودية بمليار دولار    الحباري يرفض العودة الى نادي الأهلي    الذهب عند أعلى مستوى في 6 أسابيع والنفط يرتفع 2%    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    تحركات عسكرية واسعة للمنطقة الأولى نحو بن عيفان يرافقها نشاط إخواني سري    المقاومة الجنوبية تعلن التعبئة العامة لتحرير وادي حضرموت    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    قوات الجنوب تتصدى لهجوم إرهابي في عومران وتلاحق القاعدة في جبال مودية    حضرموت.. وساطة محلية توقف القوات المتصارعة على خطوط التماس، وفتيل التوتر ما يزال قابلاً للاشتعال    عيد الجلاء... ذاكرة التحرر ووعد المستقبل    منسقية الأحزاب بحضرموت ترحب بمبادرة التهدئة وتؤكد رفضها لاستقدام قوات من خارج المحافظة    جرح يتنكر    أزمة غاز مفاجئة تضرب عدن    فلسطين تطيح بالعنابي وسوريا تتجاوز تونس في أولى مباريات كأس العرب    تسجيل هزة أرضية في محافظة الحديدة    مأزق أمريكي في اليمن: حين يصبح التفوق التكنولوجي عبئًا استراتيجيًا    لملس و الحريزي يفتتحان مشروع إعادة تأهيل شارع معارض السيارات في الشيخ عثمان    الإمارات في عيدها 54.. اتحاد راسخ ورؤية تنموية رائدة    وقفة قبلية مسلحة في مناخة تأكيدًا للصمود والتمسك بنهج الجهاد    عدن.. لملس يفتتح حزمة مشاريع خدمية وأمنية وحدائق عامة    منحة سعودية ب90 مليون دولار لدعم دولة فلسطين    مليشيا الحوثي تغلق محطة وقود في إب وتواصل استهداف التجار لصالح مشرفيها    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    نسائية حجة تنظم فعاليات بمناسبة ميلاد فاطمة الزهراء    تهريب مئات القطع الأثرية من اليمن خلال شهرين فقط    8 وفيات و12 إصابة بحمى ماربورغ في إثيوبيا    "مارسيلينو" مدرب الشهر في الليغا    ترتيبات لإقامة ورشة عمل حول الاستثمار في قطاع التعدين    حضرموت.. بترومسيلة تعلن إيقاف إنتاج وتكرير النفط نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية    عقب الإخفاقات.. تطورات بشأن مستقبل الونسو مع ريال مدريد    المغرب يستهل كأس العرب بمواجهة غامضة واختبار صعب للكويت والسعودية    لا تخطئوا.. إنها حضرموت    خط ملاحي دولي يستأنف نشاطه إلى ميناء الحديدة    قراءة تحليلية لنص "أسئلة وافتراضات" ل"أحمد سيف حاشد"    "صور".. صقيع يضرب أجزاء من المرتفعات ويلحق أضرارًا بالمحاصيل الزراعية    وفاة زوجة مساعد الرئيس الإيراني وإصابة 4 أفراد من عائلته في حادث مروري    الرئيس الكافر والرئيس المؤمن.. حكاية إيمان على طريقة الملتحين ومتاجرة بالدين    منتخب اليمن للناشئين يتأهل إلى نهائيات كأس آسيا 2026    الليغا ... ريال مدريد يستمر في السقوط    باحث يمني يكشف عن تهريب 200 قطعة أثرية    شؤون وشجون تعليمية..!!    أبو الغيث يؤكد على أهمية تعزيز الدعم الإغاثي في الحديدة    المهندس هلال الجشاري ل" 26 سبتمبر ": قطاع الدواجن حقق قفزة نوعية في الإحلال المحلي    مرض الفشل الكلوي (30)    الرئيس الزُبيدي يُعزّي العميد الركن محمد علي حمود في وفاة والدته    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس تنفيذي الحزب في البيضاء بوفاة شقيقه    رحيل الشيخ المقرمي.. صوت التدبر الذي صاغته العزلة وأحياه القرآن    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    الشاب حميد الرقيمي. من قلب الحرب إلى فضاء الإبداع    إليه.. بدون تحية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    الشيخ المقرمي.. وداعا    الرياضة في الأربعينات: سلاحك ضد الزهايمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب الطاقة الجيوسياسية وبدعة السلام بالقوة
نشر في 26 سبتمبر يوم 15 - 10 - 2025

لم تُخفِ الولايات المتحدة الأمريكية، اهتمامها وتكريس سياساتها وتجنيد دبلوماسييها وقواتها العسكرية في ملفات الصراع على النفط والغاز، على جبهات إنتاجه وخطوط نقله، والتحكم بأسعاره الدولية، وبإقحامه في صميم أجنداتها واستراتيجياتها، وحروبها الجيوسياسية وتحالفاتها وهمينتها، وسعيها للحفاظ على عصرها الأحادي،
ومقاومة رياح التغييرات الدولية وموازين القوى وولادة النظام العالمي الجديد، كذلك لم تُخفِ أهدافها بتقديم نفسها منافساً قوياً لأقوى منتجي الطاقة ومورديها ومستورديها في آنٍ واحد، غير اّبهةٍ بخطورة وقساوة الطريق التي تسلكها عبر الحروب اللا أخلاقية، وعقوبات الرسوم والتعريفات، وإخضاع الحلفاء وإضعاف المنافسين، وبإعلانها استراتيجيةً براغماتية في خدمة "فن الممكن" لإستمرار هيمنتها على العالم ومداواة اقتصادها الجريح .
إستراتيجيةٌ دفعتها لإقحام ملفات النفط والغاز في صُلب سياساتها لشن الحروب ولفرض "سلام القوة العسكرية" كمصطلح بديل عن فرض الإستسلام والإذعان، وإعتبارها ملفات رئيسية في معادلات القوة والنفوذ وبوصلة لسياساتها المستقبلية، من خلال ديناميكية يقودها مقعد الرئاسة الممثل حالياً بالرئيس دونالد ترامب، لزيادة الضغوط على أوروبا، وإجبار الإتحاد الأوروبي للتخلي عن شراء الغاز والنفط الروسيين، والإستعاضة عنهما بالنفط الأمريكي، وبفرض الرسوم الجمركية على الصين والهند، اللتين تواصلان شراء النفط الروسي.
رغم انكسارها وامتعاضها، وافقت بروكسل بحكم ضعفها وتبعيتها، على مطلب ترامب، ووقعت عقود شراء النفط والغاز الطبيعي المُسال الأمريكي بقيمة 250 مليار دولار، في حين أنها تقف مرتبكة خائفة حيال مطلبه بفرض الرسوم الجمركية على الصين والهند بإعتبارهما أكبر شركائها التجاريين، ووجدت نفسها عالقة بين المطرقة والسندان، وعينها على قدرة الإقتصاد الأوروبي على الصمود أمام ارتفاع تكاليف الطاقة من جهة، وردود أفعال وإنتقام العمالقة الاّسيويين من جهة أخرى.
من الواضح أن وقوع بروكسل بصقورها وحمائمها في مصائد ترامب، فسح المجال أمامه لإعلان الشركات الأمريكية كقوة احتكارية قادرة على منافسة الشركات الروسية، بما يخلق نفوذاً أمريكياً إضافياً يساعد ترامب في المفاوضات مع موسكو، ويمنحه الجرأةً للمطالبة بحصته من سلاسل توريد الوقود الروسية إلى الاتحاد الأوروبي، وبفرض نفوذه على خطوط الأنابيب والتحكم بالتدفقات والتعريفات, ناهيك عن المخاوف الأوروبية من قيام ترامب بجر الإتحاد الأوروبي ودوله نحو مواجهة اقتصادية مع الصين تحت شعار معاقبة روسيا, ومن بوابة تقييد المنتجات النفطية التي تعتمدها الهند وتركيا التي تعتمد على مواد الخام الروسية ، وزيادة الرسوم الجمركية على التوريدات الصينية المتجهة نحو أوروبا.
ومؤخراً بدا المشهد واضحاً، عشية استضافة ترامب نظيره التركي في البيت الأبيض، وصمت الأخير أمام تأكيد وتكرار ترامب مواقفه حول ضرورة تخلي أنقرة عن النفط الروسي، وكذلك صمت وزير الطاقة التركي أثناء توقيع شركة بوتاش التركية الحكومية عقود الغاز الطبيعي المسال، ومذكرة التعاون في مجال الطاقة النووية، على الرغم من كون روسيا تعد أكبر الموردين لتركيا، عبر أقصر طرق النقل وأقلها سعراً، وسط احتمالية توقف المصافي التركية، واضطرارها اللجوء إلى موردين آخرين.
لا يمكن تصور مدى خطورة رغبات ومطالب ترامب وضغوطه وحربه لأجل وقف إعتماد الدول على الطاقة الروسية، ولا يقتصر الأمر على أعداء واشنطن وحلفاء روسيا، فالضرر يطال كافة دول العالم، حتى من يعتقدون أنفسهم شركاء وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، إذ لم يلق مسعى ترامب دعم وموافقة اليابان والكوريتين، وسلوفاكيا والمجر وعشرات الدول الأوروبية وغيرها، وبات الكثيرون يأملون بأن تكون تهديدات ترامب موقفاً تفاوضياً، لا ينزلق نحو التنفيذ عبر شن الحروب العسكرية.
لا يمكن لدول العالم المتضرر الإعتماد على الحلول والمواقف التي يتخذها الإتحاد الأوروبي وقادته الفاسدون، خصوصاً بعد اللقاء الأخير بين ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية، التي خرجت لتعلن تسريع التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري الروسي وعن حزمة عقوباتٍ جديدة عليها.
باتت مواقف الإتحاد الأوروبي والدول الخانعة، تثير قلق الأوروبيين وغير شعوب، وتدفعهم للسؤال عن مصالح الإتحاد الأوروبي وتلك الدول التي تنصاع إلى مطالب ترامب، وماذا خطوط وأنابيب التوريد، والبنى التحتية والموانئ التي بُنيت على مدى عقود بأموال واّمال الشعوب الساعية وراء الاستقرار والعيش الكريم ودفء الشتاء، وهل يُقنعها بؤسٌ وجوع وفقر، لأجل صراعاتٍ إيديولوجية، وجيوسياسية، ومن يفوز بجائزة نوبل للسلام عبر الحروب وسفك الدماء.
في حين لا تزال وزارة الحرب الأميركية تدعو دول حلف شمال الأطلسي لشراء المزيد من الأسلحة الأميركية لدعم أوكرانيا، بغية التوصل إلى حل سلمي للصراع مع روسيا، على وقع تصريحات وزير الحرب الأميركي بيت هيجسيث: تعلمنا من ترامب "ضرورة التطبيق الفعال للسلام من خلال القوة".
لم يعد مقبولاً إعتماد الصراعات الدولية، وحروب تغيير شكل النظام العالمي، والتلاعب بأسعار الطاقة، وتكاليف الإنتاج، وضخامة الميزانيات العسكرية، على حساب حياة البشر، لصالح خياراتٍ أصبحت تعتمدها الدول المحاربة استراتيجيةً ثابتة تختبئ وراء كافة أشكال الصراع، وتقود العالم من حيث يدري أو لا يدري، إلى حيث يجد نفسه مضطراً لسماع أصوات المدافع والإحتماء من قصف الطائرات، وتحمّل جدية التهديدات النووية، من أجل أطماع الدول وهيمنتها على حياة البشر والشعوب والدول، وسَوق أولادهم نحو الحروب والموت وأقله نحو التهجير وترك البيوت، والعودة إلى حطب الأشجار وفتيل السراج.
لا بد للولايات المتحدة والدول الهائجة من تبريد رؤوسها الحامية، والتوقف عن تصدير بدعة ترامب "السلام بالقوة"، والبحث عن الحلول العقلانية، وتوظيفها لصالح "فن الممكن"، واستبدال مصطلحات حروب الطاقة الجيوسياسية بمصطلحات تضمن حماية حقوق الشعوب بثرواتها، في عالمٍ يسوده الأمن والإستقرار والسلام، وكل ما يضمن احترام حياة وكرامة البشر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.