تصويب: رقم الحلقة السابقة من هذا البحث (54) وليس (58) كما كُتب، ولذا لزم التصويب. قالت قيادة المؤتمر والاشتراكي إنهم سيعملون بالأفضل من تجربة الشطرين، لكنهم عملوا بالأسوأ. مخلوقات الخونج كانوا ضد الوحدة اليمنية. آلية الجمهورية العربية اليمنية، وهي الآلية العوجاء، كانت وما زالت السائدة في ظل دولة الوحدة. من أطروحات الحزب الاشتراكي اليمني الصائبة عدم حمل السلاح وإخراج المعسكرات من العاصمة صنعاء، لكن المؤتمر رفضها. بعد تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو الأغر من عام 1990م، أوعدت قيادات كبيرة ومتوسطة من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي، وقالوا بما معناه: سيتم العمل بالأفضل مما كان سائدًا في الشطرين. هكذا وعدوا، لكن السنوات اللاحقة أثبتت أنهم عملوا بالأسوأ، وكان الخونجة يعاندون الاشتراكي. الخونجة كانوا ضد الوحدة اليمنية قبل تحقيقها، وأثناء إجراءات تحقيقها، وبعد تحقيقها. مجموعات كبيرة من مخلوقات الخونجيين بشكل عام، وعبدالمجيد الزنداني وعبدالله صعتر بشكل خاص، أزعجوا الناس بأشرطة الكاسيت حينذاك، وقالوا ما معناه: «إن الوحدة مع النظام الشيوعي في الجنوب مخاطرة غير محسوبة النتائج». هكذا قال مخلوقات الخونج، لكن في الواقع إن النظام في جنوب الوطن قبل الوحدة لا هو شيوعي ولا هو اشتراكي، وإنما هو «ذو توجه اشتراكي»، وإخوان اليمن مبالغون أو مفتَرون في توصيفهم، أو بالأصح ارتكبوا الغلو في الدين، والغلو في الدين حرام. الخونج استخدموا سلاح شرائط الكاسيت ومحاضرات المساجد في طرح مبررات واهية حول وجهات نظرهم في قضية الوحدة وغيرها من القضايا الكبيرة، وأطروحاتهم غلط في غلط، ولكنهم لا يدركون. وكانت أحيانًا تحصل مناظرات تلفزيونية بين أعضاء قياديين من حزبنا الاشتراكي اليمني وقياديين من الخونج قبل تأسيس حزب الإصلاح عام 1991م وما بعده. وكان يمثل الاشتراكي في المناظرات المتلفزة وغير المتلفزة عناصر قيادية مثقفة من عيار جار الله عمر، والدكتور سيف صائل خالد، ومحمد غالب أحمد وغيرهم. كانوا يتركون المجال للقياديين الخونج ليقولوا رأيهم، وهو رأي هش، وكلماتهم ركيكة المعنى، مجزأة الحرف، وكان رفاقنا يردون عليهم بالتي هي أحسن، والخونج يكررون التبريرات الواهية، ورفاقنا الاشتراكيون يقولون لهم بما معناه: «تأدّموا وقولوا قولًا سديدًا». الأحزاب والصحف من شروط الوحدة التي طرحها الحزب الاشتراكي الديمقراطية والسماح بالتعددية، ومن الطبيعي لا حزبية بدون ديمقراطية، ولا ديمقراطية إلا بحرية الرأي، وما حرية الرأي إلا بمنابر إعلامية، وعلى رأسها الصحافة. وكان من المتوقع، أو بالأصح كان من المفروض، أن يكون عدد الأحزاب بالكثير ستة أحزاب، وهي على النحو التالي: 1- الحزب اليساري 2- الحزب الوسطي 3- الحزب اليميني 4- حزب وسط اليسار 5- حزب وسط اليمين 6- حزب الخضر وهذه الأحزاب الستة، حسب ما ذُكر في المادة السابقة، تُعرف – بضم التاء – بالتسديس السياسي، وهذا العدد كحد أقصى يوجد في الدول المتقدمة العريقة في مجال الديمقراطية. أما نحن في اليمن، فكان مفروضًا أن نكتفي بثلاثة أحزاب، وهي كالتالي: 1- الحزب اليساري، وتنضوي إليه المكونات القريبة منه 2- الحزب الوسطي، وتنضوي إليه المكونات القريبة منه 3- الحزب اليميني، وتنضوي إليه المكونات القريبة منه لكن الذي حصل في أول تجربة من الديمقراطية والتعددية الحزبية كان فوضى وارتجالية، وسلبيات أكثر من الإيجابيات، ووصل عدد الأحزاب إلى 40 حزبًا، وكل حزب معه صحيفة ناطقة بلسانه، كما أن عدد الصحف وصل إلى 56 صحيفة: أهلية وحزبية ورسمية، وهات يا بي هات. وبرزت بين حزبي شركاء الوحدة، الاشتراكي والمؤتمر، عدة اختلافات تحولت إلى خلافات في مسائل عدة، من أبرزها السلاح. قال الاشتراكي: ضروري منع حمل السلاح لغير الجيش والأمن. وقال المؤتمر: لا يمكن، فالسلاح عادة اليمني وهيبته. وهذا الطرح من قبل المؤتمر مبرر واهٍ. وقال الاشتراكي: ضروري إخراج المعسكرات من العاصمة صنعاء، ورفض المؤتمر ذلك تحت مبررات واهية. كثير من الأطروحات الصائبة كان الاشتراكي يتبناها، والمؤتمر يرفضها لأسباب واهية. كما أن أحد كوابح التناغم والانسجام بين قيادة الشطرين السابقة، والتي كانت قيادة نظامين من جهة، والعوام من جهة أخرى، هو النظام الإداري الروتيني الممل الذي عملوا به، وهو آلية الجمهورية العربية اليمنية. وكان من المفروض أن يعملوا بالنظام الإداري الذي كان سائدًا في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، فقد كان نظامًا إداريًا إنجليزي الصياغة سليمًا، لكنهم عملوا بالأمور العوجاء، فأوجدت نتائج أعوج، ومع مرور السنين وُجدت أوضاع أكثر اعوجاجًا تنامت وأوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم من فوضى إدارية وعجز مالي.