مراجعة وتحليل لكتاب يُسلط الضوء على مخططات الهيمنة الإقليمية..يُعد هذا الكتاب من الأعمال التحليلية الهامة للمؤلف العميد القاضي الدكتور حسن حسين محمد الرصابي، (المعروف بإنتاجه الواسع في الفكر والقانون، ونائب رئيس لجنة توحيد الخطاب الديني في الجمهورية و يقدم الرصابي في هذا العمل تفكيكًا معمقًا للتحديات الجيوسياسية الراهنة التي تواجه المنطقة العربية، وعلى رأسها اليمن. الكتاب في سطور: يتكون الكتاب من 487 صفحةً موزعة على تسعة أبواب، ويقدم إطاراً تحليلياً متعمقاً للإجابة على التساؤل المؤلم: "ماذا نقول لأجدادنا؟". فالصراعات التي تشهدها المنطقة ليست أحداثًا عشوائية، بل هي نتاج مخططات كبرى تعمل على تفكيك دول المنطقة وفي مقدمتها اليمن. محاور الكتاب الأساسية: * تفكيك مشروع الشرق الأوسط القائم: يتناول الكتاب تفاصيل مشروع "الشرق الأوسط الجديد" مُسلطاً الضوء على أبعاده الخفية التي تتجاوز التغييرات السياسية المعلنة، وكيف يهدف هذا المشروع إلى إعادة صياغة الخرائط والكيانات القائمة وفق مصالح إقليمية ودولية. * الأجندة الصهيونية ودورها المحوري: يركز المؤلف على تحليل الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها من خلال إشعال الصراعات الداخلية وتفتيت الدول، بما يخدم مصلحتها في الهيمنة الإقليمية وتأمين حدودها الجيوسياسية. * اليمن في بؤرة الاستهداف: يربط المؤلف، بصفته شاهدًا وخبيرًا، هذه الأجندات بما تتعرض له اليمن تحديداً من مؤامرات ومن حروب وصراعات، مُشيرًا إلى أن ما يحدث في البلاد هو جزء من مخطط إقليمي أوسع يهدف إلى إضعاف الدولة المركزية وتقسيم النفوذ فيها. * رؤية الرد والمواجهة: يقدم الكتاب رؤية واضحة لكيفية مواجهة هذه المخططات، مؤكدًا على أن الرد يبدأ بتعزيز الوحدة الوطنية وتوحيد الخطاب لمواجهة الأطماع الخارجية، وهو ما ينسجم مع دوره القيادي وتجربته الثرية في لجنة توحيد الخطاب الديني في الجمهورية وشعبة التوجيه والإرشاد بدائرة التوجيه المعنوي. إضاءة تاريخية: التحدي من سد مأرب إلى الدولة الحديثة يختتم الكتاب برسالة قوية تربط الماضي المجيد بالحاضر العصيب، محفزًا الأحفاد على استعادة إرث الأجداد؛ فإرث اليمنيين القدامى لم يكن مجرد صمود عسكري، بل كان إرث دولة مركزية قوية وموحدة منذ آلاف السنين، شهدت حقبة ازدهار قل نظيرها (ممالك سبأ، معين، حمير..). هذا المجد تمثل في أوجه عدة: * الريادة الاقتصادية والعالمية: من خلال السيطرة المُحكمة على طرق التجارة العالمية القديمة (تجارة البخور والتوابل)، مما جعل اليمن قبلة للقوافل ومركزًا للثراء. * العبقرية الهندسية والإدارية و الاهتمام بالزراعة وبنا السدود المتمثلة في بناء سد مأرب العظيم، الذي لم يكن مجرد بناء ضخم، بل يمثل قمة في إدارة الموارد والتخطيط الاستراتيجي في تلك الحقب التاريخية. * السيادة المعرفية والثقافية: عبر ابتكار الخط المسند، الذي يُعد أساسًا للكثير من الأبجديات السامية. إن التحدي الذي يطرحه الرصابي في خاتمة كتابه على الأحفاد اليوم هو: استعادة مشروع الدولة القوية والموحدة ذات السيادة، والتصدي للمشاريع الساعية لتفتيتها، بما يليق بإرثها الحضاري الضارب في عمق التاريخ.