كشفت وكالة "رويترز" في تحقيق موسع أن السجون ومراكز الاحتجاز في سوريا، التي كانت تضم عشرات الآلاف من المعتقلين خلال حكم النظام السابق، باتت اليوم مكتظة بسوريين تحتجزهم قوات الأمن التابعة للإدارة السورية الجديدة دون توجيه تهم رسمية، في مشهد يعيد إلى الأذهان ممارسات الحقبة السابقة. وبحسب التحقيق، فإن موجات الاعتقالات بدأت مباشرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث وقعت أعداد كبيرة من المجندين وضباط الجيش في قبضة الفصائل المعارضة، لتتبعها لاحقًا حملات اعتقال واسعة استهدفت أبناء الطائفة العلوية، ثم الأقلية الدرزية في الجنوب، إضافة إلى اعتقالات أخرى طالت مختلف الطوائف بذريعة الحفاظ على الأمن. وأوضحت "رويترز" أنها جمعت أسماء ما لا يقل عن 829 شخصًا اعتُقلوا لأسباب أمنية منذ سقوط الأسد، استنادًا إلى مقابلات مع محتجزين سابقين وأسر معتقلين، مشيرة إلى أن العدد الحقيقي أكبر بكثير بالنظر إلى شهادات عن الاكتظاظ في السجون. كما وثقت الوكالة حالات وفاة داخل مراكز الاحتجاز، بعضها لم يُعلن عنه رسميًا، إلى جانب شهادات عن التعذيب والابتزاز المالي مقابل الإفراج عن المعتقلين. التحقيق أشار إلى أن 28 سجنًا ومركز احتجاز من عهد الأسد أعيد تشغيلها خلال العام الماضي، رغم تعهد الشرع في ديسمبر 2024 بإغلاق "السجون سيئة السمعة". من جانبها، ردت وزارة الإعلام السورية بأن عمليات الاعتقال وإعادة فتح بعض مراكز الاحتجاز تأتي في إطار تقديم المتورطين في جرائم وانتهاكات خلال عهد الأسد إلى العدالة، مؤكدة أن عدد المفرج عنهم خلال العام الماضي يفوق عدد المحتجزين حاليًا، دون تقديم أرقام دقيقة. وتحدث معتقلون سابقون وعائلات محتجزين حاليين عن ظروف غير إنسانية داخل السجون، من اكتظاظ شديد ونقص في الغذاء وانتشار الأمراض الجلدية، مؤكدين أن سوء المعاملة والإهمال ما زالا متفشيين في مراكز الاحتجاز.