اعلن ضابط عراقي كبير الاثنين ان القوات البريطانية انسحبت من اخر مواقعها في البصرة بجنوب العراق وسلمت المسؤولية الامنية في القصور الرئاسية التي كانت تشغلها بوسط المدينة الى الجيش العراقي. وقال الفريق الركن موحان فهد الفريجي قائد عمليات البصرة ان "القوات البريطانية انسحبت عند الساعة 00،23 بالتوقيت المحلي (00،19 تغ) من مساء الاحد من القصور الرئاسية في منطقة البراضعية وسط مدينة البصرة". واضاف ان "الجيش العراقي استلم مسؤولية حماية القصور واعتبرت المنطقة الان منطقة عسكرية يحظر الاقتراب منها الا من المخولين لحين صدور اوامر من رئاسة الوزراء حول مصيرها". نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية تحت عنوان البريطانيون يغادرون آخر قاعدة متبقية في البصرة"، يقول كيم سينجوبتا إن انسحاب القوات البريطانية من آخر قاعدة داخل جدران مدينة البصرة هو مؤشر على رغبة بريطانيا في فك ارتباطها بكل ما تعلق بالنزاع القائم هناك. كما يسلط الضوء على تزايد الخلافات بين واشنطن ولندن بشأن العراق ولا سيما أن الأميركيين يقولون إن هذه الخطوة ستؤدي إلى الإخلال بالأمن بشكل كبير، وكذلك ستعرض خط إمداداتهم القادمة من الكويت إلى الخطر. ويقول الكاتب إن الإدارة الأميركية تنظر إلى قرار بريطانيا مقاومة ضغوطها المتزايدة على أنه مؤشر على الرغبة العارمة التي تحدو جوردن براون في فك ارتباط حكومته بالمأزق العراقي. ويضيف سينجوبتا أن الجنود البريطانيين المتمركزين في قصر البصرة كانوا في الواقع يعيشون تحت حصار حقيقي في ظل تعرض القصر باستمرار إلى هجمات بالصواريخ وقذائف الهاون، وهم يدربون القوات العراقية على تولي المهام الأمنية في المدينة. نهاية مخزية الصحافي باتريك كوكبورن يقول في تقرير بعنوان " نهاية مخزية لعملية عسكرية أودت بحياة 168 بريطانيا" إن انسحاب القوات البريطانية من قصر البصرة قبيل انسحابها المتوقع من المدينة في أوائل الشهر المقبل على أقرب تقدير يمثل بداية نهاية إحدى المهمات العسكرية الأكثر فشلا في تاريخ الجيش البريطاني. ويتابع قائلا إن البريطانيين كما يبدو سيسلمون الملف الأمني في البصرة إلى قوات الأمن العراقية لكن في الواقع فإن سيطرتهم على البصرة ضعيفة كما أن المليشيات الشيعية تسيطر على قوات الأمن العراقية سيطرة واضحة. ويضيف أن الفشل البريطاني بات شبه كلي بعد أربع سنوات من الجهود ومقتل 168 جنديا بريطانيا. ويمضي قائلا نقلا عن تقرير لمجموعة الأزمات الدولية في بروكسيل "إن سكان البصرة ورجال المليشيا لا ينظرون إلى هذا الانسحاب على أنه انسحاب منظم وإنما على أنه فشل مخز. فالمدينة اليوم خاضعة لسيطرة المليشيا والتي يبدو أنها صارت أكثر قوة وانفلاتا مقارنة بما كان عليه وضعها فيما مضى." الانسحاب يحظى بشعبية سياسية ويخاطر بإغضاب اميركا ويمثل هذا الانسحاب خطوة نحو تسليم السيطرة الأمنية بمحافظة البصرة للقوات العراقية بحلول نهاية العام وتمهيد الطريق امام انسحاب القوات البريطانية من العراق في نهاية المطاف. ويدرك براون الذي خلف توني بلير كرئيس للوزراء في يونيو حزيران ان حرب العراق عائق انتخابي لحزب العمال الحاكم وانها اسهمت في استقالة بلير المبكرة. وتتزايد التكهنات باحتمال ان يدعو براون الى انتخابات عامة هذا العام او العام التالي ويعتقد معلقون سياسيون كثيرون انه يريد سحب القوات البريطانية من العراق او على الاقل تقليص التدخل البريطاني قبل دخوله الانتخابات . ويتعرض براون لضغوط من حزب الاحرار الديمقراطيين وهو ثاني اكبر احزاب المعارضة في بريطانيا لتحديد جدول زمني لمغادرة العراق في الوقت الذي تشكك اجهزة الاعلام البريطانية على نحو متزايد في الجدوى من صراع اودى بحياة 168 جنديا بريطانيا. ويعترف ضباط الجيش بأن الجيش البريطاني الذي لديه سبعة آلاف جندي آخرين في افغانستان قد استخدم كل طاقاته. ويأتي الانسحاب من البصرة في الوقت الذي يناضل فيه الرئيس جورج بوش لاقناع الاميركيين بأن زيادة عدد القوات الامريكية الى 160 الف جندي ساعد على اخماد العنف. ويأتي ايضا وسط تبادل اتهامات على نحو متزايد بين الجنرالات الاميركيين والبريطانيين السابقين بشأن حرب العراق. ونشر وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان مقالا افتتاحيا في صحيفة اميركية الاسبوع الماضي دافع فيه عن دور بريطانيا في مواجهة اشارات في وسائل الاعلام الامريكية بان القوات البريطانية اخفقت في البصرة وتستعد للهروب. ونقل عن جنرالين بريطانيين متقاعدين انتقادهما بشدة في مطلع الاسبوع واشنطن ولاسيما وزير الدفاع الامريكي السابق دونالد رامسفيلد لافتقارها التخطيط لما بعد الغزو. ومن المتوقع مبدئيا على الاقل ان يتم سحب الخمسمائة جندي بريطاني الى مطار البصرة حيث يوجد لبريطانيا خمسة آلاف جندي. ولكن مينزيس كامبيل زعيم الاحرار الديمقراطيين ابلغ البي بي سي انه يتوقع ان يبلغ براون البرلمان في اكتوبر تشرين الاول انه تم تقليص 500 جندي من القوة البريطانية في العراق . وقال تيم ريبلي وهو محلل دفاعي في دورية جينز العسكرية ان الانسحاب من قصر البصرة ادى الى "موقف اكثر ايجابية من الناحية التكتيكية" للقوات البريطانية من خلال تقليص تعرضها للهجوم في المدينة. واضاف"لكنه يوسع الهوة في موقفنا..عن موقف حلفائنا الامريكيين الذين يواصلون عملياتهم لزيادة القوات. ويعتقد محللون عسكريون ان القوات البريطانية ستبقى في مطار البصرة خلال المستقبل المنظور لانها تلعب دورا مهما في حماية خطط امدادات الاميركيين . وقال ريبلي "قضية هذا الانسحاب من القاعدة الجوية قرار سياسي واستراتيجي مفعم جدا سيؤثر على علاقات بريطانيا مع الولاياتالمتحدة على مستوى عال جدا. انه ليس قرار يؤخذ باستخفاف." الأممالمتحدة تجاهد لمساعدة العراقيين وفي الشأن العراقي، يقول مراسل صحيفة الديلي تلغراف في دمشق، داميان ماك إلروي، في مقال بعنوان "الأممالمتحدة تسعى لمساعدة العراقيين من الطبقة المتوسطة الذين فروا إلى سورية" إن الأممالمتحدة تحاول جاهدة مساعدة مئات الآلاف من العراقيين، الذين فروا إلى سورية هربا من جحيم العنف في العراق، على المحافظة على مستوى معيشي لائق بصفتهم لاجئين في سورية. وينقل المراسل عن ناطق باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة قوله "لسنا مجهزين بما فيه الكفاية لمساعدة لاجئين من الطبقة المتوسطة. عندنا الخيام والمعدات الطبية للطوارئ، لكن ماذا يمكن أن نقدم لأشخاص لا يريدون أن يعيشوا في الخيام أو الوقوف في طوابير من أجل الحصول على الطعام؟" ويضيف المراسل أن نحو 1.4 مليون عراقي فروا إلى سورية منذ غزو العراق عام 2003، وتقريبا أجبروا كلهم على ترك منازلهم بسبب العنف الطائفي. ويتابع أن معظمهم من الطبقة المتوسطة وتلقوا تعليما راقيا وكانوا يدخرون بعض المال ساعدهم على الذهاب إلى سورية.