وجه رئيس الجمهورية النمساوي الدكتور (هاينز فيشر) انتقاداً لاذعاً لمرشحة حزب الأحرار اليمني المتطرف (سوزانه فينتر) في ولاية شتاير مارك الجنوبية بسبب تهجمها غير المبرر على الإسلام والرسول الكريم خلال حفل انتخابي يوم الأحد الماضي 13/1/2008. وقال الرئيس فيشر في كلمة ألقاها قبل ظهر اليوم الثلاثاء 15/1/2008 خلال حفل استقبال رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى النمسا الذي يقيمه كل عام بمناسبة حلول العام الجديد " إن إطلاق تصريحات ضد الإسلام خلال الأيام القليلة الماضية في إطار الحملات الانتخابية المحلية في النمسا تظل غير مقبولة على الإطلاق ونستهجنها بشدة". ومضى الرئيس النمساوي يقول " إن هذه التصريحات لا تمثل صوت النمسا الحقيقي ونحن ننأى بأنفسنا عنها، فالنمسا تظل ملتزمة وبقناعة تامة بنهجها القائم على الحوار السلمي والاحترام للثقافات والأديان، حيث تساهم وبنشاط في الجهود المتواصلة من أجل تحقيق السلام والتفاهم في العلاقات الدولية ". أما المستشار الاشتراكي النمساوي (الفريد غوزينباور) فانتقد هو الآخر بشدة هذه التصريحات العنصرية واعتبرها في مقابلة مع جريدة ( النمسا) في عددها الصادر اليوم الثلاثاءغير مقبولة، مشيراً إلى أنها تفتقد إلى الأسس التاريخية ويتعين إدانتها بأقسى العبارات. ومضى المستشار يقول " لقد كان الغرض من وراء هذه التصريحات الإساءة إلى دين معترف به رسمياً داخل النمسا وتوجيه الإهانة لحالة التسامح الديني التي تعيشها النمسا، إن لكل فرد حق ممارسة شعائره الدينية بحرية ولن نسمح لأحد بالإساءة لإتباع ديانة معينة ". أما نائب المستشار وزعيم حزب الشعب المشارك في الأئتلاف الحكومي (فيلهلم مولتيرر) فكان له رأي مماثل حيث قال " يجب التصدي لهذه المجموعة (حزب الأحرار اليميني)، ونحن من جانبنا لن ندخل في أي ائتلاف حكومي معها، فضلاً عن كون هذه التصريحات لا تمت إلى الحقيقة بصلة". في حين اتهمت وزيرة الخارجية السيدة أرزولا بلاسنيك (من حزب الشعب) مرشحة حزب الأحرار اليمني المتطرف (سوزانه فينتر) بأنها تعمدت تحقيق الإثارة والتحريض عندما أطلقت تصريحاتها ضد الإسلام. وأدانت وزيرة الخارجية النمساوية في بيان وزع على موقع الخارجية في فيينا على الانترنت بشدة ما تفوهت به السيدة (سوزانه فينتر) و حذرتها بأنها " تجاوزت كل الحدود " وعليها تحمل مسؤولياتها. وأكدت قائلة" لن نسمح على الإطلاق بتوجيه اتهامات سخيفة وضارة من تحت الطاولة لغرض تحقيق مكاسب انتخابية ". وخاطبت وزيرة الخارجية النمساوية هذه السيدة العنصرية بالقول " يجب أن لا يغيب عن الأذهان وجود أكثر من 350 ألف مواطن مسلم يعيشون بيننا، وأن الإسلام أصبح جزء من حياتنا اليومية المتنوعة، ولن يسمح بإثارة واستفزاز الجالية المسلمة في البلاد والتعرض لها بشكل مخطط له ومفضوح". ومضت الوزيرة قائلة " إنني على ثقة تامة بأن النمساويين لهم من الوعي والإدراك ما يجعلهم يدينون مثل هذه الإثارة، ويميزون بين الحوار النقدي من ناحية والتهجمات المسيئة للمشاعر الدينية لمواطنينا من ناحية أخرى، وبالتالي فإنهم لن يخضعوا للابتزاز السياسي ولن تنطلي عليهم الألاعيب السياسية التي يمارسها بعض السياسيين". وأكدت وزيرة الخارجية التي تشارك حالياً في مؤتمر " تحالف الحضارات" في مدريد أن النمسا أصبحت مركزا للحوار، مشيرة في هذا الصدد إلى مؤتمر الأئمة المسلمين الذي انعقد في مدينة غراتس الجنوبية العام الماضي حيث حقق هذا المؤتمر نجاحا كبيرا في إرساء حوار الأديان والثقافات. وأضافت بلاسنيك قائلة " ولمواصلة هذه الحوارات الهامة يجب علينا تجنب المغالطات والأحكام المسبقة المتكررة". وخلصت الوزيرة النمساوية إلى القول انه لا يوجد صراع بين الحضارات بل هناك تصور مشترك للعيش معا في وئام سواء في النمسا أو على النطاق الأوروبي مما يحتم علينا أن نتحمل جميعاً المسؤولية تجاه هذا الموضوع. وعلى صعيد آخر يتصل بتبعات هذه التصريحات العنصرية المعادية للمسلمين بدأت النيابة العامة في ولاية (شتايرمارك) تحقيقاتها فيما إذا كانت هذه التصريحات تندرج في إطار إثارة الكراهية العنصرية داخل المجتمع التي يعاقب القانون النمساوي من يرتكبها بالسجن لفترة يمكن أن تصل إلى عشر سنوات. وكانت هذه السياسية اليمينية النمساوية قد شنت خلال حفل انتخابي جرى يوم الأحد الماضي في مدينة غراتس عاصمة ولاية شتايرمارك هجوماً غير مسبوق على المسلمين وعلى نبيهم الكريم عندما قالت إن النبي محمد شن حروبا كثيرة فهو قائد حرب، كما يعتبر وفقا للقواعد المطبقة حاليا "مغتصب أطفال" وانه كتب أجزاءً كبيرة من القرآن الكريم وهو "في حالة صرع" وذلك على حد زعم هذه السياسية المتطرفة. من جانبه شجب زعيم حزب الخضر النمساوي المعارض ( ألكسندر فان دير بيلين ) هذه التصريحات ووصفها بأنها " غباء سياسي لا يمكن احتماله ". بينما دعت الهيئة الإسلامية في النمسا الجالية المسلمة إلى الالتزام بالهدوء وعدم الرد على استفزاز سياسيين وصفتهم بأنهم من الدرجة الثالثة". في حين قال متحدث بلسان الكنيسة الكاثوليكية في فيينا " باعتبارنا مسيحيين فأننا ننأى بأنفسنا عن مثل هذه الملاحظات التي تشكل إساءة لديانات أخرى". كما شجبت الطائفة اليهودية في فيينا هذه التصريحات متهمة حزب الأحرار اليميني النمساوي "بالإساءة لمشاعر دينية بهدف تحقيق مكاسب سياسية". أما زعيم حزب الأحرار اليميني المتطرف ( كريستيان شتراخه) فقد رفض الليلة الماضية في مقابلة مع التلفزيون النمساوي الاعتذار عن الإساءة التي تفوهت بها زميلته ( سوزانه فينتر) ضد المسلمين.