بدأت العلاقات المصرية الأوروبية تتخذ منحنى تصاعديا بعد التقرير الذي أصدره البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان في مصر الأمر الذي أثار عاصفة من الرود داخل الاوساط المصرية لدرجة جعلت القاهرة تلغي المحادثات السياسية مع مسؤولين في الاتحاد الاوروبي، واتهام أوروبا بممارسة العنصرية ضد الاقليات الدينية والعرقية، فضلا عن وصف التقرير بأنه تدخل سافر في شؤون مصر ويتضمن مغالطات وادعاءات ويتسم بضعف الحجة. وهو الأمر الذي دفع مصدر دبلوماسي في لندن للقول:" ان القاهرة تسرعت في رد فعلها الذي خلق ازمة سياسية دون مبرر مع كتلة دولية تمثل العلاقات معها اهمية استراتيجية كبري. وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان أصدرته:" في ضوء رد الفعل السلبي الذي أحدثه قرار البرلمان الاوروبي الأخير بشأن مصر، وما أفرزه من أجواء متوترة، فقد أخطر الجانب المصري المفوضية الأوروبية بأن انعقاد اللجنة الفرعية للمشاورات السياسية بين الجانبين في المرحلة الحالية ليس ملائما". ودان مجلس الشورى المصري قرار البرلمان الأوروبي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وكرر ما أدلى به مسؤولون في الخارجية من تصريحات وصفوا فيها تقرير البرلمان الأوروبي، بأنه "يمثل تدخلاً صريحاً سافراً في الشؤون الداخلية لمصر" . واكدت الخارجية المصرية كذلك إلغاء محادثات سياسية كانت مقررة نهاية الاسبوع الحالي مع مسؤولين كبار بالاتحاد الاوروبي في إطار لجنة أوروبية مصرية مشتركة للشؤون السياسية، كان مقرراً أن تعقد بالقاهرة تنفيذا لاتفاقية الجوار الجديدة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، وذلك بعد أن أدرج موضوع حقوق الإنسان على جدول أعمال اجتماع تلك اللجنة. من جانبها أدانت الحكومة القرار على لسان مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية التقرير،قائلا:" إن قرار البرلمان الأوروبي الأخير الخاص بحالة حقوق الإنسان في مصر يتضمن مغالطات وادعاءات ويتسم بضعف الحجة"، وأضاف شهاب:" إن أي مجتمع يشهد حالة تطوير دائم لمنظومة حقوق الإنسان فيه وتطوير لتعامله مع قضايا حقوق الإنسان سعيا لصون حقوق مواطنيه وحرياتهم، وأن مصر ليست استثناء من ذلك، بل إن السنوات الأخيرة شهدت العديد من الخطوات والتعديلات التشريعية التي استهدفت جمعيها دفع منظومة حقوق الانسان في مصر إلى الأمام . كما أعلن مجلس الشورى المصري في بيان أصدره بهذا الصدد:" إن مصر لم ولن تقبل أية تدخلات في شؤونها الداخلية من أي طرف حتى لو كان صديقا لمصر"، وأضاف "إن القرار خرج بطريقة سافرة عن لغة التعامل والحوار البرلماني واستخدم أسلوباً استعلائياً متعجرفاً، وهو أمر مرفوض تماما"، وفق ما ورد في بيان المجلس. ووصف صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى قرار البرلمان الأوروبي بأنه "يعتبر خروجاً على التقاليد البرلمانية المتعارف عليها وتجاوزا لأعراف استقرت عليها علاقات الدول بالمنظمات الدولية، وخرقا واضحا للمبادئ الحاكمة للعلاقات الدولية، وانتهاكا بينا لميثاق الأممالمتحدة، وأحد أهم مبادئه حول حظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بل ويعد نكوصا على أحد القرارات التي صدرت عن الاتحاد البرلماني الأوروبي ذاته في دورته الأخيرة والمنعقدة في بالي بأندونيسيا، والذي قضى برفض تدخلات الدول في الشئون الداخلية لغيرها . كذلك وجهت الحكومة المصرية الاتهام بأن الاقليات الدينية والعرقية تواجه تمييزا متزايدا ضدها في اوروبا، وأعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية في بيان عن قلق مصر العميق ازاء حالة التردي الذي تشهده حالة حقوق الاقليات الدينية والعرقية والمهاجرين في القارة الاوروبية بشكل عام . وأضاف البيان ان المتحدث أدان انتشار ظاهرة كراهية الاجانب والتمييز ضد المسلمين في مختلف انحاء اوروبا، وأشار البيان الي تقرير لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا جاء فيه ان المسلمين في اوروبا يعانون من التمييز ضدهم في التعليم والاسكان ويعانون من تصويرهم كارهابيين ومتطرفين وعدوانيين . وقال التقرير الذي صدر في عام 2006 ان عدم التسامح والتمييز ضد المسلمين أصبح سائدا بدرجة متزايدة في منطقة منظمة الامن والتعاون في اوروبا في السنوات الاخيرة، ورفضت حكومة مصر وبرلمانها قرار البرلمان الاوروبي الذي وصف بأنه تدخل غير مبرر في الشؤون المصرية. وقال البرلمان المصري انه سيقطع بعض اشكال الاتصال بالبرلمان الاوروبي. ومن جانبها رحبت جماعة الإخوان المسلمين بجوانب تضمنها قرار البرلمان الاوروبي. وقال حسين ابراهيم نائب رئيس الكتلة البرلمانية لجماعة الاخوان المسلمين انه يرفض مبدأ قطع العلاقات مع البرلمان الاوروبي. وقال حقوق الانسان أصبحت لغة عالمية مع وجود خصوصية لكل دولة . وأضاف حين يتحدث (البرلمان الاوروبي) عن وجود تعذيب في مصر فهذا حقيقي. وحين يتحدث عن احالة مدنيين للمحاكمة العسكرية فهذا موجود. هذا ما ينبغي التحاور بشأنه بطريقة شفافة وموضوعية . وكان البرلمان الاوروبي دعا في قراره الذي صدر الخميس الماضي حكومة مصر الي انهاء جميع أشكال التجاوز بما فيها الاجراءات القضائية واحتجاز العاملين في وسائل الاعلام وبشكل أكثر عمومية التجاوزات التي ترتكب ضد المدافعين عن حقوق الانسان والنشطين . ودعا المشرعون الاوروبيون في القرار الي الافراج الفوري عن الزعيم المعارض أيمن نور وتغيير القوانين الخاصة بالمحاكم العسكرية التي استخدمتها السلطات المصرية في بعض الاحيان ضد المعارضين السياسيين، وقال البيان الصادر عن الخارجية المصرية ان مصر ترفض جملة وتفصيلا محاولة أي طرف ان ينصب نفسه مفتشا علي أوضاع حقوق الانسان في مصر أو وصيا علي الشعب المصري .