وصل معدل التضخم في السعودية إلى 4.1 في المئة وفق بيانات رسمية مرتفعًا بأكثر من 3 في المئة منذ قرابة خمس سنوات، عندما كان يتراوح عند مستويات 1 في المئة مما حدى بمجلس الوزراء السعودي لإصدار 17 قرارًا أعدته لجنة خاصة شكلت لوضع الحلول المناسبة لكبح جماح التضخم والتعاطي معه بمنظور قصير وطويل الأجل. وعبر استعراض ما تم إقراره نجد أن الدراسة اعتمدت على معالجة سريعة تخفف من أثر إرتفاع الأسعار على دخل المواطن من خلال تخفيض الرسوم على كل ما له علاقة بخدمات وصول السلع إلى الأسواق وتقديم دعم للسلع الأساسية.فقد أقر المجلس تحمل الدولة لنسبة 50 في المئة من رسوم الموانئ والتي تقدر بقرابة 2.5 مليار ريال سنويًا، بما لا يؤثر على برنامج إشراك القطاع الخاص بإدارة الموانئ وسياسة تخصيص القطاع أي أن الدولة ستتحمل سنويًا 1.250مليون ريال لمدة ثلاث سنوات مما سيشكل دعمًا لاستقرار أسعار السلع وسيساهم بزيادة ربح الشركات المصدرة في الوقت نفسه. كما أقر المجلس تحمل الدولة لنسبة 50 في المئة لرسوم الجوازات ورخص السير ونقل الملكية وتجديد واستصدار إقامات العمالة المنزلية كدعم إضافي لإبقاء النقد في يد المواطن من جهة، وكدعم للشركات ببعض النواحي من جهة أخرى، مما سيخفض أجور النقل ويؤثر على أسعار السلع، ولكن يبقى دعم إقامات العمالة المنزلية في صالح لفئات محدودة بالمجتمع. حيث تحتاج الأسرة السعودية إلى سائق واحد وعاملة منزل واحدة بأحسن الأحوال، مما يعني توفير قرابة 500 ريال لكل أسرة بخلاف أن الأسر الفقيرة لا تحتاج إلى عمالة منزلية نظرًا لعدم مقدرتها على الإيفاء بحقوقهم مما يعني أن المستفيد الأكبر سيكون الأسر التي يعمل لديها أكثر من سائق وعاملة منزل وهؤلاء يشكلون الطبقة الغنية التي لا تحتاج إلى دعم . كما تم إقرار بدل غلاء معيشة بواقع 5 في المئة ويأتي تقدير هذه النسبة تبعًا لمستوى التضخم الذي يقف عند 4.1 في المئة، ويتوقع ألا يتخطى حاجز 5 في المئة لهذا العام ومع ارتفاع بالعامين القادمين فإن إقرار هذه النسبة لمدة ثلاث سنوات سيستوعب أي ارتفاع يطرأ لاحقًا. ممّا يعني أن الدراسة وضعت بند زيادة الدخل، بطريقة لا تعبر زيادة بالرواتب التي يخشى أن تكون عامل مساعد على رفع التضخم بينما وضعت تغطية تتناسب مع معدل التضخم فقط. يما دعمت مخصص الضمان الاجتماعي للفئات الأكثر فقرًا بنسبة 10 في المئة كونها الطبقة الأكثر تضررًا في المجتمع، ودخلها ثابت لا يخضع لأي علاوة سنوية كباقي الموظفين . كما ركزت الدراسة على دعم السلع الرئيسية تحديدا لأنها الأكثر استهلاكًا للأسر عمومًا للمحافظة على قدرة الفرد على الإنفاق على باقي السلع دون تأثير في محاولة لإبقاء عجلة النمو قائمة دون أن تتأثر باقي النشاطات لأن ارتفاع السلع الرئيسة سيقود إلى التركيز الإنفاق عليها وإهمال باقي السلع الأخرى مما سيتسبب بركود اقتصادي كون الاقتصاد يعتمد بالدرجة الأولى في عجلته على إنفاق الفرد . ويأتي إقرار تسهيل إجراءات فتح المنافسة من خلال إعادة النظر بنظام الوكالات التجارية وتامين الفرصة لأي مستثمر باستيراد السلع للسوق كعامل رئيس يصب بالنظرة البعيدة لتوازن العرض والطلب بالسوق وإلغاء المنافسة الاحتكارية القائمة، إلا لبعض السلع، وسيظهر أثر هذا القرار بعد سنة على الأقل تبعًا لسرعة انجاز الإجراءات والتنظيمات التي ستيسر الحركة التجارية بهذا الجانب مستقبلاً. ويبرز من بين أهم القرارات المطالبة بإصدار نظام الرهن العقاري لأن تضخم العقار والإيجارات أصبح عاملاً مؤثرًا بمعدل التضخم كما أن الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب أصبحت مقلقة للاقتصاديين، مما ينذر بارتفاع أسعار العقار بأكثر من الوضع الحالي، ولكن مع صدور نظام الرهن العقاري سيحد من ارتفاع الإيجارات ويساهم بتوجيه جزء من النقد المتكدس بالبنوك إلى تملك الأصول للأسر السعودية وتنشيط القطاع العقاري بشكل كبير. ولكن سيصطدم المطورون والمستهلكون بإرتفاع أسعار مواد البناء خصوصًا الاسمنت والحديد، نظرًا لزيادة الطلب المتوقعة إذا لم يراعى ذلك من الآن بزيادة المعروض وزيادة حصة السوق المحلية من إنتاج المصانع السعودية للمادتين، كما لن يخلق هذا النظام ارتفاعًا بأسعار الأراضي، لأن المطورين سيعتمدون على الأراضي الرخيصة لتقليص التكلفة، وبالتالي تناسب الأسعار مع متوسط الدخل العام للموظفين الطبقة الأكبر بالمجتمع وتكون موازية لما يدفعه من إيجار حاليًا. أتي التركيز على ضرورة مراقبة الأسواق ونشر حركة الأسعار من باب مراقبتها وتوفير المعلومات على السلع البديلة للمادة نفسها وإظهار الفروق السعرية لتأمين المعلومة لدى المستهلك عن مستوى الأسعار بخلاف مراقبة الأسعار من قبل الجهات الرسمية لمنع التلاعب. وتأتي التوعية للمستهلك من ضمن القرارات للتأثير على العادات الاستهلاكية التي تأكل جزءًا من الدخل وذلك من خلال التوجيه إلى ضرورة الإنفاق على الاحتياجات وفق خيارات تعدد السلع وفرق الأسعار بينها مما سيحد من الطلب على سلعة نوع معين من السلع دون غيرها . كما يأتي قرار تخفيض أسعار الأدوية وإقرار التأمين الطبي للمواطنين لتوفير رعاية صحية اكبر وتخفيف نفقات البند الطبي بميزانيات الأسر السعودية كأحد أهم البنود التي طالبت الدراسة بضرورة إصدارها وتفعيلها فورًا. فيما خلصت الدراسة إلى تسهيل إجراءات استقدام العمالة للحد من ارتفاع أجورها وتخفيف قيمة التكاليف للمناقصات الحكومية وكذلك لاحتياجات مشاريع القطاع الخاص،لكن ما سيقف عائقًا أمامها بشكل نسبي خصوصًا من ناحية استقدام العمالة الماهرة انخفاض قيمة الريال تبعًا لانخفاض الدولار، مما اثر بشكل كبير على روق تحويل العملة لتكل الدول وبالتالي يأتي اثر رفع الأجور لتلك العمالة ليس من باب نقصها فقط بل من باب تغير سعر العملة السعودية تحديدًا. وبالنظر إلى مجمل ما صدر من قرارات يلاحظ دقت المعالجة البعيدة النظر للتضخم مع التحفظ على رفع الرواتب بالمرحلة الحالية، خوفًا من تفاقمه بشكل كبير، حيث أن المتعارف عليه أن يأتي رفع الأجور متزامنًا مع زيادة الإنتاج لأنه يكون بذلك عاملاً محفزًا على توسيع قاعدة الدخل الوطني ويكون متناسبًا مع ارتفاع معدلات النمو الناجمة عن الإيرادات غير النفطية. "إيلاف "