أظهرت ارقام حكومية يوم الثلاثاء ان القتال بين قوات الامن العراقية وميليشيا شيعية الشهر الماضي رفع اعداد القتلى المدنيين في البلاد الى اعلى مستوياتها خلال اكثر من ستة اشهر. وأوضحت بيانات جمعتها وزارات الداخلية والدفاع والصحة وحصلت عليها ان 923 مدنيا في الاجمال قتلوا في مارس اذار بزيادة 31 % عن فبراير شباط مما يجعل شهر مارس اذار اكثر الشهور دموية منذ اغسطس اب عام 2007 . وتمثل الارقام لطمة للحكومة العراقية والولاياتالمتحدة اللتين اشارتا الى تراجع مستويات العنف في الشهور القليلة الماضية كدليل على أن الحملات الامنية الكبيرة حققت تقدما كبيرا. وقتل مئات واصيب كثيرون اخرون في قتال الاسبوع الماضي بعدما امر رئيس الوزراء نوري المالكي بشن حملة ضد رجال ميليشيا شيعية في مدينة البصرة الجنوبية. وكان كثير من القتلى مدنيين حوصروا وسط تبادل اطلاق النيران. وكانت البصرة هادئة نسبيا ليوم ثان على التوالي يوم الثلاثاء بعدما امر رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يوم الاحد مقاتليه بالانسحاب من الشوارع. وأعلن المالكي في بيان نجاح العملية العسكرية في اقرار الامن وقال انها حققت اهدافها في فرض القانون في محافظة البصرة. لكن خبراء قالوا ان العملية جاءت بنتائج عكسية لانها كشفت ضعف الجيش وعززت قاعدة التأييد التي يتمتع بها الصدر. وخلال القتال أقر وزير الدفاع العراقي بأن قواته فوجئت بضراوة المقاومة. وقال المحلل السياسي العراقي غسان العطية الذي يتخذ من لندن مقرا له " الحكومة أساءت حساب الموقف والمالكي خسر كثيرا." ونقلت وكالة رويترز عن مراسلها في البصرة قوله: ان مزيدا من المتاجر فتحت ابوابها وان الشوارع تمتليء بالمارة والسيارات. لكن كثيرا من المدارس والمكاتب الحكومية ما تزال مغلقة. وكشف القتال صدعا عميقا داخل الاغلبية الشيعية في العراق بين الاحزاب السياسية المشاركة في حكومة المالكي واتباع رجل الدين الصدر صاحب الشعبية. وقال الصدر لاتباعه في بيان حصلت عليه رويترز "الشكر لكم من الله وليس مني على تجشمكم الصعوبات وعلى صبركم وطاعتكم وتكاتفكم ودفاعكم عن شعبكم وارضكم وعرضكم." واضاف "والسلام على المجاهدين الذين لم يجعلوا للعدو مكانا امنا وجعلوا من المحتل عدوا لهم ومن الشعب صديقا لهم." ودعا الصدر اتباعه الى حشد جهودهم من اجل "مواجهة العدو الاكبر" مشيرا للقوات الامريكية في العراق. ورغم الارتفاع الحاد في عدد الخسائر البشرية الشهر الماضي الا ان حصيلة مارس 2008 ما زالت اقل بكثير من 1861 مدنيا قتلوا في نفس الشهر قبل عام مضى حين كان العراق على شفا حرب اهلية شاملة. واصيب 1358 مدنيا في الاجمال في مارس مقارنة مع 2700 جريح قبل عام. وأظهرت البيانات العراقية ايضا مقتل 102 من افراد الشرطة و54 جنديا في مارس بالمقارنة مع 65 شرطيا و20 جنديا في فبراير شباط وان 641 مقاتلا قتلوا واحتجز 2509 . وتراجعت الهجمات بصورة عامة منذ يونيو حزيران الماضي حين اكتمل نشر 30 الف جندي امريكي اضافي. وكانت هدنة اعلنها الصدر من جانب واحد في اغسطس اب الماضي عاملا مهما اخر في خفض الهجمات. وقال وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس يوم الاثنين ان اعمال العنف الحديثة في جنوب العراق لن تعرقل خطط الولاياتالمتحدة لسحب 20 الف جندي بحلول يوليو تموز. ويقول القادة الامريكيون انهم يتوقعون بقاء 140 الف جندي في العراق بمجرد اكتمال الانسحاب. ومن المقرر ان يقدم قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس والسفير الامريكي لدى بغداد ريان كروكر تقرير حالة عن الوضع في العراق الى الكونجرس الاسبوع القادم. ومن المتوقع ان يوصي بتريوس في التقرير المرتقب بوقفة في سحب القوات لتجنب فقدان المكاسب التي تحققت في الشهور القليلة الماضية. ووافق الصدر على سحب مقاتلي جيش المهدي من الشوارع بعدما وافقت السلطات الحكومية على وقف اعتقال اتباعه وتنفيذ عفو لاطلاق سراح سجناء. لكن أتباع الصدر قالوا ان قوات الامن العراقية تواصل اعتقالهم. وكرر المالكي الثلاثاء امره لقوات الامن العراقية بوقف غاراتها على مقاتلي جيش المهدي وعدم القاء القبض على مسلحين الا بأمر اعتقال. لكن مؤيدي الصدر قالوا ان الغارات استمرت. وقال ناصر العيساوي عضو الكتلة البرلمانية للصدر "لدينا معلومات عن عمليات كثيرة تستهدف اتباع الصدر وخاصة في البصرة." واضاف "هذا خطر جدا ويهدد الاتفاق." وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف ان قوات الامن العراقية القت القبض على 12 على الاقل من "المجرمين" في البصرة وعلى ثلاثة في الزبير القريبة. وقال العيساوي ان قوات الامن اعتقلت 70 فردا على الاقل في حي الحمزة في مدينة الحلة الشيعية الجنوبية. ويحذر المحللون من ان القتال يمكن ان يندلع مجددا بسهولة مع تنافس الفصائل من اجل النفوذ السياسي قبيل الانتخابات المحلية المتوقع اجراؤها في اكتوبر تشرين الاول. وتقول الحكومة ان العملية العسكرية في البصرة الاسبوع الماضي استهدفت فرض النظام والقانون لكن اتباع الصدر يقولون انها كانت محاولة لتقليص نفوذهم قبيل الانتخابات. *رويترز: